سياسة عربية

الأنفاق تشعل "الحرب الباردة" بين القسام والاحتلال

حماس تستعيد جهوزيتها لما تطلق عليها بـ"حرب التحرير" - الأناضول
حماس تستعيد جهوزيتها لما تطلق عليها بـ"حرب التحرير" - الأناضول
عجّت مواقع إعلامية تابعة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" خلال الأيام الأخيرة، بصور لمحمود الزهار أحد أبرز قادة الحركة خلال زيارته لأحد المواقع التابعة لذراعها العسكري "كتائب القسام"، وهو يتفقد الحدود الشرقية لقطاع غزة، في سابقة تعدّ الأولى من نوعها التي يقوم بها قيادي بهذا المستوى.

وذكر المكتب الإعلامي لـ"حماس"، أن هذه الصور التقطت للقيادي البارز في الحركة خلال زيارته لموقع تدريب متقدم تابع لـ"كتائب القسام" يكشف مواقع عسكرية للجيش الإسرائيلي على الجهة الأخرى من السياج الفاصل على حدود الأراضي المحتلة عام 1948، دون تحديد تاريخ الزيارة.

ويظهر الزهار وهو أب لشهيدين أحدهما كان قائداً ميدانياً في الكتائب، في الصور وهو ينظر إلى المواقع العسكرية الإسرائيلية بمنظار عسكري، يؤشر بيديه تجاه تلك المواقع.

ربما تكون هذه الصور في إطار الرسائل المتبادلة بين حركة "حماس" والاحتلال الإسرائيلي بعد الحرب الضارية التي تعرض لها القطاع قبل تسعة أشهر، وحديث تل أبيب المتكرر عن إعادة "حماس" بناء الأنفاق الهجومية ومنظومتها العسكرية.

من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب أن نشر صور الزهار تعكس "رسالة تحد سياسية كبيرة لإسرائيل من أبرز أعضاء القيادة السياسية لحركة حماس، تماماً كما ظهرت رسالة التحدي من القيادة العسكرية خاصة بعد الحرب على غزة"، وفق تقديره.

وقال الغريب إن "هذه التحركات من كتائب القسام تأتي استكمالاً لما تقوم به الكتائب بوتيرة سريعة من إعادة بنيتها العسكرية، وتطويرها قدراتها الصاروخية، وأيضاً في إطار طمأنة القيادة السياسية على مجريات العمل العسكري لها، ومدى استعدادها للمواجهة المقبلة".

وأضاف: "ما تقوم به كتائب القسام يمثل نقلة نوعية في طبيعة الصراع بين المقاومة والاحتلال، ويشير إلى أن المقاومة وصلت إلى قمة التحدي في المواجهة مع الاحتلال، كما أنه يأتي في إطار التكتيك العسكري لضمان الجهوزية التامة وتحقيق أهداف عسكرية مثل التمهيد لتحرير أراضٍ محتلة، أُقيمت عليها مستوطنات إسرائيلية، والسيطرة عليها في مناطق غلاف غزة التي أخلاها الاحتلال بشكل شبه كامل خلال العدوان الأخير على غزة، نظراً لكثافة النيران وقصف قذائف الهاون التي تعرضت لها"، كما قال.

وعدّ أن هذه التحركات تحمل في طياتها "رسالة للشعب الفلسطيني أن المقاومة ممثلة بكتائب القسام لازالت بخير، وأنها ما زالت في الخطوط المتقدمة للدفاع عن أبناء شعبها وتعمل ليل نهار وعلى قدم وساق في كل الأصعدة؛ عسكرياً واستخباراتياً وميدانياً وأمنياً لتحقيق نصر محقق على الاحتلال".

وأضاف: "بشكل عام، الاستعدادات كافة التي يتحدث عنها الإعلام الصهيوني تعكس حالة من الإرباك والصدمة في الكيان الصهيوني شعبياً ورسمياً، لما تتمتع به حركة حماس وجناحها المسلح من قوة وتنظيم وترتيب عسكرياً وأمنياً واستخباراتياً، رغم استنزافها عسكرياً خلال الحرب الأخيرة على غزة".

ورجح الكاتب والمحلل السياسي، أن المواجهة المقبلة ستكون هي "الأشد والأشرس" مع الاحتلال، وستكون المقاومة قادرة على تحقيق إنجازات عسكرية نوعية على الأرض تحسب لها، "وهذا ما عهدناه على حماس وكتائبها، لا سيما وأننا شاهدنا في الحرب الأخيرة عملية الضفادع البشرية في مستوطنة زيكيم، التي تعد من أبرز الإنجازات والاختراقات الأمنية والعسكرية على الاحتلال"، على حد تعبيره.

وجاء نشر صور الزهار بعد وقت قصير من تصريحاته عن مواصلة حركته تطوير سلاحها بالأشكال كافة استعداداً للحرب القادمة، التي سمّاها "حرب التحرير"، حيث قال "إن المقاومة الفلسطينية في حربها الأخيرة مع إسرائيل رسمت الطريق إلى تحرير فلسطين، ووحّدت صفها في الضفة المحتلة وقطاع غزة".

وأضاف: "مشروع فصائل المقاومة مستمر وموحد ضد الاحتلال، وسيحقق النصر على إسرائيل آجلاً أم عاجلاً".

وأوضح الزهار الذي نجا من عملية اغتيال في أيلول/ سبتمبر من عام 2003، أن الفصائل مقبلة على فترة يجب أن ترتب أوراقها على أساس مشروع المقاومة من أجل تحرير فلسطين، وفق تصريحاته.

وكانت "كتائب القسام" كشفت منتصف آذار/ مارس الماضي النقاب عن قيامها ببناء عدد من المواقع العسكرية لها على حدود قطاع غزة، في منطقة مطلة على عدد من المستوطنات اليهودية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.

وأوضحت الكتائب في تقرير خاص نشرته على موقعها الإلكتروني الرسمي، أنه منذ انتهاء الحرب الأخيرة على غزة بدأت الكتائب بـ "مرحلة جديدة من الصراع في الإعداد والتجهيز لمعركة التحرير"، حسب التقرير.

وجاء في التقرير "إن الكتائب باشرت مع انتهاء المعركة في بناء وإعادة إعمار وتشييد عددٍ من مواقع التدريب العسكرية قرب الخط الزائل شمال وشرق وجنوب قطاع غزة، وقد جُن جنون قادة الاحتلال منها، الذين قالوا إن القسام سرعان ما تعافت بعد الحرب الأخيرة، وأصبحت تستعد لجولة المواجهة القادمة بقوة وتحدي".

وأكد أن "دائرة الإعداد والتدريب" التابعة للكتائب أشرفت على الانتهاء من بناء عدد من المواقع.
ونقل التقرير عن أحد مسؤولي "دائرة الإعداد والتدريب" في الكتائب، قوله إن "القسام سيواصل التدريب والإعداد في هذه المواقع ولن يهاب تهديدات الاحتلال، وإن الرسائل التي بعثتها القسام من خلال بناء هذه المواقع وصلت لقادة الاحتلال، وكانت على نفوسهم أشد من وقع السيف"، حسب قوله.

واعتبر القائد القسامي، أن بناء هذه المواقع جاء لطمأنة المواطنين الفلسطينيين والبعث برسالة مفادها بأن "المقاومة لا زالت بخير ولم تنته بعد كما يزعم الاحتلال، وأنها في الخطوط المتقدمة للدفاع عن أبناء شعبها"، حسب قوله.

وأضاف أن "العمل مستمر على قدم وساق لتطوير المواقع وتوسيعها، لتشمل كل ما يلزم لتدريب المجاهدين في التخصصات كافة، فيما رفعت الكتائب راية التوحيد على السواتر الرملية المحيطة بالمواقع، ولا تزال القسام تواصل ترميم وبناء المواقع العسكرية قرب الخط الزائل شمال ووسط وجنوب قطاع غزة، وتعد العدة بشكل علني وواضح أمام العدو وقواته ومغتصبيه، كرسالة قوة وتحد للعدو بعد انتصار العصف المأكول، ولتكون طريقاً بإذن الله نحو تحرير فلسطين كل فلسطين"، على حد تعبيره.

وتضمن التقرير صوراً للمواقع العسكرية للكتائب على طول الحدود، ويظهر فيها بناء حصون أسفل الأرض، وتظهر كذلك الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.

وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، عرضت قبل عدة أسابيع، شريط فيديو يظهر عناصر مسلحة، قالت إنها من "كتائب القسام" تقوم بعمليات حفر للأنفاق بالقرب من الشريط الحدودي باستخدام آليات ثقيلة.

وأعرب مسؤولون ومحلّلون عسكريون إسرائيليون، عن خشيتهم من هذا التطور في بناء الأنفاق والمواقع العسكرية، التي تطل على المستوطنات اليهودية المحاذية لقطاع غزة.

بالتزامن مع هذه التطورات فإن المستوطنين الذين يقطنون في المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، يتحدثون عن سماعهم لأصوات معاول تحفر أسفل منازلهم، الأمر الذي يثير حالة من الخوف والرعب في صفوفهم.

ومن جانبه، قال وزير الجيش الإسرائيلي موشيه يعالون، إن حركة "حماس" نجحت مؤخراً في حفر عدد من الأنفاق الهجومية باتجاه الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.

وقال يعالون في معرض رده على تساؤل بهذا الخصوص، إن لديه معلومات تؤكد حفر أنفاق هجومية ولكن هذه الأنفاق لم تعبر الحدود الإسرائيلية بحسب المعلومات المتوفرة، على حد قوله.

وتشابهت تصريحات يعالون مع تصريحات قائد قوات جيش الاحتلال المحيطة بقطاع غزة الجنرال سامي ترجمان، الذي قال إن "حماس حفرت مجدداً أنفاقاً تحت الأرض توازي أعدادها العدد الذي كانت عليه قبل الحرب الأخيرة على غزة".

تصريحات وزير الجيش الإسرائيلي لم تأتِ بأي جديد للمواطن الغزّي الذي بات يرى بأم عينيه نصب "كتائب القسام" عدداً من الخيام المحاطة بسواتر ترابية، لا تبعد سوى عدة كيلو مترات عن الشريط الحدودي. 

فبحسب المواطنين الذين يقطنون في المناطق الحدودية لقطاع غزة، فإن هذه الخيام تستخدم لحفر الأنفاق وهي ظاهرة للعيان وترصدها المناطيد الإسرائيلية وطائرات الاستطلاع، في حين لم تصدر من "القسام" أي إشارات بشأنها.

بالتأكيد قيادة "كتائب القسام" التي وضعت هذه الخيام على سطح الأرض، تدرك أن طائرات الاحتلال "دون طيار" تصورها وأنها مكشوفة، إلا أنه من غير المعروف ما هو الغرض من العمل بشكل علني لجهاز عسكري عُرف عنه السرية التامة في كل صغيرة وكبيرة من عمله.
التعليقات (0)