مقالات مختارة

تفويض أوباما وفوضى الاستراتيجية!

راجح الخوري
1300x600
1300x600
كتب راجح الخوري: في 8 أب من العام الماضي بدأت المقاتلات الأمريكية شن غارات لمنع تنظيم "داعش" من السيطرة على سد الموصل، ومنذ ذلك التاريخ حتى يوم أمس، كان من المثير تماماً أن شركاء واشنطن في الائتلاف الدولي لمحاربة الإرهاب الذي يضم أربعين دولة، لا يعرفون ما هي خطة أمريكا في هذه الحرب، ولا يلمسون موقفاً امريكياً موحداً لا بين البيت الأبيض والكونغرس، ولا داخل الكونغرس، ولا حتى بين اوباما والبنتاغون.

وهكذا عندما طلب أوباما أمس تفويضاً من الكونغرس لاستخدام القوة العسكرية ضد "داعش" مؤكداً أنه لن ينجرّ إلى التورط في حرب برية جديدة في الشرق الأوسط، تذكّر الكثيرون وصف المستشار السابق للبنتاغون أنطوني كودرسمان الوضع قبل شهر بأنه "فوضى استراتيجية" فى مواجهة الإرهاب!

ومنذ آب الماضي إلى يوم أمس قدم أوباما أطروحات متناقضة تماماً، ففي 29 آب قال إنه طلب وضع استراتيجية لهذه الحرب، وفي أخر تشرين الأول أشار إلى وجود هذه الاستراتيجية، ثم كانت المفاجأة عندما كشف موقع "بريت بارت" الأمريكي أن أوباما تحدث عن الاستراتيجية قبل أن يطلعه البنتاغون عليها، ولعل ما يزيد الثورة اضطراباً وتناقضاً قول رئيس مجلس النواب جون بوينر "إن خطاب أوباما عن الاستراتيجية شيء والاستراتيجية شيء آخر، وأن مقترح تدريب القوات العراقية والمعارضة السورية يمكن أن يستغرق أعواماً"!

بإزاء هذا كله ليس من الواضح ما إذا كان الكونغرس سيقرّ مشروع التفويض دون تعديل، ولكن من الواضح تماماً أن أوباما بعد ثمانية اشهر من بدء الحرب، يواصل اعتماد استراتيجية السير على البيض في مواجهة "داعش"، بما يؤكد نظرية الجنرال جون آلن منسّق الائتلاف أن القضاء على "داعش" يحتاج إلى ثلاث سنوات وربما إلى عشر!

الشيء الوحيد الثابت في كل تصريحات أوباما عن الحرب على الإرهاب، أنه حريص على عدم الانجرار إلى حرب برية جديدة، وأنه لن يرسل الجنود الأمريكيين إلى الميدان إلاّ على سبيل التدريب والتخطيط على ما يجري في العراق الآن، وهو ما كرره أمس.

ولكن ليس المطلوب إرسال قوات أمريكية بل وجود قرار أمريكي جاد بدعم المعركة التي يخوضها الجيش العراقي الجديد ضد "داعش"، فلقد بحّ صوت حيدر العبادي وأصوات زعماء قبائل الأنبار وهم يطالبون واشنطن بتسليحهم وهم كفيلون بهزيمة الإرهابيين، ولكن السلاح الأمريكي يصل بالقطّارة كما يقال، ثم إن هناك في العراق من يصرّ على أن أمريكا تسقط الأسلحة لتنظيم "داعش" بالمظلات.

ليس المطلوب أن يقاتل الأمريكيون على الأرض، بل أن يتعاملوا مع العراقيين والمعارضة السورية كما تعاملوا مع الأكراد في كوباني مثلاً... والسؤال: لماذا الأكراد وحدهم؟ لا يحتاج إلى جواب!

(عن صحيفة النهار اللبنانية، 14 شباط/ فبراير 2015)
التعليقات (0)