مقالات مختارة

هل يُنهي كامب ديفيد حزب الله؟

عبد الرحمن الراشد
1300x600
1300x600
ضد صيغة الاتفاق على البرنامج النووي الإيراني مع الغرب يقف فريقان؛ دول الخليج العربية وإسرائيل. ومن المؤكد أن يسعى الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى تقديم ما يطمئن كل فريق، وقد خصصت زاوية أمس عن الاعتراضات الخليجية. 

لكن ماذا عن إسرائيل، الدولة الأكثر تأثيرًا على القرار الأميركي؟ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فاز قبل أيام برئاسة الحكومة للمرة الثالثة، وأصبح على الرئيس الأميركي أن يتعامل معه بجدية أكثر، بعد أن جرب أوباما حظه ووقف ضده قبل الانتخابات. ولن يستطيع البيت الأبيض تمرير الاتفاق النووي الإيراني في الكونغرس الأميركي بسهولة دون أن يأخذ في الاعتبار التحفظات الإسرائيلية.

وفي بازار السياسة لكل شيء ثمن، وعلى أوباما أن يرضي إسرائيل، وقائمة المشتريات والهدايا تتوقعها ثمنًا. هناك وعود من الإدارة الأميركية لإسرائيل بأنها ستعزز دفاعاتها، لتضمن استمرار تفوقها على إيران والمنطقة. المطالب الأكثر حيوية وأهمية للإسرائيليين من الأسلحة، ستكون إعادة ترتيب المحيط الجيوسياسي، الذي يمس أمن الدولة العبرية، المرتبط بإيران.

لنتذكر أن استراتيجية إيران منذ الثمانينات مواجهة الغرب ببناء وكلاء لها في المنطقة يحاربون عنها، وتستخدمهم لأغراضها السياسية. 

حزب الله اللبناني هو الوكيل الأول، وهناك فصائل فلسطينية، أبرزها حماس. ويقوم الوكلاء عادة بخدمة الأجندة الإيرانية، مثل قيام حزب الله بخطف أساتذة جامعات، ورجال دين، وجواسيس أميركيين وبريطانيين في الثمانينات ضمن الصراع مع هاتين الدولتين. 

وكانت الوظيفة الأهم فتح جبهة حرب مستمرة عبر لبنان للضغط على إسرائيل لخدمة الأهداف الإيرانية، فمعظم الحروب الإسرائيلية في لبنان لم تكن لها علاقة باللبنانيين أنفسهم، بل استخدم لبنان كونه الأرض الرخوة، وبدأت مع التنظيمات الفلسطينية، وبعد نفي منظمة التحرير تم توطين المواجهة عبر قوى، أبرزها حزب الله، أسسه الإيرانيون لهذا الغرض. 

ومع أن القيادة في طهران، ومعها القوى الحليفة، ترفع على الدوام شعار الدفاع عن فلسطين، فإنها في الغالب كانت تلعب أدوارًا ضمن الصِّراع الإقليمي بين إيران وخصومها.

في رأيي، لن يكون هناك اتفاق غربي إيراني على إنهاء حالة الحرب بينهم، التي صار عمرها خمسة وثلاثين عامًا، دون الأخذ في الاعتبار قضية وكلاء إيران، وتحديدًا حزب الله وحماس. 

أستبعد تمامًا أن يوجد إطار اتفاق نووي، وفي الوقت ذاته يسمح لإيران بتهديد أمن إسرائيل على حدودها مباشرة، ما يستوجب إلغاء وظيفة حزب الله العسكرية. وفي تصوري، لن تكره قيادة حزب الله فكرة إنهاء وظيفتها ككتيبة متقدمة لإيران ضد إسرائيل. فالحزب، رغم البروباغندا الطويلة، كان يتعرض لهزائم موجعة من إسرائيل بحكم فارق ميزان القوى، وكان عليه تحملها، لأنها طبيعة وظيفة الوكيل المكلف بإثارة المتاعب نيابة عن إيران، أن يقلق إسرائيل ويتحمل الخسائر التي يتم تعويضه عنها بعد كل حرب.

ورأينا أخيرًا أن وظائف الحزب تعددت، نتيجة تعدد حروب إيران الإقليمية، واضطر أن يرسل أولاده للقتال نيابة عن الإيرانيين إلى سوريا والعراق. بعد توقيع الاتفاق، من المتوقع أن تكون نهاية حروب لبنان مع إسرائيل، لكن لا ندري إن كانت إيران ستظل تستخدم الحزب في حروبها الإقليمية الحالية والمقبلة، وبالتالي سيستمر الحزب كميليشيات تعيش على الدعم المالي الإيراني، وبسببه يستمر لبنان في حالة عدم استقرار إلى سنوات. أو أن تُمارس الولايات المتحدة وحلفاؤها ضغوطًا كبيرة على إيران، في إطار الاتفاق النووي وكامب ديفيد الإقليمي، بحيث تلزمها بإنهاء حالة الحروب التي تشنها عبر وكلائها في المنطقة، التي هي سبب أساسي في ديمومة الفوضى.

وهناك حركة حماس، مثل حزب الله، ارتبطت بمصالح وتوجيهات كل من سوريا وإيران، لزمن طويل. وخاضت حروبًا ضد إسرائيل والسلطة الفلسطينية خدمة للسيدين في دمشق وطهران. وكان في داخل الحركة دائمًا حالة تململ وشكوى ضد الارتباط بإيران، لكن كانت قيادة حماس دائمًا تدعي الحاجة إلى الدعم الخارجي. 

الآن، وبسبب التطورات الأخيرة، حيث توقفت إيران عن استعداء إسرائيل، ويعتبر النظام المصري الجديد نفسه في مواجهة ضد الحركة، نرى قادتها في وضع صعب، وقد عرضوا على إسرائيل مشروع هدنة طويلة، خمسة عشر عامًا، طبعًا لا يسمونه سلامًا، لكن كل اتفاقات السلام هي في الحقيقة هدن طويلة. إسرائيل قد تقبل بها، لأنها ستعزز حالة الانقسام الفلسطيني، أيضًا.

ويبقى الاتفاق الأميركي الإيراني أخطر تطور محتمل، وستكون له انعكاسات متعددة على المنطقة، شكلاً ومضمونًا، لا ندري سلبًا أم إيجابًا، لأنه ينهي حالة كانت السبب الرئيسي وراء معظم الصراعات الإقليمية، التي بدأت مع بدايات الثورة الإيرانية.



(نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط)
التعليقات (3)
د.هشام احمد
الأحد، 10-05-2015 09:23 م
السيد الراشد،بعد التحيه،في المثل المصري عندما يحاول بعض الناس ان يوجدوا حالة تماثل بين نقيضين احدهما ابيض اللون والاخر فاقع السواد بطريقه تفقع المراره ،ماذا يقول المثل،،ايش جاب لجاب، يا سيد غبدالرحمن حماس هي الوحيده التي تدافع عن شرف العرب والذي تنتهكه اسرائيل صباحا ومساء وعندما كان حزب الله في نفس الخندق مع حماس في مقاومة اسرائيل كان جل العرب مع الطله البهيه لحسن نصر الله، اما عندما استخدمت ايران حزب الله ضد الثوره السوريه، والذي انت ضدها وضد كل الثورات العربيه،،بينما حماس لم تقف ابدا ضد الشعب السوري ورفضت الاغراءات الايرانيه رغم حاجة الشعب الفلسطيني للمساعده خصوصا بعد الحصار الخانق الذي فرضه عليهم صديقك تاجر الارز عبدالفتاح السيسي، حبيبك.ياسيد راشد ان تكون ليبراليا ليس عيبا ولكن ان تتماهى مواقفك مع من هو ضد الشعوب فهذه حاله استعلائيه مرضيه علاجها عند عزرائيل،
pearls shineل
الأحد، 10-05-2015 03:35 م
أستاذ أن شئت أم ابيت. لقد أكتمل دوركم . وستتزوج أمريكا بزوجه جديده والجديد له حلاوه. ومهرها غالي وعشيرتها لهامن يساندها ووزن ثقيل في الحسابات. والعروس بالذات غنيه لها تاريخ وحظاره وعشيرتها كثيرة العدد ولها أحلافها ويدها الطويله في المنطقه . وليست عشائر بينهت ظغائن و حسابات. فلاتحلمو أحلام العصافير. فهي ليست مثلكم تبيعون أهلكم بسرعه وتخافون من نحزب الله لئنه حققمع أسرائيل بئمكاناته الصغيره ماعجزتم عنه مجتمعين .فولد عندكم عقدة.
لا يريد أن يرحم
الأحد، 10-05-2015 01:00 م
مع الأسف .. لا ينفك البعض يبحث عن تهمة يرمي بها من هم خير منه، أي منفذا لينفي عن نفسه الصورة التي يراه عليها كثير من، وهو يعلمها .. فماذا وجد؟ حركات المقاومة تحصل على نوع من الدعم من ايران.. لعل هذا الدعم يخفف من وطأة اعتداءات يهود وقنابلهم على الشعب الفلسطيني.. يا للهول؟ حماس حصلت في وقت على دعم من ايران؟؟ أن هذا لشيء عجيب. ثانيا لا يعيبهم بل ومتمسكون بثوابتهم وأخلاقهم. ك رأينا في الأزمة السورية.. رغم قلة النثير وكثرة المتربصين والمتآمرين.. تحية لرجال أكناف بيت المقدس المذكورين في الحديث