مدونات

في وصف العبيد

عبدالرحمن محمد رضا
عبدالرحمن محمد رضا
"استخزاء تحت سوط الجلاد، وتمرد حين يرفع عنها السوط، وتبطر حين يتاح لها شيء من النعمة والقوة" …هكذا ببساطة وإعجاز وصف الشهيد سيد قطب رحمه الله طباع العبيد.

وقال رحمه الله مبينًا أثر الذل على هؤلاء "إن فترة الإذلال التي قضوها تحت حكم فرعون الطاغية قد أفسدت فطرتهم إفسادًا عميقًا، وليس أشد إفسادًا للفطرة من الذل الذي ينشئه الطغيان الطويل، والذي يحطم فضائل النفس البشرية، ويحلل مقوماتها، ويغرس فيها المعروف من طباع العبيد".

إنها إذاً طباع العبيد التي طفت علي سطح الحياة المصرية وأسفرت عن وجهها القبيح في الأيام الماضية فخلعت عن وجوه كثيرٍ ممن حولنا قناع الأحرار وأخرجت أسوأ ما في نفوسهم من طباع العبيد التي أوجزها الشهيد سيد قطب بتوفيق إلهي في الفقرة السابقة .

حينما يملأ الأحرار صدورهم بنسمات الحرية وتشرق بها نفوسهم ؛ تجد العبيد وقد ضاقت صدورهم وقاربوا علي الاختناق ، إنهم لا يقدرون علي استنشاق نسيم الحرية ولا يمكنهم العيش في نور الحرية وشمسها وبهجتها ، فإن من اعتاد العيش تحت حذاء الطاغية ولا ينام إلا علي لسعات كرباجه ؛ فإنه يصعب وأحياناً يستحيل عليه أن يحيا في نور الحرية .

مثلهم في ذلك كبعض زنوج أمريكا حين صدر إعلان التحرير وأُرغم مالكو العبيد علي تحرير عبيدهم ؛ كانوا يعودون إلي أسيادهم ويبكون عند أقدامهم يطلبون العودة في خدمة أسيادهم لأنهم لا يستطيعون العيش وحدهم لا يمكنهم الحياة إلا في ظل أسيادهم ، لا يستطيع أحدهم أن يحيا إلا في كنف سيد قوي قاهر يحيا تحت ظله وفي حمايته !!! … لقد ولدوا في الأسر وعاشوا فيه طول عمرهم ولم يعرفوا طعم الحياة الحرة يوماً ، فهم كالسمك الذي أُخرج من الماء .

وفي بلادنا وُلدت أجيالٌ كثيرة في الأسر، لم تتنسم يوماً عطر الحرية، لم تعرف طعمها، لم تحيا حرةً ولو يوماً واحداً … ولدوا عبيداً وعاشوا عبيداً ؛ لذا تراهم يستغربون من أقوال الأحرار وينكرون أفعالهم .

تراهم يتأففون عند ذكر الأحرار وتشرق وجوههم عند ذكر سادتهم !

تراهم يأخذون جانب أسيادهم في كل موقف.

فأسيادهم دائماً علي حق وغيرهم علي باطل !

أسيادهم صادقون أمناء وغيرهم كذبة ضُلاَّل بل وخونة !

أسيادهم حكماء فضلاء عقلاء وغيرهم حمقي وجهلة ومغفلين !

أسيادهم نبلاء ووطنيون مهما امتلأت أيديهم بدماء أبناء الوطن !

أسيادهم شرفاء أطهار مهما اغترفت أيديهم من المال الحرام من قوت أبناء الوطن !

هم كالذي عاش في الظلام طول عمره ثم أتي من يفتح له طاقةً من نور الشمس، فلا شك أنه سينزعج ويصرخ ولربما سعي لقتال من يفتح له طاقة النور ليبصر ، سيبذل كل جهده وسيسعي بكل طاقته لإغلاق نوافذ النور ومنع شمس الحرية .

هؤلاء العبيد إن أخذنا علي أيديهم أنجيناهم وأنجينا أنفسنا من ظلام الاستبداد.

لا يهولنكم صراخ العبيد خوفاً من ضوء الشمس.

 فعمَّا قليل سيعتادون علي ضياء الحرية وسيذوقون طعمها.

عمّا قليل سيدركون أنهم عاشوا في الأسر واستمرأوا اللقمة التي غمست بذل العبودية.

عمّا قليل سيعقلون … سيفهمون سيفتحون عيونهم وقلوبهم للنور.

عمّا قليل سيبدأون بالاستمتاع مثلنا بنور الحرية وسيملأون صدورهم من نسماتها فتشرق بها نفوسهم.

عمّا قليل سيحسون بالخجل لما قالوا ولما فعلوا وسيسعون مثلنا لفتح أعين الناس ليبصروا الضياء.

وسيبقي آخرون قد تمكنت من نفوسهم العبودية وخالطت شغاف قلوبهم فلا يستطيعون منها فكاكاً ؛ فهم كالمريض الذي لا يُرجي شفاؤه .

لن ننسي دماء الشهداء الأحرار التي أُريقت في سبيل ذلك ، فإنهم قد خلصوا أعناقنا من رق العبودية وكسرة الذل فلهم في أعناقنا ديْن نوفيه في الدنيا بالقصاص العادل فإن في القصاص حياة ، وديْن في الآخرة بأن نشهد لهم أمام الله أنهم السابقون أصحاب الفضل من ضحوا بأنفسهم في سبيل الله لنحيا في النور .

سنفتح نوافذ النور ونزيل ستائر الظلم والاستبداد ؛ سنضيء بلادنا بنور الحرية وسننعم جميعاً بطعمها الحلو المبهج .

ستنتصر ثورتنا بإذن الله.
التعليقات (1)
الطالب مختار
الأربعاء، 17-11-2021 03:40 م
جميل