ملفات وتقارير

كيف تم تقليم أظافر السيسي مبكرا

المشير عبد الفتاح السيسي - ا ف ب
المشير عبد الفتاح السيسي - ا ف ب
يبدو أن الصراع بدأ مبكرا بين عبد الفتاح السيسي المزهو بشعبيته من جانب، وبين الدولة العميقة التي تسعى لتقليم أظافر قائد الانقلاب من جانب آخر.

 ومن أبرز أعمدة الدولة العميقة في مصر، ثلاثي رجال الأعمال بقوتهم المالية الهائلة، وقادة الحزب الوطني المنحل بقواعدهم الشعبية، وأباطرة الإعلام الذين يملكون عشرات القنوات الفضائية يشكلون بها وعي الشعب.

 وظهر السيسي في حواراته التلفزيونية التي سبقت انتخابات الرئاسة واثقا بنفسه أكثر من اللازم، مستغنيا عن مساعدة الدولة العميقة، حتى أنه أفصح أكثر من مرة أنه سيضغط على رجال الأعمال الأثرياء لتحصيل مبالغ مالية كبيرة يحتاجها لمشروعات عملاقة، كما أنه طالبهم بدعمه اقتصاديا وتقليل أرباحهم بشكل بدا للكثيرين أنه ليس اختياريا، وهو ما أقلق رجال الأعمال، وجعلهم يشعرون بأنه ينوي التقرب من الشعب على حسابهم.

وتنكر السيسي لدور الإعلام في تمهيد الأرض له قبل الانقلاب - بتأليب الناس على الرئيس المنتخب محمد مرسي، حيث قال - في حوار تلفزيوني - إنه لا يدين بالفضل لأحد، بل هاجم الإعلام وقال إنهم سبب انقسام المجتمع المصري.

 أما أوضح تصريحاته فكانت من نصيب الحزب الوطني، حينما أكد أنه لا عودة لأوضاع ما قبل ثورة يناير، وشدد على أن حملته لا تضم أحدا من نظام مبارك، وهو ما أغضب كوادر الحزب الوطني الذين كانوا في صدارة المشهد يوم 30 يونيو وبذلوا جهدا بارزا لحشد الناس ضد الإخوان.

معاقبة السيسي

 ويقول مراقبون إن ثلاثي رجال الأعمال والحزب الوطني والإعلام قرروا توجيه ضربة استباقية للسيسي قبل تنصيبه، فالجميع داخل مصر وخارجها كان يعلم أن السيسي سيفوز في الانتخابات، لكن هناك فرقا شاسعا بين أن يدخل قصر الاتحادية عبر انتخابات نزيهة تشهد إقبالا كبيرا، وبين أن يحقق فوزا هزيلا يجعله يتخلى عن أوهامه عن حب الشعب له وجماهيريته الجارفة المزعومة.

لذلك، فإن فوزه بهذا الشكل يجعل مقاومته أسهل عند الجلوس على طاولة اقتسام "مغانم الانقلاب"، كما أنه يجعل شرعيته محل شك، فيصبح في احتياج دائم لهم، ويجعله أضعف من أن يهدد مصالحهم السياسية والاقتصادية.

 وبحسب مراقبين، فقد تلخصت الخطة في امتناع قادة الحزب الوطني ورجال الأعمال عن الحشد للانتخابات مع تعليمات من مالكي القنوات الفضائية بعدم الكذب بشأن نسب الإقبال، وترك الصورة الحقيقية تظهر على الشاشات، بل والمبالغة في مناشدة الناخبين بالمشاركة لإنقاذ سمعة الرئيس القادم.

 وقال حمدي رزق - الصحفي المؤيد للانقلاب - إن الحزب الوطني بوجوهه القديمة ابتعد بعائلاته وتكويناته عن لجان الانتخابات وقاطعها تماما كالإخوان نكاية في السيسي، ما حرم الصناديق من ملايين الأصوات كان في أمس الحاجة إليها.

 وأكد - في مقال له بصحيفة المصري اليوم - أن "رجال الأعمال لم يأبهوا للانتخابات، وعاقبوا السيسي، بعدما تأكدت النوايا المقلقة من تصريحات نسبت له، فمنعوا العاملين من التصويت، فكلما جاء التصويت ضعيفا كانت السلطة القادمة في موقف أضعف، وحق عليها التنازل مستقبلا".

 وتبنى الإعلاميون موقفا يكاد يكون جماعيا - بحسب مراقبين - وأثاروا حالة من الذعر من مشهد اللجان الخاوية، وهم المعروف عنهم اعتياد الكذب، وكان بإمكانهم تصوير الحال على غير حقيقته، كما يفعلون كثيرا، فهم - على سبيل المثال - من يظهر مسيرات معارضي الانقلاب التي تضم عشرات الألوف على أنها تجمعات للعشرات ولا قيمة لها، وجمهورهم يصدقهم ويكذب عينيه في أحيان كثير.

وسمح الإعلام المؤيد للانقلاب بزيادة جرعة النقد للسيسي أثناء فترة الانتخابات، فخرج أستاذ العلوم السياسية عمار علي حسن على قناة "إم بي سي مصر" وشن هجوما غير معتاد على السيسي، فقال إن السيسي لم يقدم سوى خطابا بائسا وظهرت معاناته من مشكلات كثيرة في الكلام، كما أن الناس لم تر أي شخصية محترمة بجانبه.

 بل إن قناة "سي بي سي" سمحت لأحد الشباب بالهجوم على السيسي بشكل غير مسبوق - في أستوديو تحليلي للانتخابات - وقال إنه قاتل وخائن ولا يملك أي مؤهلات لحكم البلاد سوى وعود ساذجة ومشروعات وهمية.

 وأكد هذا نادر بكار الناطق باسم حزب "النور" السلفي، حينما قال منذ يومين إن السيسى تعرض للخيانة في انتخابات الرئاسة من رجال الأعمال ورموز الوطني والقوى السياسية.

 وفسر بكار ضعف المشاركة فى الانتخابات، بأن كل هؤلاء تخلوا عن دعم السيسي وباعوه، ردا على تصريحاته أثناء فترة الدعاية الانتخابية بأنه لن يسدد فواتير لأحد حال فوزه بالرئاسة.

 وقال - في حوار مع صحيفة المصري اليوم - إن هناك من تعمد إحراج السيسى أمام الشعب والرأي العام العالمي بإظهار اللجان خاوية من الناخبين، مشيرا إلى أن بعض وسائل الإعلام شاركت في ذلك.

وصلت الرسالة؟

 ويبدو أن رسالة الثلاثي وصلت للسيسي، أرأيت ضعف الإقبال؟ أنت لا تتمتع بالشعبية الكافية، لا يمكنك الاستغناء عنا، أوراق اللعب ما زالت في أيدينا ويمكننا أن نسقطك كما أسقطنا مرسي.

 وفي هذا السياق كتب عبد الله كمال - الصحفي المقرب من نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك - ناصحا السيسي: "لا ينبغي على الرئيس الجديد أن يلجأ مجددا إلى اختبار شعبيته، استدعاء أو تفويضا أو اكتساحا، وإنما أن يغذي مستوى رصيده من الشعبية بالإنجازات المتوالية".

 وحول طريقة تعامل النظام الجديد مع موازين القوى في البلاد قال - في مقال على موقع "دوت مصر: "الأيام القليلة السابقة كانت عامرة بالدروس، وهي تثبت مجددا أنه لابد من تأسيس معادلة حكم داخلية متوازنة لا تستبعد إلا أعداء الحكم والدولة والقانون، وأن حلفاء الحكم الجديد الذين ارتبطوا به منذ 30 يونيو إلى الآن، ولا بد أن يتوافر لهم منظومة متكاملة تحقق التوازن بين كل هؤلاء الحلفاء، وهكذا ينشأ النظام، وهذه المعادلة لابد أن تكون جاهزة قبل المضي قدما في اتجاه أي خطوات إصلاحية".

 وظهرت نتيجة هذا الضغط المبكر على السيسي، وكأن الطرفان توصلا لاتفاق؛ ففي اليوم الثالث، وبقدرة قادر - كما يقول المصريون - أصبحت كل القنوات تتحدث عن إقبال هائل على اللجان، بل اعتذر بعض المذيعين للجمهور عن تغطيتهم لليومين السابقين، مؤكدا أن الإقبال كان كبيرا لكن مراسليهم هم من أخطأوا في نقل الصورة بشكل صحيح!!

 وتبدل الحال في الصحف المصرية بشكل فج، فبعد أن صدرت في اليوم الثاني للانتخابات بعناوين فاضحة مثل "الدولة تبحث عن صوت انتخابي" عادت في اليوم التالي مرة أخرى إلى العناوين المعتادة منذ الانقلاب من قبيل "مصر أبهرت العالم".
التعليقات (92)
عماد محمد حسين
الخميس، 26-11-2015 06:38 ص
تحيا مصر برغم كل شي
محمد حامد الماريه
الأربعاء، 30-09-2015 07:40 ص
كتكوت مفزوع يا خواتى
داود عوض السودان
الجمعة، 04-09-2015 10:07 ص
هادئا تحكم الدول العربيه
دريد
الجمعة، 01-05-2015 02:45 ص
حين يصبح القضاء نزيها ومستقلا فكل شيء سيعتدل بدءا بالاعلام وغيره
على الهادى
الجمعة، 21-11-2014 04:47 م
والله هو ده رئيس مصر الحالى ولابد أن نقف وراءه ونسانده حتى نرى مالديه لهذا الشعب ولا نخطىء كما أخطأ الناس فى رأيى فى الحكم على مرسى