حول العالم

رعب أردني بسبب انتشار السلاح بين المواطنين (فيديو)

إطلاق النار بالمناسبات في الأردن ظاهرة تدق ناقوس الخطر - أرشيفية
إطلاق النار بالمناسبات في الأردن ظاهرة تدق ناقوس الخطر - أرشيفية
يكفي أن تجري بحثاً بسيطاً على موقع يوتيوب لتلمس حجم انتشار السلاح غير المرخص في الأردن، ويظهر أحد هذه الفيديوهات عرسا أردنيا عنون تحت اسم "عرس أردني على طريقة Counter strike" بعد إطلاق هستيري للعيارات النارية.  

فيديو آخر يظهر امرأة من مدينة إربد التي تبعد 100 كم عن العاصمة عمان باتجاه الشمال في المملكة، و هي تفرغ مخزنين ذخيرة في الهواء من سلاح "كلاشنكوف"، فرحا بتخريج ابنها من الجامعة، وإلى جانبها عشرات من الرجال يطلقون العيارات النارية من أسلحة أوتوماتيكية مختلفة.
 
هذه الأسلحة التي تستخدم – كتقليد أردني- ابتهاجا في الأفراح، صوبت فوهاتها في المشاجرات أيضا وحصدت 11 قتيلا في الأيام الخمسة الأولى من شهر رمضان، بحسب إحصاءات مديرية الأمن العام.
 
لا يوجد إحصائية رسمية حديثة لعدد قطع الأسلحة بيد الأردنيين، إلا أن وزارة الداخلية الأردنية قدرت عدد الأسلحة بـ300 ألف قطعة سلاح قبل أربع سنوات، أما الخبير العسكري اللواء الأردني المتقاعد مأمون أبو نوار فيقدر في حديث لـ"عربي 21" عدد الأسلحة بـ"مليون قطعة سلاح".
 
يقول أبو نوار إن هذا العدد مرشح للارتفاع بسبب "الميل لاقتناء السلاح بسبب الظروف الأمنية التي تحيط بالمنطقة".
 
قانونيا، تتشدد وزارة الداخلية الأردنية بمنح تراخيص حمل واقتناء الأسلحة، وتقيده بنظام الأسلحة النارية والذخائر رقم 34 لسنة 1952 الذي حصر حمل واقتناء الأسلحة بحالات معينة، ونص على أن "رخص حمل أو اقتناء السلاح شخصية ولا تستعمل إلا من قبل الشخص الذي صدرت باسمه وتنتهي حكماً بوفاة الشخص الطبيعي الذي صدرت باسمه".
 
  وحظر القانون إعطاء رخصة حمل أو اقتناء سلاح لمن حكم عليه بجناية أو لمن لم يكمل الحادية والعشرين من العمر.
 
 و يلجأ مواطنون لاقتناء أسلحة الصيد التي لا تحتاج لترخيص حمل كـ "البومبكشن"، و هو بندقية صيد حصدت أرواح عشرات الأردنيين في مشاجرات وحوادث إطلاق نار بالأفراح، وحصدت هذه البندقية حياة شخصين وإصابة 3 آخرين في مشاجرة بين عائلتين في ثالث أيام رمضان على خلفية إلقاء أطفال مفرقعات على عائلة أخرى.
 
 ولقي عضو مجلس نواب أردني سابق مصرعه بعد إطلاق النار عليه من قبل أفراد في عشيرته بنفس البندقية قبل عامين تقريبا.
 
وأحد الأسباب التي جعلت هذه البندقية سهلة المنال، هو بيعها بالمحلات المتخصصة للصيادين بأسعار زهيدة. ووفقا لصاحب محل لبيع الذخيرة وأسلحة الصيد رفض ذكر اسمه لـ"عربي 21" فإن هذه البندقية تباع بـ 250 دولارا تقريبا.. بينما تبلغ أسعار الأسلحة الأوتوماتيكية، كما يأتي: مسدس جلوك حوالي 700 دولار، وبندقية أم 16 حوالي 5000 دولار، و"رشاش" كوماندوس حوالي 7000 دولار، وكلاشنيكوف 1500 دولار، بعدما ارتفعت أسعارها بسبب الأحداث الجارية في سوريا والعراق.
 
جهاز الأمن العام يقر بأن بندقية الـ "بمبكشن" أصبحت تستخدم بكثرة، ويقول الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام المقدم عامر السرطاوي/ إن " البومبكشن أضحى السلاح الأكثر استخداما في المناسبات والمشاجرات، وهو أكثر خطورة من أي سلاح آخر عند استخدامه من مسافات قريبة".
 
ويؤكد أن الأمن العام يشن حملة لملاحقة من يحمل أي قطعة سلاح غير مرخصة.
 
يعيد خبراء علم الاجتماع انتشار الجريمة و الإقبال على الأسلحة النارية إلى عوامل اجتماعية واقتصادية و سياسية، ويقول رئيس قسم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور مجد الدين خمش، إن "الازدحام السكاني خصوصا في المناطق الشعبية له دور كبير في انتشار المشاجرات بالأسلحة النارية إذ يتواجد في عمان الآن حوالي 3.5 مليون نسمة ومليون وربع سيارة، وخلق هذا الازدحام والفائض السكاني مناخا من التوتر والاستنفار، إذ تجد أن المواطن الأردني أصبح متوتر الأعصاب في ظل شح في فرص العمل وبات الفرد يلجا إلى الهويات الفرعية والتعصب لهذه الهويات".
 
ويضيف خمش لـ"عربي21"، أن معظم المشاجرات التي ذهب ضحيتها قتلى بالأسلحة النارية ذات أسباب "سخيفة"، لكن توفر الأسلحة بهذا الشكل بين يدي المواطن دفع الأمور للتطور بسبب "رخص الأسلحة" وعدم خضوع بعضها للترخيص.
 
ويتساءل خمش: "لماذا هذه الأسلحة موجودة بأيدي الناس في الوقت الذي يجب أن يكون فيه السلاح بيد رجل الأمن والعسكري لأنه شرف ومسؤولية؟ كما أن هؤلاء الأشخاص مدربون على استخدام السلاح ويدركون المسؤولية".

 ويعامل قانون العقوبات الأردني وفق تعديلاته الأخيرة حالات القتل والإصابة الناتجة عن إطلاق الأعيرة النارية معاملة القتل القصد في حال الوفاة أو الشروع فيه، في حال حدوث إصابات بين المواطنين نتيجة هذه الأفعال.
 
ودفع انتشار السلاح بين يد الأردنيين مثقفين لدق ناقوس الخطر ومطالبة وزارة الداخلية وجهاز الأمن العام للتحرك وضبط " فوضى السلاح". وكتب الكاتب الأردني في صحيفة الغد الدكتور محمد أبو رمان مقالا تحت عنوان "أنا مرعوب" في إشارة لجرائم القتل التي تسببت بها هذه الأسلحة.
 
يقول أبو رمان لـ "عربي 21"، إن "هناك حالة غير طبيعيه في المجتمع الأردني، حالة من التوتر الاجتماعي الملحوظ، حالة من الضجر من التوتر الشديد، ينعكس هذا على تعامل الناس مع  بعضها في المجتمع وعلى حالة العنف الاجتماعي وعلى انتشار الجرائم وانتشار السلاح بصورة مرعبة، ففي الفترة الأخيرة أصبح هنالك استسهال لاستخدام الأسلحة والشعور بغياب الرادع الحقيقي، سواء كان الرادع القانوني أو الرادع الأخلاقي، كل هذا بتقديري لا يدفع فقط الحكومة للتساؤل وإنما يدفعنا نحن كمواطنين وكإعلاميين ومثقفين للوقوف على حجم هذه التحولات في المجتمع في السنوات الأخيرة".

 حالة الرعب التي وصفها الكاتب أبو رمان في مقالته، يقول إنها "انعكاس لحالة رعب و مشاعر عدد كبير من المواطنين والأصدقاء والزملاء بشكل دائم بالمجتمع، وعند الحديث دائما عن حالة الرعب والقلق بالمجتمع هناك بالمقابل هنالك حالة غياب أو إنكار من قبل الحكومة وعدم اهتمام نهائيا لرصد ما يحدث والتفكير في أسباب هذه الظواهر وانتشارها. هذه الدولة مسؤولة بدرجة ما عن هذه التطورات".
 


التعليقات (0)