حول العالم

"وادي رم" الأردني.. متعة القفز إلى عبق التاريخ

فريق فرنسي يقفز فوق جبال وادي القمر جنوبي الأردن - الاناضول
فريق فرنسي يقفز فوق جبال وادي القمر جنوبي الأردن - الاناضول
من فوق جبال وادي رم الوردية، جنوبي الأردن، قفز فريق "بارا أدرينالين"، الفرنسي للقفز الحر، يوم الإثنين، من ارتفاع حوالي أربعة آلاف متر، في مغامرة وصفها الفريق بـ"الرائعة والمدهشة".

و"بارا أدرينالين" هو أكبر مركز لرياضة "سكاي دايفنج" (Skydiving) في أوروبا، حرص على التوجه إلى لبنان بناء على دعوة تلقاها من سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.

روعة المنظر في وادي رم تكمن في الصورة التي تعلق بذاكرة من تتاح له رؤية المنطقة من الأعلى من خلال طائرة، أو عبر رياضة القفز الحر من السماء، حيث يشعر وكأنه يقفز من على سطح القمر.

الفعالية، التي رعتها سلطة "منطقة العقبة الاقتصادية الحرة" (حكومية مختصة بإدارة وتنظيم المنطقة)، جاءت بعد نجاح تجارب نفذتها فرق لهذه الرياضة في المنطقة، بمشاركة فريق على رأسه بطل العالم في هذه الرياضة، مارتين فيري.

وبعد نجاح تجربتهم بهبوطهم على أرض الوادي الصخرية والرملية، قال أضاء الفريق إن "القفز في هذه المنطقة يعطي شعورا للشخص بأنه يقفز للمرة الأولى، أو في مكان ليس على سطح الأرض، نظرا لغرابة وجمال الطبيعة".

ومضوا قائلين، في بيان وصل وكالة الأناضول نسخة منه، إن "حدث القفز من الطائرة هذا العام يعطي للمشاركين تجربة قفز مشوقة، إضافة إلى إمكانية المشاركة في دورة تدريبية للقفز من الطائرة المصدقة (المعتمدة) دوليا، والتي تمكنهم من القفز الانفرادي في أي منطقة بالعالم."

ويتم تدريب الفريق، وفقا للبيان، "من قبل مدربي القوات الخاصة الفرنسية والألمانية بانتظام".

ووادي رم يسمى أيضا وادي القمر نظراً لتشابه تضاريسه مع تضاريس القمر، وهو واد سياحي في منطقة حسمى جنوبي الأردن، على بعد 70 كيلومترا شمال مدينة العقبة الساحلية.

ويمتاز الوادي بوجود جبال شاهقة، وفيه أعلى القمم الجبلية جنوبي بلاد الشام (الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين) وهما جبل أم الدامي وجبل رام.

وينحدر الطريق الرئيسي إلى وادي رم وقرية رم الصغيرة شرقا من الطريق الصحراوي عند حوالي 5 كيلومترات إلى الجنوب من مدينة القويرة، و25 كيلومترا إلى الشمال من العقبة.

ومن هناك يمتد الطريق بطول يصل إلى حوالي 35 كيلومترا عبر الصحراء، وينتهي حتى وادي رم، وهو من أكثر مناطق الأردن التي يقصدها السياح من جميع أنحاء العالم؛ نظرا لطبيعية الموقع الخلابة.

وتكثر في منطقة وادي رم المخيمات السياحية التي تحل محل الفنادق، كونه محمية طبيعية لا يسمح فيها ببناء فنادق.

وتظهر البحوث الميدانية في منطقة وادي رم وجود تجمعات سكانية في الماضي السحيق، وفي فترة أواخر العصر الجليدي (قبل 10000 سنة)، حيث كانت المنطقة كثيفة الأشجار، وتتلقى كميات كبيرة من الأمطار، وكان مظهرها في تلك الفترة بعيد جدا عن طبيعتها الصحراوية الراهنة، وتعود الكميات الكبيرة من المياه الجوفيه في هذه المنطقة إلى كثافة الأمطار في تلك الفترة من التاريخ.

ويعتقد أن أول من وثق عن وادي رم في التاريخ، هو الجغرافي الروماني تولمي Ptolemy في كتابه "الجغرافيا"، وذكره باسم "اراموا" Aramaua.

ويعتقد أن هذه المنطقة هي التي ذكرها القرآن الكريم باسم "إرم" في قوله تعالى : {ألمْ ترَ كيفَ فعلَ ربُكَ بعاد، إرمَ ذاتِ العماد، التي لم يُخْلَقْ مثلُها في البلاد}. وإن كان هذا موضوعا خلافيا لوجود منطقة في اليمن باسم "إرم" أيضا.

وأظهرت بحوث اسكتشافية في منطقة "رم" وجود نشاط سكاني في المنطقة بين عامي 600 و800 قبل الميلاد، وكانت تطلق على هذه المنطقة اسم "ارام" أو "ارَم" (Iram).

البحوث أظهرت كذلك أن هذه المنطقة كان مشهورة لكثرة ينابيعها، وكثرة حيوانات الصيد بها. وسكن العرب هذه المنطقة منذ عصور ما قبل التاريخ، وظهرت لهم كتابات تثبت وجودهم.

وفي التاريخ الحديث، سكنت هذا الوادي قبائل بدوية كثيرة، أهمها قبيلة الحويطات، وحاليا تسكنه قبيلتا الزلابية والزوايدة، التي تعود في الأصل إلى قبيلة عنزة الوائلية، إضافة إلى عائلات من قبائل أخرى من الحويطات.

وتوجد في منطقة وادي رم مدرسة عسكرية ونقطة (مركز) أمني تابع لقوات البادية الأردنية (حكومية)، وأنشئ مؤخرا في بلدة الديسة بالمنطقة مضمار لسباق الهجن (الإبل).

ويتميز سكان المنطقة بأنهم لا زالوا يحتفظون بالعادات والتقاليد البدوية واللباس العربي وتربية الجمال، وهي العادات التى اختفت من كثير من مناطق أردن الأنباط، الذين تركوا معابدا ونقوشا تعود إلى القرن الرابع الميلادي. 

والأنباط هي مملكة عربية قديمة قامت في الأردن وشمال غرب الجزيرة العربية بين عامي 312 "ق.م" و106م، كانت عاصمتهم البتراء.

وكانت منطقة وادي رم خصوصا، ومنطقة حسمى عامة، ممرا للقوافل العربية القادمة من شبه الجزيرة العربية واليمن إلى بلاد الشام، وتوجد كتابات ونقوش عديدة تظهر ذلك.

وبدأ ترويج هذه المنطقة سياحيا أواخر ثمانينات القرن الماضي بعد أن تم بها تصوير فيلم "لورنس العرب" الشهير في الستينيات، والآن أصبحت السياحة هي مصدر دخل العديد من سكانها، الذين يعملون بها كأدلاء (مرشدون)، أو غيرها من الأعمال.

وفيلم "لورانس العرب" من إخراج ديفيد لين عام 1962، وإنتاج سام سبيجل، وبطولة بيتر أوتول وعمر الشريف وأنتوني كوين .

وتسوق وزارة السياحة الأردنية وادي رم على أنه جزء من مثلث السياحة الذهبي، الذي يشمل وادي رم والبتراء والعقبة.

ومن الأنشطة السياحية في هذه المنطقة، التخييم والتجول بين الجبال على ظهور الخيل والإبل أو بسيارات الدفع الرباعي، وتسلق الجبال.

وبإمكان الزائر المبيت في المخيمات، التي تقدم وجبات طعام وخدمات أخرى.
التعليقات (0)