مقالات مختارة

«الإخوان المسلمون» في الأردن بين النهاية والانحسار...

إبراهيم غرايبة
1300x600
1300x600
تقدمت مجموعة من قيادات «الإخوان المسلمين» في الأردن إلى رئاسة الوزراء بطلب لتصويب أوضاع الجماعة وتكييفها وفق القانون المنظم لعمل الهيئات والجمعيات التطوعية. المجموعة التي تقدمت وعلى رأسها عبدالمجيد الذنيبات الرئيس الأسبق للجماعة أعلنت أن ما تقدمت به هو مبادرة مستقلة وأنها فعلت ذلك بعدما فشلت في إقناع قيادة الجماعة بتوفيق أوضاعها وفق القانون. وفي المقابل أعلن المكتب التنفيذي للجماعة عن فصل قيادات الجماعة ممن تقدموا بطلب تصويب أوضاعها، وفصل كل من يشارك في إعادة التسجيل. وبذلك فإن الجماعة غدت في مواجهة مرحلة جديدة سوف تنهي على الأرجح أسطورتها في الأردن، هي التي تحولت في سبعة عقود إلى أهم جماعة سياسية اجتماعية دعوية، ومن ثم إلى «إخوان جدد» أو مختلفين يعملون في الدعوة والتأثير على الأفراد والمجتمعات والدولة باتجاه أهداف دعوية واجتماعية، لتعود كما بدأت ما بين منتصف الأربعينات ومنتصف الخمسينات.

والحال أن الرواية المنشئة للجماعة في الأردن أنها جمعية دعوية لا تعمل في مجال السياسة، وعندما ترشح أحد أعضائها في أوائل الخمسينات للانتخابات النيابية أعلنت الجماعة في الصحف أن لا علاقة لها بترشح أحد من أعضائها للانتخابات وأنها تدعو أعضاءها والمواطنين إلى انتخاب من يرونه مناسباً. ولكن الجماعة استدرجت إلى السياسة بعد ذلك بفعل تطورات خارجة عن رسالتها وروايتها المنشئة، وذلك بتأثير الجماعة الأم التي تحولت إلى قوة سياسية مهيمنة في مصر في السنوات 1951 – 1954، ووحدة الضفتين التي غيرت كثيراً في اتجاهات وأفكار الأردنيين بدليل نشوء حزب التحرير الإسلامي ثم حركة فتح في وسط الإخوان، ثم بإغواء من السلطة السياسية نفسها عندما وجدت في «الإخوان» حليفاً لمواجهة المد القومي واليساري المعارض. وتقدمت الجماعة في ظل التحولات الجديدة إلى الانتخابات النيابية عام 1956 وحصلت على 10 في المئة من مقاعد البرلمان، ولكنها خسرت معظم إن لم يكن جميع أعضائها المؤسسين بمن فيهم رئيسها المؤسس عبداللطيف أبو قورة.

ومضت الجماعة في تحالف سياسي اجتماعي، مع السلطة السياسية، منحها فرصاً للعمل العلني ووجوداً مؤثراً في المجتمع والدولة، ولكن ما بدا أنه غض طرف من قبل السلطة تحول اليوم إلى سيف مسلط على الجماعة يهددها بالتصفية أو الانحسار. فالجماعة برغم علانيتها السياسية والإعلامية ظلت في واقع الحال سرية، لم تعلن قانونها الأساسي، كما العضوية والتمويل. وتدار وتجري فيها الانتخابات التنظيمية بعيداً عن رقابة وتنظيم جهة سيادية محايدة. وليس ثمة مجال قانوني ومؤسسي علني لتوفيق الاختلافات والطعن في القرارات والانتخابات، وليس ثمة تقرير مالي ينظمه مكتب تدقيق حسابات، يوضح بشفافية مصادر التمويل وسبل الإنفاق. وعلى المستوى التطبيقي، فإنه لا يحق للمرأة العضوية والانتخاب، وهناك إشكالية التنظيم العالمي للجماعة، إذ يعتبر القانون الأساسي للتنظيم العالمي الأقطار فروعاً للجماعة الأم في القاهرة.

وبقيت الجماعة توظف الصمت الحكومي لتؤخر تصويب أوضاعها القانونية، ولكنها بدأت تواجه ضغوطاً وتحديات جديدة بعدما اعتبرتها كل من مصر والسعودية والإمارات (الدول الصديقة والحليفة للأردن) جماعة إرهابية، وعلى رغم أن المبادرة التي تقدمت بها مجموعة القيادات الإخوانية يمكن أن تحمي الجماعة من التصفية والملاحقة الأمنية والقانونية فقد ووجهت بعدائية شديدة، ما يجعلها (المبادرة) إن وافقت عليها الحكومة، وهو ما لم تفعله حتى اللحظة وإن كان يبدو أن الحكومة مؤيدة للمبادرة غير قادرة على اجتذاب «الإخوان» وإقناعهم بإعادة تشكيل أنفسهم في إطار قانوني جديد واضح، وما يتوقع حدوثه على الأغلب انقسام «الإخوان» بين المؤيدين للمبادرة والرافضين لها.

سوف يؤول وجود الجماعة القائم إلى جماعة جديدة. لكن لا يوجد شيء مادي تقريباً ترثه سوى الاسم، فالجماعة لا تسجل باسمها أموالاً وممتلكات وعقارات، وسوف ينضوي «الإخوان» الرافضون للمبادرة تحت لافتة حزب جبهة العمل الإسلامي، أو ينسحبون من العمل العام، أو يعملون في السرّ، ولكن الأزمة الكبرى التي تنشئـها الحـالة الجـديـدة أن الانقسام في الجماعة وإن حمل لافتة تأييد أو معارضة فإنه في الحقيقة انقسام جغرافي اجتماعي بين الإخوان، وليس انقساماً فكرياً أو سياسياً، وربما يتحول عدد كبير من «الإخوان» إلى الجماعات المتطرفة.

ما تؤشر عليه التفاعلات حتى اللحظة أن الجماعة الجديدة التي سوف تعلن بمجرد الموافقة عليها، سوف تعتبر هي جماعة «الإخوان» رسمياً وقانونياً وسوف تكون قيادتها هي قيادة «الإخوان» المعترف بها لدى السلطة، وسوف ترث هذه الجماعة الجديدة الجماعة السابقة. لكن ذلك سيكون شهادة الوفاة للإخوان. وحتى لو نجحت الجماعة الجديدة وأثبتت حضوراً وتأييداً فإنها سوف تكون مختلفة جذرياً في أفكارها وأسلوب عملها وعلاقتها بالسلطة والمجتمع والعمل السياسي.



(نقلا عن صحيفة الحياة اللندنية)
التعليقات (3)
مصطفى حسن
الجمعة، 06-03-2015 03:15 ص
العهد القديم لهم كان يضع القضيه الفلسطينية وحماس في المرتبه الاولى والتنظيم السري القائم على توجهات عرقيه وانتماءه لحماس السبب وحب الاردن ليس اكثر من شعار يستخدمونه للحصولهم على الشريعه في الاردن .. في النهاية خرجو عن اساسهم الدعوه
سام
الأربعاء، 04-03-2015 06:23 م
رغم ان الكاتب اخونجي المنشا والجذور لكنه يحاول ان ينفث سموم الحقد علي رفاق دربه القدامي تحت ستار الاكاديمية. :كل ذالك لانه علي ما يبدو فصل من الجماعة لاسباب هو يعلمها. انا شخصيا لا اموت في الاخوان لانهم لهم و عليهم. لكن ما لا قبله هو الفجور في الخصومة وضرب السكاكين عندما يفع الجمل
رابح
الأربعاء، 04-03-2015 01:33 م
هل بهذا الاسلوب تدار الجماعات من يعطي الحق لفرد او افراد في تنظيم ان يتصرفوا كانهم دولة في دولة وهل سيقبل المنشقون ان بتصرف معهم بنفس الاسلوب بمجرد اختلاف وجهات النظر التجارب تعلمنا ان من يفتح هذا الباب سيندم لانه لن يغلق اما بالنسبة لتمثيل الاخوان في الاردن فالامر اولا واخيرا يرجع الى ابناء الجماعة و ثانيا على مكتب الارشاد العالمي ان يتدخل بقوة و بحزم و يتخذ قرارات شجاعة الشرعية الشرعية الشرعية لا مجال للمجاملة