ملفات وتقارير

الأردن: وزارة التنمية السياسية موقع شاغر للمعارضين

سياسي بارز: "التنمية السياسية" وزارة هامشية ولا تؤثر في سياسة الدولة
سياسي بارز: "التنمية السياسية" وزارة هامشية ولا تؤثر في سياسة الدولة
منذ إنشاء وزارة للتنمية السياسية في الأردن عام 2003، تسابق رؤساء الحكومات لإعطاء هذا المنصب لشخصية معارضة.

فمن بين اثنتي عشرة حكومة تشكلت عقب ولادة الوزارة، شغل خمسة معارضين منصب الوزير فيها، ما يطرح تساؤلات حول أهداف بعض الحكومات من ضم وزير معارض لصفوفها، ومدى تأثير هؤلاء على توجهات الحكومة السياسية، علما بأنه من المعروف في الأردن أن الحكومة ليست وحدها التي تحدد السياسة العامة للدولة، حيث يشاركها في ذلك الديوان الملكي وجهاز المخابرات العامة.

محمد داودية ومحمد العوران وموسى المعايطة وبسام حدادين، وأخيرا خالد الكلالدة (وزير حالي)، هي شخصيات حزبية ذات نشاط معارض معروف استلمت حقيبة التنمية السياسية، لكنها وفق مراقبين لم تستطع التأثير على التوجهات السياسية للحكومة أو الدولة الأردنية.

يعتقد النائب السابق في البرلمان الأردني (الوزير الأسبق) ممدوح العبادي، أن وزارة التنمية السياسية وزارة هامشية بالأساس، ولا تؤثر في سياسة الدولة. كما أن أهدافها وفق العبادي غير واضحة؛ فالأحزاب ليست من ضمن اختصاصاتها، حيث بقيت ضمن اختصاصات وزارة الداخلية.
 
وفي ذات الوقت يعتقد العبادي أن المعارضين نوعان؛ شخص معارض ملتزم بقرار الحزب، وشخص ذو خلفية حزبية ونشاط معارض. ويشير العبادي إلى أن كل المعارضين الذين استلموا وزارة التنمية السياسية هم من النوع الثاني.

ويرى العبادي  في تصريحات لـ"عربي21"، أن الحكومات تسعى لإضفاء نكهة سياسية من خلال أشخاص قادرين على تسويق الحكومة من الناحية السياسية. وعليه فلا يمكن أن نلحظ تأثيرا لوزير التنمية السياسية في توجهات الحكومة باستثناء طرح الأفكار على طاولة مجلس الوزراء.

وزير التنمية السياسية الأسبق بسام حدادين، يخالف العبادي ويعتقد أن وجود وزير "يحمل توجهات إصلاحية" يخدم الرأي الآخر "من خلال الحوار ووضع الأفكار الإصلاحية على طاولة البحث والدفاع عنها في دوائر صنع القرار".

ويدافع حدادين عن تجربته الشخصية، ويقول إنه شارك في الحكومة على قاعدة "مثلت خطابا إصلاحيا في الحكومة، واشتبكت مع تيار المقاطعة للانتخابات، وتيار معارضة جدولة الإصلاحات"، ويضيف في تصريح خاص لـ"عربي21": "كنت أضع على طاولة مجلس الوزراء أفكارا واقتراحات تدعم وجهة النظر الإصلاحية، وكانت تسمع جيدا".

لكن أحد وزراء التنمية السياسية السابقين الذي رفض إكمال الحديث في الموضوع، أبدى تشاؤمه من التجربة التي مرّ فيها، مدللا على أنه تعرض للتجميد لمجرد طرح  فكرة لم ترق للمنظومة الحكومية.

ويأخذ مراقبون على تجربة حدادين وزملائه في الوزارة، أن صوتهم كان مرتفعا وصادقا، لكنّ أثره على شكل قرارات كان محدودا جدا، وهو ما يؤكده العبادي بقوله إنه "وزير من 25 وزيرا، لن يؤثر شيئا".

ويعترف حدادين بمحدودية تأثير توجهات الوزير الإصلاحي في توجهات الحكومة السياسية، ويقول: "واهم من يظنّ أن وجود وزير إصلاحي يمكن أن يحدث نقلة في سياسات الدولة"، لكنه يؤيد التجربة ويستدرك قائلا: "لقد نجحت في نقل خطابي السياسي ليصبح خطاب الدولة".

ويرى منتقدون لفكرة وجود وزير ذي توجهات معارضة دون سند من قوى المعارضة، تغريدا خارج السرب، وإضعافا وتفكيكا للمعارضة. لكنّ حدادين يجادل في أن "المعارضة في الأردن باستثناء الحركة الإسلامية ضعيفة ومفككة أصلا"، أمّا العبادي فيعتقد أن الوزراء المعارضين كانوا صادقين في توجهاتهم، وحملوا قناعاتهم معهم إلا أن "السيستم أقوى منهم".

وتجدر الإشارة إلى أن كل الوزراء المعارضين الذين تقلدوا منصب وزير التنمية السياسية ينتمون إلى التيار اليساري.

يذكر أن وزارة التنمية السياسية أنشئت عام 2003، ورسالتها كما يوضح موقعها على شبكة الإنترنت هي "مأسسة التنمية السياسية المستدامة في إطار الشراكة الحقيقية بين مؤسسات الدولة وفئات المجتمع وفعالياته، من خلال توسيع المشاركة السياسية باعتبارها المرجعية الأعلى لصنع القرار، والتوعية والتثقيف المجتمعي بالحقوق والواجبات المدنية والسياسية، وتطوير الحياة الحزبية، وتحفيز المواطن ومؤسسات المجتمع المدني على القيام بدورهم تجاه الوطن في إطار المشاركة الوطنية الفاعلة".
التعليقات (0)