بورتريه

السبسي.. سياسي عجوز يرى نفسه مستقبل تونس (بورتريه)

(د.علاء اللقطة - عربي21) - بورتريه الباجي قائد السبسي
(د.علاء اللقطة - عربي21) - بورتريه الباجي قائد السبسي
سياسي سلطوي يتميز بالجرأة وقوة الشخصية وسلاطة اللسان.

 دأب على توجيه انتقادات لاذعة للإسلاميين الذين وصفهم بـ"الرجعيين" و"الظلاميين" وبأنهم "أكبر خطر على تونس" التي تعدّ من أكثر البلدان العربية انفتاحا على الغرب، والأكثر عصرنة.

يتهم "حركة النهضة" بـ"التراخي" في التعامل مع عنف المجموعات الإسلامية المتطرفة التي ظهرت في تونس بعد الثورة .

ينتقده معارضوه  بأنه رجل عجوز تجاوزته المرحلة،  ويقولون إنه لا يمثل الثورة التي قادها الشباب التونسي، في حين يصفه مؤيدون بـرجل دولة يمكن أن يفيد البلاد بخبرته السياسية.

وخلال الفترة التي قضاها رئيسا للحكومة بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي، توترت علاقته بالإعلام، وبنقابات الأمن التي تأسست بعد الثورة بعدما وصف بعض مسؤوليها بـ"القردة ".

ويقول مراقبون إن تونس دخلت منذ تأسيس حزب "نداء تونس" على يديه في مرحلة استقطاب ثنائي خطيرة بين الإسلاميين والعلمانيين.

الباجي قائد السبسي أو محمد الباجي بن حسونة قائد السبسي المولود في تشرين الثاني /نوفمبر عام  1926، نشأ في كنف عائلة قريبة من البايات الحسينيين (سلالة من البايات حكمت في تونس سنوات 1705-1957 )  وتخرج من كلية الحقوق في باريس عام 1950 .

 ناضل سياسيا، من خلال الحزب " الحر الدستوري الجديد" في فترة مبكرة من شبابه، وبعد استقلال تونس عمل مستشارا للرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، ثم مدير إدارة في وزارة الداخلية.

في عام 1963 عين على رأس إدارة الأمن الوطني بعد إقالة إدريس قيقة على خلفية المحاولة الانقلابية التي كشف عنها في عام  1962. 

وبعد عامين عين وزيرا للداخلية ، وساند من منصبه التجربة "التعاضدية" التي قادها الوزير أحمد بن صالح، تولى بعدها وزارة الدفاع بعد إقالة بن صالح في عام ،1969 وبقي في منصبه حتى عام 1970 حين تقرر تعيينه  سفيرا لدى باريس. 

جمد نشاطه في الحزب "الاشتراكي الدستوري" عام 1971 على خلفية تأييده إصلاح النظام السياسي لينضم بعدها للمجموعة التي ستشكل عام 1978 حركة "الديمقراطيين الاشتراكيين" بزعامة أحمد المستيري، و تولى في تلك الفترة إدارة مجلة "الديمقراطية" المعارضة. 

عاد إلى الحكومة في عام  1980 وزيرا معتمدا لدى الوزير الأول محمد مزالي الذي سعى إلى الانفتاح السياسي، وفي عام  1981 عين وزيرا للخارجية خلفا لحسان بلخوجة.

 وكان لا يزال في منصبه عندما شن العدو الإسرائيلي غارة جوية على مقر منظمة التحرير الفلسطينية في حمام الشط في أيلول/ سبتمبر عام  1986.

عين سفيرا لدى ألمانيا بعد انقلاب تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1987 الذي قاده زين العابدين بن علي ضد بورقيبة، وترشح السبسي للانتخابات النيابية وانتخب عضوا  في مجلس النواب عام 1989 وتولى رئاسة المجلس بين عامي 1990 و1991. 

قام بسرد تجربته مع بورقيبة في كتاب "الحبيب بورقيبة، البذرة الصالحة والزؤام" الذي نشر عام 2009. وبعد سقوط نظام بن علي، عينه الرئيس المؤقت فؤاد المبزع رئيسًا للحكومة المؤقتة في شباط/ فبراير عام 2011 وذلك بعد استقالة محمد الغنوشي، واستمر في منصبه حتى كانون الأول/ ديسمبر عام 2011 بعد أن قام المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية المؤقت بتكليف حمادي الجبالي أمين عام حزب "حركة النهضة "بتشكيل الحكومة الجديدة، بعد فوزها في أول انتخابات حرة وديمقراطية في تاريخ تونس.

أسس في عام  2012 حزب “نداء تونس” الذي فرض نفسه سريعا على الساحة السياسية بصفته أكبر خصم علماني ل"حركة النهضة" الإسلامية التوجه.

يدافع عن ما يسميه  "مشروع الدولة الحديثة للقرن 21"، والذي يسعى حزبه لتكريسه بعيدًا عن "المزايدات وتوظيف الدين الإسلامي"، على حد قوله، يقول: "نحن مسلمون وستكون دولتنا مسلمة ولا نقبل المزايدات من أي جهة".

 يقول في مقابلة مع تلفزيون "الحوار" التونسي :" كوّنّا نداء تونس من أجل خلق التوازن (مع الإسلاميين) في المشهد السياسي ونجحنا في هذا الأمر".

ويضم حزب "نداء تونس" نقابيين ويساريين ومنتمين سابقين إلى حزب "التجمع الدستوري الديمقراطي" الحاكم في عهد بن علي الذي حكم تونس بين عامي 1987  و2011.

وفي عام 2013، نزل حزب "نداء تونس" بثقله في احتجاجات وتظاهرات طالبت بالإطاحة بحكومة "الترويكا" التي كانت تقودها " النهضة"، وذلك إثر اغتيال قيادي معارض للإسلاميين في حادثة هي الثانية خلال اقل من عام، ومقتل عناصر من الأمن والجيش في هجمات نسبتها السلطات إلى "إرهابيين".

ودخلت تونس، أزمة سياسية حادة انتهت مطلع عام 2014 ، بتخلي حكومة "الترويكا"التي تقودها " النهضة "عن السلطة لحكومة غير حزبية وذلك بموجب خارطة طريق طرحتها المركزية النقابية القوية لإخراج البلاد من الأزمة السياسية.

وتقول المعارضة إن السبسي من "أزلام" نظام بن علي، كما تحذر من عودة “الاستبداد” إلى تونس إن وصل" نداء تونس" إلى الحكم وسيطرته على الرئاسات الثلاث ( البرلمان والحكومة والجمهورية). إلا أن السبسي ينفي ذلك مؤكدا أنه لم يضمّ إلى حزبه مسؤولين تولوا حقائب وزارية في عهد بن علي أو "التجمّعيين" الذين عندهم مشكلة مع القضاء.

واجه السبسي بعد تأسيسه "نداء تونس" اتهامات بتعذيب المعارضين “اليوسفيين” عند توليه وزارة الداخلية زمن بورقيبه، وأقام معارضون دعوى قضائية ضده في عام  2012 لاتهامات له  بتعذيب معارضين وهي تهمة نفاها عن نفسه.

وفي إطار تقييمه للمسار الانتخابي ولنتائجه بعد حصول حزبه "نداء تونس" على النسبة الأعلى في الأصوات في الانتخابات التي جرت الشهر الماضي وحلول حزب"النهضة " ثانيا، أفاد أن الشعب التونسي أعطى " نداء تونس" الأولوية وليس الأغلبية وهي رسالة أراد من خلالها التونسيين التعبير عن اختيارهم لسياسة التوافق والتشاور، وقال: "لن نكون ضدّ إرادة الشعب الذي قال إنّ النهضة هامة لكن النداء أهم".

 يرى السبسي، المرشح للانتخابات الرئاسية، المقررة في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، إن "الأوضاع في تونس تأخرت خلال السنوات الثلاث الماضية أكثر من الخمسين عامًا التي سبقتها"، في إشارة للمرحلة الانتقالية التي أعقبت الإطاحة بالرئيس السابق بن علي في كانون الثاني/ يناير 2011.
بينما يقول  رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي: إن الشعب التونسي وجه رسالة واضحة من خلال صناديق الاقتراع بأنه لا مجال للحزب الواحد، وإنه لم يعط السلطة والغالبية لأي حزب ليحكم البلاد.

لكن السبسي يوجه رسائل واضحة للتونسيين، عندما أطلق  من مرقد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، حملته للمنافسة في الانتخابات الرئاسية، وهي رسالة تشي بإعادة بناء تونس على الأسس القديمة، مع بعض التحسينات، وترميم الأجزاء التي تهدمت في بنية الدولة التونسية العلمانية.
التعليقات (1)
عربي حر
الأحد، 30-11-2014 01:25 ص
تاريخ حموم
الأكثر قراءة اليوم