ملفات وتقارير

السعودية في عهد سلمان تعيد النظر في الخيارات والسياسات

السيسي يحمل للسعودية أربع نقاط أساسية - أرشيفية
السيسي يحمل للسعودية أربع نقاط أساسية - أرشيفية
أظهرت القيادة السعودية بعد ولاية الملك سلمان بن عبدالعزيز، بحسب المصادر الخليجية، انفتاحا أوسع على تركيا تجاوز بكثير ما كان في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، غير أن هذا الانفتاح بحسب المصادر التركية لم يتبلور بعد في صياغات واضحة.


إعادة حسابات سعودية تجاه تركيا

وفي تقرير مطول لصحيفة الشروق المصرية، السبت، تحدثت مصادر خليجية عن أن السعودية في عهد سلمان بن عبدالعزيز "تعيد النظر في الخيارات والسياسات" و"تبحث في سبل التعاطي مع مستجدات إقليمية لا يمكن المضي قدما في التعامل معها بالسياسات القديمة التي لم تؤد لنتائج مرجوة".

ومع أن الموقف السعودي إزاء تركيا يتغير، إلا أن هذا التغيير محسوب ولن يتم حسمه قبل تحقيق ثلاثة أمور: التوصل لصياغة سياسة سعودية واضحة إزاء الأهداف الإقليمية الكبرى في ظل انفتاح قادم بين إيران والغرب، والتوصل إلى تفاهمات خليجية داخلية حيث إن السعودية في كل الأحوال لن تذهب باتجاه تركيا في ظل غياب لتفاهمات خليجية واضحة، وأخيرا بلورة تفاهمات بين القاهرة والرياض لأن السعودية لا تزال تراهن على موقف وتحرك مصري داعم للمصالح الأمنية السعودية، خاصة إزاء الوضع في اليمن.

ماذا يحمل السيسي للرياض؟

ونقلت صحيفة الشروق، بحسب مصادر مصرية، أن السيسي يحمل للسعودية أربع نقاط أساسية يجب حسمها قبل أن ترحب القاهرة بأي تقارب بين الرياض وأنقرة، أولى هذه النقاط وقف تركيا لدعم الجماعات الإسلامية المسلحة خاصة في ليبيا، وثانيها وقف تركيا للتصريحات المعادية لمصر ورئيسها، وثالثها وقف تركيا لاستضافة اجتماعات سياسية ونشاطات إعلامية داعمة للإخوان المسلمين، وأخيرا وقف تركيا لما تقول مصر إنه مناوأة مستمرة للمصالح السياسية والاقتصادية والأمنية المصرية على أكثر من محفل.

الجانب التركي بدوره له مطالب، وهي وقف المواجهة مع فصائل الإسلام السياسي غير المسلحة وعلى رأسها جماعة الإخوان، كون ذلك هو الحل الوحيد، بحسب مفهوم أنقرة، لإنهاء التوترات الإقليمية.

ولا تبدو السعودية في عهد سلمان رافضة تماما لتقليل مستوى الضغط الشديد على الإسلام السياسي، وفي هذا نقطة تلاقٍ مع قطر وبدرجة أقل مع الكويت وسلطنة عمان، ولكنها تختلف بشدة في هذا الموقف مع الإمارات العربية المتحدة.

الإمارات دون السعودية؟

القاهرة في كل الأحوال، بحسب مصادر مصرية وخليجية، تعلم أنها لا يمكن أن تراهن على الإمارات بعيدا عن السعودية ولا يمكن أن تراهن أيضا على تباعد كبير ومستمر في المواقف بين السعودية والإمارات.

ويقول مصدر مصري لصحيفة "الشروق" إن دعم أبوظبي وحرص الرياض على العلاقة مع القاهرة كان السبب في احتواء أزمة الاتهامات الموجهة من مندوب مصر لدى جامعة الدول العربية لقطر برعاية الإرهاب، ولكن الرسالة الواضحة التي وصلت إلى القاهرة هي أن ما كان قبل رحيل عبدالله بن عبدالعزيز لم يعد قائما الآن، وهو ما تبدى بشكل أوضح في المناقشات السياسية التي شهدتها نيويورك قبل أسبوع حول مصير الوضع في ليبيا، حيث لمحت مصر ما يشير بوضوح إلى أن مرحلة التماهي الكامل في محور القاهرة ــ الرياض ــ أبوظبي أصبح من الصعب التعويل عليه دائما، بحسب مصدر مصري تابع نقاشات المجموعة العربية في نيويورك حول ليبيا في وقت سابق من الشهر.

فى الوقت نفسه، بدت المصادر المصرية والخليجية أكثر انفتاحا في الحديث عن تحركات سعودية جديدة لاستعادة تهدئة سياسية وإعلامية بين مصر وقطر، وأشار أحد المصادر إلى ما نقلته الرياض للقاهرة من التزام أمير قطر خلال لقاء أخير جمعه مع العاهل السعودي بالانفتاح على تهدئة المخاوف المصرية، كما أنها أشارت لتصريحات أدلى بها قبل يومين حول رغبته في القيام بما يمكن أن يؤدي لدعم مصر واستقراها.

أولويات القاهرة

في كل الأحوال، فإن المسألة الأهم بالنسبة للقاهرة في المرحلة القادمة هي الحفاظ على العلاقة الوثيقة مع السعودية وتقليل وتيرة أي تباعد محتمل في خيارات البلدين الإقليمية.

في المقابل، فإن الرؤية السعودية التي لم تتبلور بعد تنطلق بحسب ما تتحدث به مصادر مختلفة من ضرورة إنهاء حالة الاحتراب المستمر مع أغلب فئات التيارات الإسلامية في مصر، على أساس أن ذلك من شأنه إنهاء حالة التوتر السياسي المستمر في مصر والتي تحول دون استقدام استثمارات أجنبية وافرة لمصر تحد من اعتماد القاهرة على الرياض وأبو ظبي من أجل الحفاظ على استقرار الاقتصاد المصري لفترة طويلة.

وتقول المصادر المصرية إن الأسابيع القادمة ستشهد مجموعة إجراءات أمنية وقضائية لتخفيف الضغوط على قطاعات محدودة من فئات الإسلام السياسي. وبحسب أحد هذه المصادر "فإن النظام المصري لا يريد فعليا القيام بتلك الخطوات ولكنه يدرك أن هناك أسبابا براغماتية للتحرك في هذا الاتجاه. وبالتالي فإن إجراءات ما ستتم تحت العنوان العريض لمحاربة التطرف، تشمل الإفراج عن أعداد غير قليلة من الشباب الإسلامي دون الثلاثين من العمر، تحت مظلة ما يوصف بالمراجعات الفكرية ولتفادي إبقائهم في السجون خشية وقوعهم أيضا في مظلة التطرف".

النقطة الأهم بحسب المصادر المصرية في ما خص تدعيم مسار مستقر للتعاون بين مصر والسعودية هو القوة العربية المشتركة التي كانت محل مناقشات بين السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله في القاهرة الخميس، وبين سامح شكري وزير الخارجية ونظيره السعودي سعود الفيصل قبل أيام قليلة في باريس.

ومن المقرر أن تبدأ القاهرة في نقاشات موسعة أكثر حول الأمر خلال الاجتماع الدوري لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة العربية في الأسبوع الأول من آذار/ مارس، ثم في القمة العربية نهاية الشهر نفسه.

وبحسب مصادر خليجية ومصرية رسمية، فإن ملف القوة العربية المشتركة ما زال محل مناقشات موسعة داخل دوائر الحكم في القاهرة، تحسبا لما قد تجلبه من أعباء إضافية على كاهل القوات المسلحة المصرية.
التعليقات (0)