كتاب عربي 21

ليون وأنصار الكرامة: هل نشهد مقدمات مجابهة؟

السنوسي بسيكري
1300x600
1300x600
هناك من يتوقع أن الحملة ضد "برنندينو ليون"، مبعوث الأمم المتحدة لليبيا، ستنتقل إلى معسكر طبرق وأنصاره، بعد أن وقع ليون تحت ضغط شديد من قبل معسكر طرابلس. فقد أثارت التصريحات الأخيرة لمبعوث الأمم المتحدة لليبيا على هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، سخط أعضاء من البرلمان والحكومة التي يترأسها الثني رافضين مساواته في الخطاب بين البرلمان في طبرق والمؤتمر الوطني العام بطرابلس، وأيضاً انتقاده للقصف الجوي من قبل عملية الكرامة لمواقع غرب البلاد بقوله إنها غير ذات جدوى.

الحقيقة أن برنندينو ليون تسرع في تعاطيه مع الوضع في ليبيا، ولم يمنح نفسه الوقت الكافي لدراسة الملف الليبي واستيعاب تعقيداته ليتمكن من معالجته بشكل موضوعي، وأيضاً يمنح نفسه فرصة لتصحيح أي خطأ يقع فيه. وهو في رأيي لم يستفد من التجربة الغنية للمبعوث السابق "طارق متري"، أو ربما تأثر بالانتقادات الحادة التي وجهت لمتري في الأشهر الأخيرة من عمله.
تصريحات ليون التي قللت من حكم الدائرة الدستورية للمحكمة العليا قبل انعقاد جلسة النطق بالحكم، وأيضاً بعد صدوره، أثارت غضب أنصار فجر ليبيا وجاءت خلفية التحفظ من منطلقين:

- أن الأولى بمنظمة أممية تدعم التحول الديمقراطي وتقدّر المؤسسية، وتدعم مؤسسات الدولة أن تحترم القضاء بشكل عام، فكيف بحكم صادر عن أعلى هيئة قضائية في البلاد.

- أن الأمم المتحدة ممثلة في بعثتها كانت سباقة في التعبير عن الرضى بحكم المحكمة ذاتها في الخلاف حول شرعية انتخاب السيد "أحمد امعيتيق" كرئيس للحكومة، خلفاً للسيد "علي زيدان"، ولا يمكن أن يفسر ترددها في قبول الحكم بخصوص البرلمان من المحكمة نفسها، ووصفه بالغموض إلا انحيازاً لأحد طرفي الصراع.

على ما سبق، قاد أنصار فجر ليبيا حملة احتجاج ضد ليون استمرت ثلاثة أسابيع في شكل مظاهرات في العديد من مدن الغرب وبعض مدن الجنوب، والبيانات وجمع التوقيعات طلباً لإقالته وحتى المظاهرات في بعض العواصم الأوروبية حيث يوجد أنصار لفجر ليبيا.

 ولقد كان لهذه الحملة أثرها على المبعوث والبعثة وذلك لسبب بسيط وهو أنه لا يمكن لخطط البعثة المتعلقة بالحوار والتوافق أن تنجح في حال رفض أحد الطرفين وساطة ليون، وهو الأمر الذي لم يدركه الأخير ووجد نفسه في حرج لما يمكن أن نعتبره تسرعاً منه.
والسؤال هنا: هل سيواجه ليون المأزق ذاته بعد شعور أنصار الكرامة بأن تحولاً ظهر في مواقف المبعوث الأممي الخاص، وما اعتبره بعضهم تبدلاً لصالح الطرف الآخر؟

وللإجابة عن السؤال يمكن القول بأنه على المستويين السياسي والعسكري لا يُعتقد أن يتورط معسكر الكرامة في مجابهة ليون والدعوة لإقالته في هذا الظرف، حيث يعول أعضاء البرلمان الرافضين لحكم المحكمة العليا على السند الدولي في تعزيز موقفهم التفاوضي داخلياً، وفي حال انقطعت شعرة معاوية فسيكون الوضع أكثر صعوبة بالنسبة لهم. 

من ناحية أخرى، فإن الخلاف الواضح داخل جبهة الكرامة وجبهة البرلمان وتداعياتها الظاهرة، قد تنعكس سلباً على معسكر الكرامة من ناحية نظر الأمم المتحدة والأطراف الدولية إليهما. بمعنى أن الخلافات الظاهرة والمتزايدة قد تحول دون تشكل موقف موحد ومتماسك تجاه المبعوث، كما كان الموقف حياله من جهة أنصار فجر ليبيا، وبالتالي قد لا نشهد ضغوطاً كبيرة من معسكر الكرامة تجاه ليون، خاصة أن الأخير لم يقطعه تواصله بأعضاء البرلمان في طبرق، ولم يتورط في تصريحات تخل بحقوق واضحة أو مبادئ ثابتة، فحكم المحكمة العليا هو من وضع البرلمان في موقف صعب داخلياً وخارجياً، وليس مبعوث الأمم المتحدة.

 أيضاً القصف الجوي الذي طال مرافق حيوية مدنية في بعض مدن الغرب الليبي أحرج الكرامة، مما استدعى تصعيداً في خطاب الخمس الكبار في بيانهم الصادر يوم الأربعاء الماضي، الذي نقل موقفهم من القلق من اعتداءات حفتر في بيان سابق إلى التنديد الصريح. ومع بيان كهذا، و خطاب كهذا من الخمس الكبار، لن يكون لتصريحات ليون وموقفه الأخير أي طابع عدائي يمكن أن يستدعي غضباً وحملة ضده.
التعليقات (0)