قضايا وآراء

ميزانية العراق بين النفط والفساد

أحمد الملاح
1300x600
1300x600
بعد تولي العبادي رئاسة الوزراء في العراق أدرك أنه يواجه غولا يوازي غول الوضع الأمني المتردي بالعراق خاصة بعد سقوط مدن ومحافظات عراقية في يد تنظيم الدولة (داعش).
 
إن هذا الأمر أدركه العبادي من اللحظة الأولى لتوليه مقاليد السلطة التنفيذية في العراق الذي يعتمد في ميزانيته بشكل كبير جدا على تصدير النفط الذي بدأ يتدهور سعر البرميل في السوق واضعاً العراق بموقف اقتصادي لا يحسد عليه.
 
كان على العبادي الإسراع بإيجاد حل حقيقية لمشكلة الإيرادات العراقية وكيفية وضع موازنة مع هذا العجز الكبير الذي قد حل بميزانية الدولة العراقية خاصة أن العراق يخوض معارك على عدة جبهات مع تنظيم الدولة الأمر الذي سيرهق العراق اقتصاديا ويستنزف الكثير من البنى التحتية له وانخفاض الصادرات بسبب سيطرة التنظيم على عدد من الحقول النفطية في شمال العراق.
 
قرر العبادي التوجه بالاتجاه الصحيح رغم صعوبة وخطورة الأمر، لكن لا يوجد بديل عن هذا الخيار الصعب وهو فتح ملف الفساد بالدولة العراقية الذي في الحقيقة يشكل الخطر الأكبر على الميزانية العراقية الذي يعتقد انه يصل لمرحلة سرقة أكثر من 60% من مجمل الموازنة للدولة العراقية الأمر الذي دق ناقوس الخطر بشدة.

أطلق العبادي أول قنابله المدوية بفضيحة ما يسمى "الفضائيين" وهم 50 ألف اسم وهمي في المنظومة الأمنية العراقية يتم إعطائهم مبالغ شهرية كرواتب تذهب للمختلسين من ضباط ومراتب ومسؤولين الأجهزة الأمنية وهم فقط أسماء على الأوراق بدون وجود على الأرض، الأمر الذي أعطى الأمل للعراقيين بغد أفضل وأن ملف الفساد سيفتح على مصراعيه وسيحاسب الجميع على سرقتهم أموال العراق المثقل بالديون والجراح والحروب.
 
ولكن الأمر لم يستمر! ويبدو أن العبادي لم يستطع تخطي الخطوط الحمراء مرة ثانية فقد كانت المرة الأولى "فلته" لا يمكن تكرارها في الوضع الحالي ولم نشاهد عمليات كشف ومحاسبة الفساد مماثلة لما حدث، فهناك ملفات مسابقة مثل صفقات الأسلحة التي أزكمت الأنوف في حينها وملف إغاثة النازحين الذي ما يزال مفتوح بدون أي تحرك حقيقي لكشف الفساد في هذه الملفات وغيرها الكثير 
لا أعلم هل العبادي ينتظر الوقت المناسب لكشف ملف آخر ويطرح قنبلة شبيهة بملف "الفضائيين"، أم أنه أيقن أن مافية الفساد هي من يحكم العراق ولا بديل عن التعامل معها كواقع فرض نفسه، أم أنه دخل اللعبة متأخراً؟  

المستقبل القريب كفيل بكشف السيناريو الحقيقي الذي ينتظر العراق وملف الفساد المتربع على عرش ميزانيته النفطية.
0
التعليقات (0)