ملفات وتقارير

نبوءات تدعم "إسرائيل" وأخرى إسلامية تتنبأ بزوالها

لقد نجحت حركات غربية في توظيف نبوءات الكتاب المقدس لتمرير مشاريع سياسية
لقد نجحت حركات غربية في توظيف نبوءات الكتاب المقدس لتمرير مشاريع سياسية
تحفل كتب الديانات السماوية المنزلة على رسل الله بنبوءات مستقبلية تتحقق في قابل الأيام، أخطرها تلك النبوءات التي تتحدث عن أحداث تقع في آخر الزمان، تصف وقائع ملحمية وعجائبية تأتي كمقدمات وعلامات مؤذنة بانقضاء هذا العالم، بين يدي القيامة الكبرى.

يتحدث الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد عن نبوءات تجري وقائعها على أرض فلسطين، وتتابع أحداثها العجائبية، بين يدي المجيء الثاني للسيد المسيح، لتصل إلى ذروتها في المعركة الكبرى المسماة بـ"هرمجدون" التي يجتمع فيها أشرار العالم لمواجهة أبراره حينذاك بحسب الإيمان المسيحي المبني على نبوءات الكتاب المقدس.

وقد أفضت قراءات رجال دين مسيحيين غربيين، إلى الربط بين تلك النبوءات وبين قيام دولة "إسرائيل"، بل ذهب القس الأمريكي "جيري فالويل" إلى القول: "إن من يؤمن بالكتاب المقدس حقا يرى المسيحية ودولة إسرائيل الحديثة مترابطتين على نحو لا ينفصم، إن إعادة إنشاء دولة إسرائيل في العالم (1948) لهي في نظر كل مسيحي مؤمن بالكتاب المقدس تحقيق لنبوءات العهدين القديم والجديد".

تلك النبوءات الواردة في الكتاب المقدس، كانت هي بمثابة الأصول الدينية المؤسسة لرؤى الطائفة التي باتت تُعرف في الولايات المتحدة الأمريكية بـ"الصهيونية المسيحية"، المعروفة بميلها إلى "تفسير أحداث السياسة الدولية بمنظور "نهاية العالم" وفق رواية الكتاب المقدس لها.  

ذاك الاتجاه "الرؤيوي"في الكنيسة الإنجيلية المُبارك لقيام دولة إسرائيل باعتبارها تحقيقا لنبوءات العهدين القديم والجديد، يصفه المعارضون له من الكنيسة الإنجيلية ذاتها بأنه اتجاه أساء للكنيسة وللإيمان المسيحي كذلك، لأنه استغل الدين ووظفه توظيفا سياسيا مرفوضا بحسب رئيس طائفة الكنيسة المعمدانية في الأردن، القس الدكتور جريس أبو غزالة. 

حقيقة نبوءات الكتاب المقدس 

لكن ما حقيقة تلك النبوءات الواردة في الكتاب المقدس؟ أجاب القس أبو غزالة بقوله: إن ثمة نبوءات تحدثت عن اجتماع اليهود في الأرض المقدسة في آخر الزمان كعقوبة لهم، وهي تمثل غضبا إلهيا يحل بهم لأنهم صلبوا السيد المسيح، مؤكدا أن اليهود سيقومون ببناء الهيكل في المستقبل، لكنه سيكون لأعمال الرجس وليس للعبادة والقداسة.

وشرح القس أبو غزالة لـ"عربي 21" مضمون تلك النبوءات بأنها جملة من الأحداث التي تقع بين يدي المجيء الثاني للسيد المسيح، وتبدأ فصولها بإحياء الامبراطورية الرومانية القديمة، ثم يقوم شخص اسمه المسيح الكذاب "الوحش" (قائد روماني غربي) بتوقيع عهد مع اليهود مدته سبع سنين، لضمان عبادتهم في الهيكل، وهذا يقع قبل المعركة الكبرى "هرمجدون". 

يتابع القس أبو غزاله شرحه قائلا: لكن ذلك القائد "الوحش أو المسيح الكذاب" ينقض عهده في منتصف ذلك العهد مع اليهود، ويقوم باضطهادهم بالتعاون مع شخص آخر يعرف بـ"النبي الكاذب"، ثم يقوم الوحش بإقناع ملوك العالم وزعمائهم كي يأتوا بجيوشهم إلى أرض فلسطين، لمواجهة الأبرار وذلك حين مجيء السيد المسيح الثاني الذي يخلص المؤمنين من الضيقة العظيمة وبعدها تكون المعركة الكبرى.

وأوضح القس أبو غزالة أن السيد المسيح في مجيئه الثاني سيحارب جميع الأشرار بمن فيهم اليهود، وسيقضي على سائر الكفار وغير المؤمنين به، وسيحكم بعدها العالم لمدة ألف سنة تامة بحسب ما هو مقرر في الإيمان المسيحي.

هل يوجد كنائس عربية تدعم إسرائيل؟

إذا كان تأويل ذلك الاتجاه المسيحي، لنبوءات "نهاية العالم" بحسب ورودها في الكتاب المقدس، يعتبر توظيفا للدين لأغراض وأجندات سياسية، وإساءة للإيمان المسيحي، من وجهة نظر غالب الكنائس المسيحية، خاصة في المشرق العربي، فكيف تمكن قساوسة ذلك الاتجاه من إشاعة تلك التفسيرات في أوساط أتباعهم المؤمنين بالمسيحية، وجعلها هي الإيمان المسيحي الصحيح؟

يُرجع الناشط الإنجيلي الأردني، فيليب مدانات أسباب ذلك إلى كون الروايات الواردة في الكتاب المقدس، بخصوص اجتماع اليهود في دولة لهم، تنطبق على دولة إسرائيل في فلسطين، مع عدم وجود رواية أخرى تفندها وتبين عدم صحتها، مما سهل على السياسي توظيف تلك التفسيرات لأغراضه ومصالحه السياسية. 

وأشار مدانات إلى أن المسؤولين الإسرائيلين يتصلون برعاة كنائس في الغرب، ويطلبون منهم إصدار بيانات لدعم دولة إسرائيل، كما فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي نتن ياهو أثناء الحرب الأخيرة على غزة، فقد اتصل بالمبشر الأمريكي المشهور ريك وارن وطلب منه دعم دولة إسرائيل، لكنه رفض ذلك لأسباب أخلاقية مع إيمانه بحق دولة إسرائيل في فلسطين استنادا إلى إيمانه المسيحي. 

وجوابا عن سؤال "عربي 21" حول وجود كنائس في عالمنا العربي تؤمن بحق اليهود في فلسطين، نفى مدانات علمه بوجود كنائس عربية تؤمن بذلك، لافتا إلى وجود أشخاص مسيحيين معدودين يؤمنون بحق إسرائيل ويدعمونها كجزء من إيمانهم المسيحي، لكنهم غالبا ما يفعلون ذلك لانتفاعهم ماديا بحسب الناشط الإنجيلي مدانات. 

النبوءات في الإسلام ومدى حضورها في السياسة

نجحت الحركة الصهيونية العالمية في توظيف النبوءات الواردة في الكتاب المقدس، لصالح مشروعها السياسي، واستطاعت ادخال رؤيتها السياسية في أحشاء الإيمان المسيحي بحسب تفسيرات اتجاه انجيلي معروف في الكنائس الغربية، خاصة في أمريكا، فما هو موقع النبوءات في الدين الإسلامي؟ وما مدى تأثيرها وحضورها في السياسة؟ 

بين يدي الإجابة عن السؤال السابق أوضح الدكتور عامر الحافي، أستاذ مقارنة الأديان في جامعة آل البيت الأردنية أن ترقب ما سيحدث في المستقبل قضية مشتركة عند أتباع جميع الديانات السماوية وغيرها من الديانات الأخرى كالزرداشتية والبوذية...

ووفقا لشرح الدكتور الحافي فإن انتظار شخصية المخلص المنتظر (مصلح العالم) من أبرز قضايا التعلق بالمستقبل عند أصحاب الديانات السماوية وغيرها، فغالب الديانات تؤمن بفكرة المخلص لكنها تختلف في تفاصيلها.

أما حول موقع النبوءات المستقبلية في الإسلام ومدى تأثيرها في السياسة؟ فأوضح الحافي في حديثه لـ"عربي 21" أن القرآن الكريم لم يذكر فكرة المخلص المنتظر بشكل صريح، وأما ما ورد في الأحاديث فأغلبه أحاديث آحاد، وثمة اختلاف بين العلماء حول ما إذا كانت تلك الأحاديث تفيد القطع واليقين أم أنها تفيد الظن الذي لا تثبت به العقائد، ما يعني عدم صلاحية بناء عقائد على أصول مختلف بشأنها.

وهو ما ينطبق تماما برأي الدكتور الحافي على أحاديث الفتن والملاحم، التي تتحدث عن أحداث آخر الزمان، فأغلبها غير صحيحة، والصحيح منها أغلبه أحاديث آحاد، وهي لم تحدد زمنا معينا، مع إمكانية إنزالها على أزمان مختلفة، ووقائع متعددة كما في أحاديث الرايات السود. 

من جهته رأى الباحث الإسلامي موسى حداد، المشارك في تأليف كتاب "دليل المرابطين لتحرير فلسطين"، أن القرآن الكريم تضمن نبوءات مستقبلية، ذاكرا أن من أعظم النبوءات المذكورة في القرآن، والتي يمكن إنزالها على زماننا، النبوءة المذكورة في مطلع سورة الإسراء بخصوص بني إسرائيل والتي تقطع بزوال دولة "إسرائيل" وعلى الأرجح سيتحقق ذلك سنة 2022.

يشرح حداد لـ"عربي 21" تلك النبوءة بقوله: لقد اختلف المفسرون في تحديد الإفسادين المذكورين في قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا}، فغالب المفسرين القدامى ذكروا أن الإفسادين وقعا قبل الإسلام، لكنهم اضطربوا واختلفوا في تحديد وقتهما، وفي تحديد العباد الذين أرسلهم الله على بني إسرائيل في كلتا المرتين المذكورتين. 

وخلص حداد إلى القول بأن بحثهما أوصلهما – بأدلة متوافرة وقرائن كثيرة - إلى أن الإفسادين وقعا بعد الإسلام، فالأول كان في زمن النبي عليه الصلاة والسلام، وكان العباد الذين بعثهم الله عليهم هم الرسول والصحابة، أما الإفساد الثاني لبني إسرائيل، المقرون بالعلو الكبير، فهو ما نشهده الآن من فسادهم وعلوهم الكبير، والنبوءة تقول بأن الله سيرسل عليهم من يقضي على فسادهم، وينهي علوهم في الأرض.

ويلفت حداد إلى أن مجيء النبوة في سورة الإسراء لا يعني الركون إليها، بل لا بد من الانطلاق منها لتحويلها إلى مشروع عملي يهدف إلى إعداد جيل يصدق عليهم الوصف القرآني "عبادا لنا"، تتحقق على أيديهم تلك النبوءة، بامتثالهم التام لكل التكاليف والأوامر الشرعية التي جاء ذكرها في سورة الإسراء، منبها إلى أن ذكر النبوءة لا يعني التكاسل والتواكل، بل العمل الجاد وفق رؤية مبصرة وخطط مدروسة.

ترقب ما سيقع في المستقبل، قضية تشغل النفس الإنسانية المولعة باستكشاف خبايا العالم وخفاياه، خاصة تلك الأحداث العظيمة، والوقائع الملحمية الكبيرة، التي ستكون في آخر الزمان، بحسب النبوءات المذكورة في الكتب السماوية (الكتاب المقدس والقرآن الكريم).

 لقد نجحت حركات سياسية غربية، في توظيف نبوءات الكتاب المقدس من أجل تمرير مخططاتها ومشاريعها السياسية (دعم دولة إسرائيل)، في الوقت الذي يتوقع فيه علماء مسلمون تحقق نبوءة سورة الإسراء في زوال دولة إسرائيل، وهو ما يقدم شواهد واقعية على حضور النبوءات الدينية بقوة في تفسير الأحداث السياسية، مع التنبؤ بمساراتها في المستقبل.  
   
التعليقات (2)
محمد .ب
السبت، 08-01-2022 12:18 م
ناقص الأدلة على الكلام بمعنى ألأيات الذي تكلم عليها القساوسة.
سعيد
الخميس، 09-07-2015 01:56 م
ياريت لو مكمل الموضوع