مقالات مختارة

الكمالية والقومية واللغة العثمانية

راسيم أوزان كوتاهياله
1300x600
1300x600
كتب راسيم أوزان كوتاهياله: يُسعدنا اليوم الحديث بوعي ونضج من أجل جعل اللغة العثمانية مادة إجبارية في المدارس الثانوية. لو طُرح هذا الموضوع قبل عشر سنوات لحصل الكثير من الجدل في الدولة والصحافة، وحتى من الممكن أن تكون  هناك دعوى لإغلاق حزب العدالة والتنمية في ذلك الوقت.

المقصود بالعثمانية هي اللغة التركية بأحرف عربية. لقد كان تعلّم الطلبة الأتراك لغة أجدادهم اللغة التركية المحكية والمكتوبة يعدّ جريمة في فترة النظام السابق. لقد كنّا دولة مُخجِلة؛ أفكّر كم كانت أيام عار وإلى الآن لم نتخطّ تماما هذه العقلية المؤلمة.

لقد كان في هذه الدولة أيدولوجية تخلق صراعا مع شعبها وليس مع فئة صغيرة من الشعب، وإنما مع الجميع وفي كل مكان. عند النظر من زاوية خارجية نرى أنها كانت أيدولوجيّة مضطربة. حتى إن فكرة تغيّرها منذ ذلك الوقت وحتى هذا اليوم كانت معجزة لأنّ جهل شعب هذه الدولة أو غياب ضميرهم هو الذي يؤدي إلى استمرار مثل ذلك النظام. 

إنه نظام جعل أغلبية المجتمع أعداء للمتدينين.. عرف تماما كيف يستغلّ العواطف الدينية لتحريك القوّات العسكرية، عرف كيف يستغل معارضة "الإسلام السنّي" لغير المسلمين والعلويين، عرف كيف يخلق فكرة "خطر الشيوعية" التي من شأنها أن تشعل الصراع بين أبناء العائلات المتدينة في ذلك الوقت. لم يسمح ذلك النظام لبنات العائلات المتدينة بالتعليم، كما أنه لم يُمكّن المرأة المتدينة من أن تكون زوجة ضابط في الجيش (لأنها ستكون محجبة).

لقد قال أحد الجنرالات في إحدى خطاباته للطلاب في المدارس العسكرية في ذلك الوقت "إن النساء المحجبات كالقُرادة* إذا التصقت لا يمكنك إزالتها. لذلك وقبل أن تلتصق تلك القُرادات ستزيلونها. راقبوا الجميع بحذر، حتى وإن كانت إحداهن ترتديه بعد خروجها من الحامية العسكرية أخبروني أيضا بذلك". وقال جنرال آخر: "إن اسم منطقة خِرقة الشّريف رجعي ويجب تغييره تماما".

لقد كان هنا جنرالات يدعون بأنهم قوميون إلا إنهم فعليا أعداء لأغلب قيم وعقائد تلك القومية. لذلك، فإن من يكون أجنبيا بهذا القدر عن قومه لا يمكن له أن يكون قوميا.

إلى اليوم هناك أمثال هؤلاء الجنرالات في هيئة الأركان العامة ويجب أن يُحتاط منهم لأنه كما قلت ما زالت آثار تلك العقلية إلى اليوم موجودة. 

عند ذكر القومية يجب ذكر شيء آخر أيضا.. نحن نبدأ بالانتقاد وكأنّنا قبلنا بأنّ الكمالية صاحبة فكر القوات المسلحة التركية القديم تُعتبر هي نفسها "القومية التركية" كما أننا نعلم أنّ هذه الكماليّة التركية قللّت من شأن القومية الكردية والأرمنية والرومية واليهودية؛ إنّ التقليل من شأن مواطيننا "غير الأتراك" شيء مؤكّد؛ لكن من قام بذلك هل هو القومية التركية؟.. هل يملك الكماليون الحق بالتحدّث باسم "الأتراك" ؟ أنا كتركي ولغتي التركية ومرتبط بثقافة وأدب وفنّ تركيا، أشتكي من الكمالية ولا أقولُها بصفة أنّني واحد من الديمقراطيين الأحرار بل أقولُها لأن هويتي تركية.  

(صحيفة الصباح التركية- ترجمة وتحرير: عربي21)
*القُرادة: حشرة تمتص دم الحيوان
التعليقات (0)