بورتريه

مبعوث أممي لحل "الأزمة السورية" مع وقف التنفيذ

دي ميستورا لم يحقق على الأرض نتائج مهمة حتى الآن في الملف السوري - عربي21
دي ميستورا لم يحقق على الأرض نتائج مهمة حتى الآن في الملف السوري - عربي21
عينه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في منصب مبعوث الأمم المتحدة الخاص بالأزمة السورية خلفا للدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي، بعد مشاورات مع دائرة واسعة من اللاعبين في الملعب السوري، من بينهم النظام السوري نفسه.

مع فرق بسيط.. أنه سمّي موفدا خاصا للأمم المتحدة، وليس للأمم المتحدة والجامعة العربية كما كان الإبراهيمي، وتعويضا عن هذه التسمية أسند بمساعدين عرب.

ستافان دومينغو دي ميستورا، المولود في عام 1947 في ستوكهولم بالسويد، دبلوماسي سويدي حاصل على الجنسية الإيطالية، يتكلم سبع لغات، منها العربية العامية. 

ولد لأم سويدية الأصل وأب إيطالي، وينتمي والده إلى عائلة نبيلة من بلدة سيبينيكو التاريخية الواقعة في مدينة دالماتيا الكرواتية، واضطر إلى الفرار بعد الحرب العالمية الثانية، عندما استولت يوغوسلافيا على مدن في الأراضي الإيطالية.

عمل مدربا لبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة في قبرص في منتصف عام 1970، حيث شهد هناك مقتل طفل برصاص قناص، وكان الطفل يتجول على "الخط الأخضر" الفاصل بين قبرص والجمهورية التركية شمالي قبرص. وشكلت هذه التجربة صدمة عنيفة له، لكنها أثارت أيضا الرغبة لديه في دراسة الإغاثة في حالات الطوارئ الإنسانية وتكريس حياته للعمل من أجل الحل السلمي للصراعات.

وفي عام 1971 بدأ مسيرته مع الأمم المتحدة موظفا في مشروع برنامج الأغذية العالمي في السودان. وفي عام 1973 شغل منصب موظف الإغاثة في حالات الطوارئ في تشاد، وهناك قاد أول عملية إنزال جوي للأمم المتحدة.

بحلول عام 1976، عمل نائبا لرئيس مكتب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، وبقي في هذا المنصب حتى عام 1985. وأُوكلت إليه مهام إنسانية خاصة في سراييفو والسودان وإثيوبيا وفيتنام ولاوس.

في عام 1987، أصبح مدير برنامج الأغذية العالمي، وشغل بين عامي 1988 و1991، منصب مدير جمع التبرعات والعلاقات الخارجية التابع لمكتب منسق الأمم المتحدة لشؤون أفغانستان.

وفي الفترة ما بين آذار/ مارس وآب/ أغسطس عام 1997، عمل منسقا للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق، ثم عضوا في لجنة مجلس الأمن المعنية بالقضايا الإنسانية في العراق، وكان أيضا المستشار الخاص - لفترة وجيزة - للمفوض السامي لشؤون اللاجئين في كوسوفو. وبعد ذلك شغل منصب المدير الإقليمي لمنطقة ميتروفيتشا في كوسوفو.

واصل عمله في أماكن عديدة من العالم، ليعود في عام 2001 إلى وطننا العربي من جديد عبر البوابة اللبنانية، ليشغل بين عامي 2001 و2004 منصب الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان، حيث نجح في إعداد عملية إزالة الألغام وتنظيمها. 

انتقل بعدها إلى العراق ليكون نائبا للممثل الخاص هناك لمدة 15 شهرا، ابتداءً من كانون الثاني/ يناير عام 2005. وخلال فترة ولايته، كان حريصا على تصوير نظرة متفائلة للعراق وفرصه في الانتعاش، مسلطا الضوء على العمل الشاق الذي كانت تقوم به الأمم المتحدة من وراء الكواليس لتوفير مستوى معاشي أفضل للعراقيين، وهو ما شجع الأمم المتحدة على العودة به إلى العراق كمبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة بين عامي 2007 و2009.

غادر دي مستورا العراق ليصبح نائب المدير التنفيذي للعلاقات الخارجية التابع لبرنامج الأغذية العالمي في روما. ثم عين ممثلا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة في أفغانستان ورئيسا لبعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان في آذار/ مارس عام 2010.

أثناء عمله في أفغانستان، حمّل الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأفغانَ المسؤولية عن المذبحة التي راح ضحيتها مسؤولون في الأمم المتحدة في مزار الشريف، لكن دي ميستورا علق قائلاً: "لا أعتقد أننا يجب أن نلقي اللوم على الأفغانيين، وإنما على الشخص الذي أذاع الأخبار وأحرق القرآن". 

في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2011، عين لمنصب وكيل وزارة الشؤون الخارجية في حكومة التكنوقراط الإيطالية برئاسة ماريو مونتي، ثم عينته الحكومة الإيطالية مبعوثا خاصا لرئيس وزراء إيطاليا لحل قضية اثنين من مشاة البحرية الإيطالية المحتجزين في الهند منذ شباط/ فبراير عام 2012 بعدما قتلوا اثنين من الصيادين الهنود، وتوترت العلاقات الدبلوماسية بين إيطاليا والهند على خلفية هذه القضية. 

ويبدو أن سجل عمله في أكثر الأماكن خطورة مثل أفغانستان والعراق ولبنان وراوندا والصومال والسودان وقبل ذلك يوغسلافيا، كان من بين عوامل اختياره لمنصب المبعوث الدولي إلى سوريا في تموز/ يوليو عام 2014.

وتشكل الأزمة السورية التي أطاحت قبله بكوفي أنان والأخضر الإبراهيمي ودفعتهما إلى الاستقالة، مغامرة وتحديا له، فالوضع هناك أكثر تعقيدا مما هو في ذهن الغرب والأمم المتحدة.

ففي حين تصر الحكومة السورية على أن مسألة بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة غير قابلة للنقاش، وانتهت بفوزه بولاية رئاسية جديدة، تصر المعارضة على أن حل الأزمة السورية سياسيا يبدأ بتنحي الأسد الذي تتهمه المعارضة والدول الغربية بارتكاب جرائم حرب.

وفي وسط هذا وذاك، يتواصل الصراع العسكري على الأرض مع تنامي قدرة المتشددين الذين يرفضون الحلول السياسية والحوار مع أي من الحكومة أو المعارضة.

دي ميستورا مستعد لفعل أي شيء على الأرض لحل أزمة قتل فيها حتى الآن نحو ربع مليون سوري وهجر أكثر من نصف الشعب، حتى وإن اضطر إلى الذهاب شخصيا للمشاركة في محادثات موسكو بشأن سوريا في الفترة مابين 26 و29 كانون الثاني/ يناير الحالي.

وتعطي المشاركة الشخصية المحتملة له ثقلا للمبادرة، على الرغم من أنه لا توجد مؤشرات على مشاركة غربية في المحادثات، في ظل احتدام التوتر بخصوص الأزمة الأوكرانية بين روسيا والغرب.

وتدعم روسيا الأسد منذ وقت طويل، بما في ذلك إمداده بالأسلحة والمعلومات الاستخبارية والتقنية. لكن موسكو ستطرح في هذا المؤتمر أفكارا لفرض الأمن في سوريا وتشكيل حكومة انتقالية وبحث كيفية تمكين من انشقوا في وقت سابق من الصراع من العودة إلى سوريا. هذا، مع تكرار لاقتراح روسيا السابق ببقاء الأسد في السلطة لعامين مع حكومة مؤقتة، قبل إجراء انتخابات رئاسية يمكن أن يخوضها مجددا إلى جانب مرشحين آخرين.

دي ميستورا لم يحقق حتى الآن شيئا ذا قيمة على الأرض، وقد يجد نفسه ضمن قائمة الشخصيات التي فشلت في سوريا وأرغمت على الاستقالة.. هل تعانده الظروف ويلجأ إلى الاستقالة المؤجلة، أم يحدث على الأرض ما لا يتوقعه أحد؟

دي ميستورا دبلوماسي مستقبله ليس بيده وحده.
التعليقات (0)