مقالات مختارة

السياسة.. التاريخ.. ونحن

سلجوق أوزداغ
1300x600
1300x600
تتطلب الممارسة السياسية تحمل المسؤولية؛ فالسياسي مكلف بالانتباه لكل خطوة يخطوها ولكل كلمة ينطقها.

كل العبارات التي تخرج من السياسيين تحمل في طياتها معاني عديدة بغض النظر عن الشريحة المستهدفة، سواء كانت قليلة أم كبيرة. ويترتب على كل تصريح سياسي نتائج عديدة، فلا شيء يبقى في مكانه من غير تأويل.

إن المجتمع الذي يحتوي على سياسيين عقلاء ومتزنين يكون بعيدا عن المشاجرات؛ لأن السياسة لا تشحن المجتمع، بل تخفف من شحناته، وتقلل من الغضب والحماس الموجود عند الناس، وتجلب السلام لهم. وانطلاقا من هذا المفهوم، فإن أهم وظيفة للسياسيين هي أن يتصرفوا بحكمة ومسؤولية.. الدقة والتيقظ مطلوبان بشكل دائم. أما الغفلة فهي من أكثر ما يضر بالعمل السياسي!.. فعندما يغيب الوعي والضمير عن العمل السياسي، يتحول الأمر إلى سلاح خطير!

تعج المنطقة اليوم بالكثير من الأحداث الطائفية والعرقية؛ العراق، وسوريا أصبحا في وضع حرج جدا..
ولا نستطيع الحديث عن "أمة" عندما تسود الصراعات المذهبية والعرقية والقبلية. فالأمة فوق كل ما ذكرنا، تمثل اتحاد القيم والأخلاق والمبادئ.

إن الذين لا يولون القيم والمبادئ أهمية أكبر من الخلافات الطائفية والعرقية، لا يستطيعون الوصول إلى توحيد الأمة. فالمجتمع يتماسك عندما يتوحد أفراده حول قيم مشتركة، وتنعدم الوحدة عندما تبدأ الاختلافات بالظهور على السطح. 

إن من أهداف السياسة إيجاد النقاط المشتركة التي يتوحد حولها المجتمع، وتقليص الفجوة بين أطرافه المختلفة.

إن الأمثلة واضحة جدا في كل من سوريا والعراق، وحتى ليبيا، ويجب علينا أن نبدأ نضالنا في سبيل توحيد المجتمع، من خلال التذكير بانتمائهم لدين واحد وأمة واحدة. ويجب أن يتم ذلك فعلاً وليس قولاً، فالأخوّة تكون بالعمل لا بالقول فقط.

أما التاريخ فهو ذاكرة الأمم؛ فالأمم التي تنسى تاريخها، وتفقد اتصالها به تتساقط مثل ورق الخريف أمام المحن. وحتى نستطيع أن نعطي ما نعيشه اليوم معنى صحيحا، فإنه يجب علينا أن نعود لارتباطنا بتاريخنا الحقيقي.

يحتوي التاريخ على الكثير من الحلول لمشاكلنا الحالية، بالإضافة الى توصيف الواقع؛ فتاريخنا غني ومشرق، لكن يتوجب علينا أن نناقش مدى استفادتنا من هذا التاريخ.

لم نكن لنواجه الصعوبات بهذا القدر الذي نعيشه اليوم، لو أننا عرفنا بحق ما كان يجري في البلقان، ومع الصرب واليونان والبلغاريين الثوريين، و"الشريف حسين".

إن الجهل بهذه الحقائق لا شك أنه نقص، لكن الأسوأ منه ألا نعرف أننا جاهلون!.. مشكلتنا اليوم أننا نحسب أننا نعرف كل شيء!.. وهذا ما يجعل تاريخنا الثمين مثل خزينة مدفونة تحت الأرض، فنحن اليوم لا نستطيع الاستفادة من تجارب أجدادنا.

إن قراءتنا الصحيحة لتاريخنا سوف تخلصنا من واقعنا المأساوي المليء بالتفرقة والعنصرية والإرهاب. نحن لسنا إسبانيين، أو إنجليزا، أو كنديين.. نحن الأتراك.
التعليقات (0)