قضايا وآراء

أوغلو ونتنياهو.. إيد وحدة!

راتب القديسي
1300x600
1300x600
"ملّة الكفر واحدة".. "تركيا سقطت".. "أوغلو لا يمثّلنا".. كل هذه العبارات وغيرها، أطلقها البعض في رده على مشاركة تركيا في مسيرة ضدّ "الإرهاب" في باريس، شارك فيها الزعماء والرؤساء، اليد باليد، والكتف على الكتف، والهتاف واحد: "كلّنا ضد القتل والإرهاب"، تنديدا بمقتل صحفيي "شارلي إيبدو". 

بهذا المشهد بَدت صورة المسيرة الزاحفة على أهداف معلنة وغير معلنة، فالكل يمشي بخطوات متراصّة، ولكن تركيبة الصورة تركت أثرا مضطربا لدى عقول المتابعين، فكيف لهم أن يروا السيّد أحمد داوود أوغلو، وهو الإنسان الذي يناكف عن حقوق الشعوب، ويناضل من أجل شعبه، في صف واحد مع رئيس وزراء دولة الاحتلال الصهيوني، بنيامين نتنياهو، صانع الإرهاب الدموي؟

من الظلم بمكان، أن نختزل الموقف التركي بهذا المشهد، ومن الظلم أيضا ألا نضع مشاركة تركيا في سياقها.

وقبل أن نلقي نظرة على تعامل الدولة التركية بكاملها، وليس مشاركة داود أوغلو فقط، كان لابد لوقفة مع وضع تركيا الخارجي.

تركيا تتعرّض لضغوط أمريكية وغربيّة بشأن سياستها الخارجيّة فيما يتعلق في الملفات المهمّة على صعيد الشرق الأوسط (الفلسطيني، السوري، المصري)، دفعها للمشاركة بهدف إيصال رسائل تفيد بأنها تقف ضد الإرهاب بكافة أشكاله وكافة منابعه، وهذا تبعه تحرّك سياسي عالي المستوى كحوارات مع الاتحاد الأوروبي لاستصدار قانون يجرّم من يساهم في الترويج لـ"الإسلاموفوبيا"، على غرار التعرّض للهولوكوست، الذي يعدّ من قانون معاداة الساميّة.

تركيا التي تعدّ بوابة للشرق الإسلامي لأوروبا، تطمح منذ ثلاثة عقود بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، التي توّجت بفتح مفاوضات جدّية عام 2005، ترأسها حزب "العدالة والتنميّة" ذو الخلفية الإسلاميّة، بينما تعامل الأوروبيون مع تركيا على قاعدة (الاستبعاد والاستيعاب)، لحساسيّة تركيا على صعيد الموقع الاستراتيجي والديموغرافي والاقتصادي والعسكري، وكدولة يبلغ تعداد سكّانها 80 مليونا يشكّل الإسلام 99% من ديانة سكّانها.

كما أن أغلب مسلمي أوروبا، الذي يصل عددهم إلى 45 مليون أتراك، وهم أكثر من سيتأثرون من ردة فعل المتطرفين الأوروبيين ضد المسلمين.

ولهذا كانت مشاركة داود أوغلو في المسيرة، حيث وجّه صفعة للمعسكر المشيطن للإسلام! وفتح بابا ليس لنا غيره لنخاطب به الشعوب الأوروبية والغربيّة بحقيقة الإسلام، الذي يزداد انتشاره في أوروبا يوما بعد يوم! 

وعليه، فتركيا بعمقها الاستراتيجي السياسي، لن تترك الساحة فارغة من صنع حالة مضّادة لما هو قادم! 

لم ينته المشهد هنا.. على الرغم من كل ما سبق لم تختزل تركيا موقفها بمشاركتها في المسيرة، فقد خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مهاجما نتنياهو مجرم الحرب المتورط بقتل آلاف الفلسطينيين، وعبّر عن امتعاضه من ازدواج المعايير لدى الدول الغربية بشأن التعامل مع قضايا "الإرهاب"، وربطها بالمسلمين، حينما قال: "كيف يمكن لرجل قتل 2500 شخص في غزة من خلال إرهاب الدولة أن يلوّح بيده في باريس، كما لو كان الناس يترقبون بلهفة أن يفعل هو ذلك؟ كيف يجرؤ على الذهاب إلى هناك؟ يتعين عليك أولا أن تتحدث عن الأطفال والنساء الذين قتلتهم".

وتحدث الرئيس التركي عن ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في أقرب وقت، وأشار إلى أن أكبر أماني الأتراك قيام دولة فلسطينية مستقلة، ذات سيادة على حدود عام 1967، عاصمتها القدس الشرقية.

وليس ببعيد، تصريح رئيس بلدية العاصمة التركية أنقرة، مليح غوكجيك، الذي قال إن الاستخبارات "الإسرائيلية" تقف وراء هجوم "شارلي إيبدو" في العاصمة الفرنسية باريس.

إذن، الموقف التركي لم يقتصر على مشاركة أوغلو في المسيرة، بل في مطالبات بوضع قانون يجرّم الاعتداء على المسلمين، وبتوجيه نقد لاذع لنتنياهو، واتهام إسرائيل بالتخطيط للعدوان.

يبقى الرهان على التحركات التي ستقوم بها تركيا على أرض الواقع في الملاعب الأوروبية، حينها يمكن لنا أن نقيّم ماذا يمكن لليد الأخرى أن تفعل؟
التعليقات (2)
يزن/امريكا
الأربعاء، 14-01-2015 04:05 م
بالعكس كلام تبرير لا يقنع احدا كلامك يعني ان "مصالح" تركيا اهم من حق النبي عليه السلام. وان دعمهم لمجلة تنتقص من حق النبي عليه السلام لاجل ان لا تتهم بدعم الارهاب. عن اي صفعات تتكلم؟ هل تقصد الصفعه اللي ارسلتها الجريدة مرة اخرى بنشر رسوم مسئية جديده؟ هل سنسمع من اوغلو او غيره اي رد؟ رأي الجميع اوغلو ولم يسمع الجميع اردوعان
عبير احمد
الثلاثاء، 13-01-2015 10:08 م
اشكرك اخانا راتب .. اختصرت القصة