ملفات وتقارير

الغارديان: في غزة يعانون من مصر وإسرائيل

فلسطينيّون ينقلون مصاباً برصاص جيش الاحتلال على حدود غزة - الأناضول
فلسطينيّون ينقلون مصاباً برصاص جيش الاحتلال على حدود غزة - الأناضول
كتب إيان بلاك، محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "الغارديان" عن حالة الجبهة بين غزة وإسرائيل، وقال إن وقف إطلاق النار الهش مهدد بسبب حالات إطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل ورد الأخيرة عليها. 

وقال بلاك "لا يتابع أبو سعد في الحقيقة محادثات السلام التي يرعاها وزير الخارجية جون كيري، ولكنه يمسك ببندقيته أم-16 الأتوماتكية، ويغطي وجهه ورأسه بكوفية حمراء، أثناء حديثه عن الدفاع عن غزة ضد هجمات إسرائيل أيا كان الوضع، وقف إطلاق نار أم غير ذلك".

والتقى بلاك أبو سعد وعدد ممن قال إنهم أعضاء في الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية، والذين كانوا يلوحون ببنادقهم بتحد "في وقت تبدو فيه الهدنة مع إسرائيل هشة. وخلف قناعه، أومضت عينا مقاتل آخر استمع لصوت طائرة بدون طيار كانت تحوم  كإشارة أن العدو ليس بعيدا، وقال "هناك طائرات في السماء" وتبع ذلك حوار مستعجل من خلال لاسلكي المجموعة".

وأضاف بلاك أن حالة القلق مفهومة، ففي الخميس الماضي قتل جندي إسرائيلي فلسطينيا في المنطقة العازلة قرب السياج الحدودي، وجرح ثلاثة أشخاص. وفي يوم الجمعة الماضية أطلقت كتائب الناصر صلاح الدين صاروخي غراد داخل المناطق الإسرائيلية في رد على ما قالوا إنها "جرائم الإحتلال"، وبعد ثلاثة أيام فككت القوات الأسرائيلية قنبلة زنتها 20 كيلو غرام كانت مدفونة قرب خان يونس. 
ويقول أبو سعد "إن بنك الأهداف دائما جاهز"، و "نحن مستعدون جيدا"، وتقول إسرائيل إن مجموع ما أطلق من غزة من صواريخ هذا العام بلغ 43 صاروخا وقليل منها ترك أضرارا أو أدى لإصابات.

وأضاف التقرير إن حماس، الحركة الإسلامية التي تحكم غزة تقول إنها ملتزمة بالإتفاق الذي أنهى الهجوم الإسرائيلي عام 2012. ونقل عن غازي حمد، نائب وزير الخارجية "حماس تتبع أسلوب العقاب الجماعي ولكننا مهتمون بالإبقاء على الوضع هادئا وتحت السيطرة". وأضاف حمد "نحن لسنا مهتمين بأي نوع من المواجهة وإن لم نكن نسيطر على الوضع لكان هناك الكثير من الصواريخ التي ستطلق"، وتحترم حركة الجهاد الإسلامي الإتفاق أيضا، ولكن الفلسطينيين يشتكون من عدم تخفيف قيود الحركة وفتح المعابر وتواصل هجماتها كما تريد. ويقول أبو سعد "نحن ملتزمون بوقف إطلاق النار طالما التزم به الإحتلال". ويقول أبو سعد أن مصالح مجموعته لا تتوافق مع مصالح حماس التي تدير الحكومة "فهل نحتاج لطلب الإذن منهم- حماس- عندما تخرق إسرائيل الإتفاق".

 ويعلق بلاك "من ناحية عسكرية فهي معركة غير متساوية، حيث تسيطر إسرائيل تقريبا على مجمل حدود غزة، ومجالها الجوي والبحري. فيما قتلت الهجمات بطائرات بدون طيار التي تلقى مساعدة من العملاء على الأرض مئات الناشطين الفلسطينيين. 
وكان آخر الأهداف عبدالله خرطي الذي جرح عندما كان يقود دراجته النارية، وربما نجا لأنه كان لا يحمل هاتفه النقال الذي كان سيعطي إشارة للصاروخ الموجه الذي اطلق عليه. ويرى أبو سعد أن وصف إسرائيل لخرطي بأنه "ناشط في الجهاد العالمي" مجرد دعاية يقوم بها الإحتلال الذي يريد "تدمير القضية الفلسطينية".

 وأضاف بلاك أن شوارع غزة مليئة بصور الشهداء، واحد من أقدم الشهداء هو فتحي الشقاقي، مؤسس حركة الجهاد الإسلامي الذي اغتيل في مالطة عام 1995 من قبل عملاء الموساد، وهناك صور تخلد ذكرى أحمد الجعبري، القائد العسكري الذي كانت له علاقة باختطاف المجند الإسرائيلي جلعاد شاليط.

وقال الكاتب إن الإغتيالات تشوش وتقسم، وهناك أربع جماعات إسلامية اثنتان منها قريبتان من حماس تعمل تحت مظلة لجان المقاومة الشعبية.

وإذا كان التوازن العسكري في صالح إسرائيل فهناك قلة يتوقعون تغييرا سياسيا في غزة. وعادة ما توصف غزة بالفيل في الغرفة ولم يتم نقاشها في المحادثات التي يرعاها كيري. وفي الوقت الذي تعارض فيه حماس المحادثات إلا ان لهجتها وبشكل مثير لينة وبحسب أحمد يوسف "أعتقد يجب أن نعطي عباس فائدة الشك" على الرغم من التيقن من عدم نجاحه. وقال يوسف  الذي يدير بيت الحكمة في غزة إن عباس "سياسي داهية". 

وقال الكاتب إن حماس في وضع صعب، حيث تقوم إسرائيل بممارسة الضغط والحصار، فيما قطع شريان الحياة من مصر بعد الإطاحة بنظام الرئيس محمد مرسي في تموز/يوليو العام الماضي. وقال مسؤول بارز في حكومة حماس إن الأثر كان "كارثياً"، فقد أدى اغلاق المعابر قرب رفح إلى نقص في الأسلحة والنقود والبضائع، وهناك رواتب 40 ألف موظف يجب دفعها.

ويعاني الكثير من سكان غزة 1.8 مليون نسمة من ارتفاع الأسعار ونقص الكهرباء التي لا تتوفر في اليوم سوى ساعات. كما أن نقص مواد البناء أدى لشل حركة الإعمار، وارتفعت نسبة البطالة لحوالي 38% فيما تزداد الجريمة، ومن الصعب مغادرة غزة بسبب اغلاق معبر ايرتز أمام معظم الفلسطينيين ولا يفتح معبر رفح سوى لأيام. وتزداد حالات التسول.

 وقال نافذ عزام من حركة الجهاد "إنها محاولة مقصودة لإجبارنا على الإستسلام". وأضاف عزام أن إسرائيل تسمح لدخول بعض المواد من أجل الإستعرض أمام الإعلام. وأكد قائلاً "يريدون اجبارنا على اتباع الحمية، فهم لا يريدوننا أن نصبح مثل الصومال، ولكنهم يريدون اشغالنا  بالبحث عن الطعام والقلق حول نقص الكهرباء وانفجار المجاري الصحية وليس التركيز على السياسة أو مقاومة إسرائيل،وليس القلق حول اللاجئين واهدافنا الطويلة المدى".

وعن جهود المصالحة بين حماس وفتح أشار الكاتب إنها لم تؤد لنتائج، ونقل عن حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لحركة فتح قولها "يجب أن تكون حماس جزءا من النظام السياسي" ولكنها تلوم إسرائيل ومصر لوقوفهما أمام المصالحة. 

وقد يحتاج الأمر إلى انهيار الجهود الدبلوماسية فربما تدفع الجماعات الفلسطينية  لدفن خلافاتها. ويبدو أن الإسلاميين يعولون على هذا الخيار. ويرى باسم نعيم، مستشار رئيس الحكومة في غزة إسماعيل هنية أن أي اتفاق سيكون بمثابة انتحار سياسي. وقال غازي حمد إن "عباس وعد بأنه سيستشير كل الفصائل الفلسطينية"، و "لكن حدسي إنه لن يكون هناك أي  اتفاق، عاجلا أم أجلا سيفشل كيري وسيجبر على النظر لأصل وأسباب النزاع". 

وينهي الكاتب بالقول إن حماس وإسرائيل تحاولان تجنب التصعيد حيث نقل عن مسؤول إسرائيلي بارز "لا وهم لدى حماس" في هذا "فهم يفهمون أن هناك قواعد للعبة وأنه لا يوجد تسامح مع أي خرق لوقف إطلاق النار". ولكن أبو سعد ورجاله هم لاعبون أيضا وقد لا يبالون بنتائج أفعالهم.
التعليقات (0)