كتاب عربي 21

الحاج عبد الله النسور!

بسام بدارين
1300x600
1300x600
 لا يفرق كثيرون في الإدارة العليا للدولة الأردنية والتي إنتقدها الملك عبدالله الثاني علنا الإثنين الماضي بين التوافق الوطني العام على ضرورة إستعادة ‘هيبة الدولة’ وبين إستثمار هذه التوافقات لتوجيه ضربات مبرمجة على أساس ‘قمعي’ وتحديدا للمعارضين من أصحاب الرأي الأخر.
وفي الوقت الذي توسع فيه مؤخرا الخطاب الملكي داخل وخارج البلاد في الحديث عن الإلتزام بالإصلاح والديمقراطية وتكريس المواطنة وحقوق التعبير إستمرت محكمة أمن الدولة في تعزيز حضورها على صعيد إعتقال النشطاء في الحراك الشعبي.
فوق ذلك إعتقل المزيد من النشطاء في الشارع لانهم إستعملوا تقنية ‘واتس أب’ في التغريد خارج السرب وتم إعتقال شبان إستعملوا إشارة ميدان رابعة المصري الشهيرة وحظيت مبادرة إنشقاقية عن الأخوان المسلمين برعاية رسمية مكشوفة في سلسلة من الإجتهادات أمنية الطابع التي تكرس القناعة بإستمرار وجود فارق بين الخطاب والممارسة على مستوى أجهزة الدولة.
هذا التباين يكرس القناعة مجددا بأن بعض المستويات الوظيفية العاملة بالميدان لا تمارس إلتقاطا ذكيا لرسائل الخطاب الملكي في السعي لتأسيس قواعد جديدة ونظيفة للعبة على حد تعبير عضو البرلمان الأسبق والناشط السياسي البارز مبارك أبو يامين.
لكن هذه المستويات تفعل ذلك أحيانا بكل قصدية محتملة.
وأحيانا اخرى لانها لا تعرف كيف تتصرف على أساس معادلة الحقوق والقانون والسياق المدني.
وهو وضع معقد أشار له عضو البرلمان المخضرم عبد الهادي المجالي في مناقشة سابقة مع ‘القدس العربي’ عندما طالب بالتفريق ما بين موظفين في الإدارة ضد الديمقراطية والمرونة الإصلاحية وآخرين لا يعرفون سبل الممارسة الديمقراطية ولم يعتادوها.
عليه تصبح المسألة متعلقة بممارسة روتينية داخل الجهاز البيروقراطي متعاكسة تماما مع الخطاب الملكي في متوالية هندسية لا زالت تظهر في الحياة السياسية لان الديمقراطية لا زالت برأي السياسي المعروف ممدوح العبادي عملية ينتجها الديمقراطيون والإصلاح يحتاج للإصلاحيين.
من المرجح أن مؤسسة النظام وفي أرفع المستويات بدأت تعترف مؤخرا بواقعية هذا الفصام الذي تحدث عنه مؤخرا القيادي البارز في الأخوان المسلمين الشيخ سالم الفلاحلات عندما وصف القصر الملكي بأنه إصلاحي خلافا للحكومات والأجهزة التنفيذية.
برزت سلسلة من الإعترافات مؤخرا في السياق بدأها الملك شخصيا عندما أعلن بأن إدارة القطاع العام تتراجع وبانها مترهلة قبل الإفصاح العلني عن هوية المؤسسات التي ترى مؤسسات التقييم الملكية أنها مقصرة أو يشوب عملها مثالب إدارية متعددة.
هي تقييمات تقود أولا تقود لشيء محدد في الطريق برأي أبو يامين لكن الأهم أن الأوساط السياسية إلتقطتها كإشارة واضحة المعالم تطوي صفحة الحكومة الحالية برئاسة المخضرم عبدالله النسور الذي أثار بدوره لغطا كبيرا في الأوساط الحراكية عندما غادر لرحلة الحج الموسمية إلى السعودية وسط إستعراض إعلامي وتفاعل للنكتة السياسية.
ذهب الحاج النسور للحج تاركا وراءه زحاما في التكهنات التي تتوقع رحيلا وشيكا لحكومته بعد جملة نقدية ملكية مكثفة لأداء الإدارة والقطاع العام تخللها إدخال بعض الشخصيات البرلمانية بعمق لتفاصيل العمل الحكومي وتغييرات بارزة بدأت مع تعيين عمدة جديد مقرب من القصر لبلدية عمان العاصمة.
التغييرات يتردد أنها ستشمل شخصيات في ديوان الملك على رأسها رئيس الديوان فايز طراونة ومدير المكتب الخاص عماد فاخوري.
بالسياق يمكن قراءة إحتمالية التجديد لرئيس البرلمان القوي سعد هايل السرور مع إنعاش بعض المؤسسات الإستراتيجية السيادية التي بقيت تعمل في الظل طوال السنوات الماضية مثل مجلس الأمن القومي مجلس السياسات ومركز الأزمات وهو مركز يشهد حاليا تقييمات ودراسات وتوصيات مغرقة في الأهمية وفي كل القطاعات.
التعليقات (0)