ملفات وتقارير

تشديد الضوابط على الوعاظ في السعودية والكويت

الائمة في الكويت باتوا عرضة للحرمان من العمل في حال المخالفة (ارشيفية)
الائمة في الكويت باتوا عرضة للحرمان من العمل في حال المخالفة (ارشيفية)
تشدد السعودية والكويت في هدوء الضوابط على الوعاظ والدعاة خشية احتمال أن يستغل بعض الدعاة نفوذهم في "إثارة الاضطرابات أو تأجيج الانقسامات الطائفية" في وقت يشتد فيه التوتر بسبب الأزمة في سوريا والوضع في مصر.

وامتنعت السلطات السعودية عن الرد على تقارير وردت في الإعلام المحلي في الأشهر الأخيرة وجاء فيها أن ما يقرب من 20 واعظا فصلوا من وظائفهم أو أوقفوا عن العمل.

وفي الكويت استأنفت السلطات مراقبة خطب الجمعة ومنعت واعظا من تقديم برنامجه التلفزيوني ورحلت إمام مسجد أجنبيا.

وتأتي التطورات في البلدين في أعقاب الحملة الامنية التي تشن على جماعة الإخوان المسلمين في مصر التي تقدم بديلا شعبيا للحكم الوراثي ولها أنصار في الخليج.

وأثار الانقلاب على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي من قبل الجيش في تموز/يوليو وفض اعتصام أنصاره في أغسطس/ آب غضبا في اوساط الدعاة ومواطنين خليجيين في الوقت الذي تعهدت السعودية والكويت دعم الحكومة المعينة من الجيش.

وقال مدير مركز بروكينجز الدوحة لبحوث الشرق الأوسط سلمان الشيخ إن هناك حساسية شديدة إزاء أنشطة الإخوان المسلمين والنشاط السياسي عموما.

وأضاف أن الكويت والسعودية ستستمران في الرفض القاطع إلى حد بعيد لما تعتبرانه أنشطة للإخوان المسلمين وكل من تريان أنه يؤذيهم.

وأدت الحرب في سوريا إلى تفاقم الانقسامات الطائفية في شتى أنحاء المنطقة حيث يسعى معارضون مسلحون للإطاحة بالرئيس بشار الأسد المدعوم من ايران وحزب الله.

وندد وعاظ مرتبطون بالدولة في السعودية بحكومة الأسد ودعوا لنصرة السوريين منذ بداية الصراع وجمع نحو 140 مليون دولار في حملة نظمتها الحكومة للاجئين السوريين العام الماضي.

ويستخدم بعض الدعاة الكويتيين مواقع التواصل الاجتماعي في جمع تبرعات للمقاتلين في سوريا بل وساعد عدد منهم في جمع أموال لشراء السلاح.

الإخوان المسلمون

الإخوان المسلمون تنظيم محظور في السعودية أما في الكويت فتتغاضي السلطات عن نشاطهم لكن بحذر وشكل أعضاء جماعة محلية منبثقة عن الإخوان المسلمين كتلة برلمانية مهمة في البرلمانات السابقة.

وما يقلق البلدين وغيرهما من دول الخليج هو أن الإخوان المسلمين يعتنقون عقيدة سياسية نشطة تدعو المسلمين السنة إلى الحض على التغيير وهذا يتعارض مع المذاهب التقليدية السائدة في الخليج ولاسيما في السعودية الذي يدعو المسلمين لطاعة حكامهم إلا في ظروف محدودة ومحددة.

وقال المحلل السياسي السعودي خالد الدخيل إنه يعتقد أن كثيرا من الأئمة المعروفين بحديثهم الجهير في المملكة والذين يقلقون السلطات متأثرون بالإخوان المسلمين.

وبرغم الحظر تتغاضى السعودية عن الاجتماعات غير الرسمية للإخوان المسلمين ما دامت بعيدة عن الخوض في المناقشات السياسية. لكن القلق من نفوذ الحركة زاد حدة منذ ساندت الرياض انقلاب الجيش على مرسي.

وأوقفت السلطات السعودية واعظا في الرياض عن العمل بعد أن صور في أغسطس/ آب وهو يهاجم القائد العام للقوات المسلحة المصرية الفريق أول عبد الفتاح السيسي في خطبة أثارت شجارا وتشابكا بالأيدي في مسجد.

وفي الشهر نفسه فصل الداعية الكويتي طارق السويدان المعروف في العالم العربي بأحاديثه عن سبل تحسين المرء لحياته من عمله كمقدم برنامج في قناة تلفزيونية سعودية بعد أن عرف نفسه بأنه أحد قياديي الإخوان المسلمين خلال محاضرة في اليمن.

وانتقده مالك القناة الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال قائلا إن له ميولا "متطرفة".
وقال محمد الزلفى عضو مجلس الشورى السعودي السابق إن بعض الدعاة يتناولون قضايا لا علاقة لها ببلدهم بل تلحق به الضرر.

الكويت

في بعض أنحاء الخليج تقر الحكومة خطب الجمعة مسبقا وفي الكويت تصدر وزارة الشؤون الإسلامية نماذج إرشادية لخطب الجمعة غير ملزمة للأئمة.

وقال خالد الحيص المسؤول الحكومي المكلف بالإشراف على المساجد في منطقة حولي قرب العاصمة إن بمقدور الأئمة الحديث عن معظم الأمور ما داموا يمتنعون عن الإشارة إلى أشخاص أو أسر أو الأدلاء بتعليقات طائفية.

ومنعت الحكومة في أغسطس/ آب عرض البرنامج التلفزيوني الذي يقدمه الداعية الكويتي شافي العجمي إثر بث حلقة في التلفزيون الرسمي دعا لجمع السلاح لمقاتلي المعارضة في سوريا في خطبه وفي مواقع التواصل الاجتماعي ودعا إلى قتل المسلحين المرتبطين بجماعة حزب الله اللبنانية الذين يقاتلون إلى جانب قوات الأسد.

وأفاد الإعلام المحلي بأن العجمي الذي يتابعه على موقع تويتر ما يزيد على ربع مليون شخص منع منذ ذلك الحين من إلقاء خطب.

وعممت وزارة الشؤون الإسلامية هذا الصيف منشورا يدعو الأئمة إلى التركيز على القضايا الأخلاقية وبدأت في أغسطس /آب تسجيل خطب الجمعة بعد توقف دام مدة تزيد على العام.

وقد تملك السلطات وسائل للتأثير فيما يخص خطب الجمعة لكن السيطرة على ما يقوله الناس من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الواسعة الانتشار في البلدين مهمة أكثر تعقيدا بكثير.

وتراقب السعودية ما يبثه الدعاة المشهورون على تويتر في الوقت الذي يعرض الأئمة الكويتيون الذين لا يلتزمون بالإرشادات أنفسهم للوقف عن العمل ويعرض الأجانب أنفسهم للترحيل.

وتقول السلطات إن جهودها للتحكم في محتوى وسائل التواصل الاجتماعي إنما تهدف إلى توافق المحتوى وتفادي البلبلة.

وقال الواعظ السعودي عبد العزيز القاسم وهو محام يؤيد الإصلاح المحدود في السعودية إن من غير المرجح ان تذهب الحكومة إلى حد الإصرار على أن يقتصر الأئمة على إلقاء الخطب المعتمدة منها.

ومع وجود عشرات الآلاف من المساجد في السعودية وقوة ما يتمتع به رجال الدين من استقلال ونفوذ لا يرجح أن يتحقق مثل هذا السيناريو بل ويتعذر تنفيذه على الأرجح.

وقال القاسم إن الدولة منشغلة بهموم إدارة الاقتصاد وحفظ القانون لكنه تابع قائلا إن الوعاظ يخوضون في المعارك السياسية والفئوية ويتركون دور المسجد كمنبر للوعظ مضيفا أن المساجد تعرضت للاختطاف.
التعليقات (0)