قضايا وآراء

‏الثورة السورية في ذكراها السنوية الثالثة عشرة

أحمد موفق زيدان
أكدت المظاهرات من جديد "أن لا بديل عن خيار إسقاط النظام السوري"- جيتي (أرشيفية)
أكدت المظاهرات من جديد "أن لا بديل عن خيار إسقاط النظام السوري"- جيتي (أرشيفية)
‏تدخل الثورة السورية سنتها الثالثة عشرة وهي أشدُّ إصرارا على نيل مطالبها بإسقاط النظام السوري، بغض النظر عن التراجعات التي حصلت على المستويين الإقليمي والدولي، وحتى على مستوى المعارضة السياسية السورية، لكن لا يزال الشعب السوري المشرد في مخيمات الشمال المحرر، وحتى في دول الشتات، مصرا على مواصلة حياة التشرد إن لم يتم إسقاط النظام الذي قتله وشرده واعتقله، ولا أدلّ على ذلك لجوء بعض السجناء السوريين في السجون اللبنانية لشنق أنفسهم بدلا من العودة الإجبارية إلى النظام السوري.

‏المظاهرات التي خرجت في مناطق الشمال السوري المحرر، والخارج عن سيطرة النظام وسدنته المحتلين من الروس والإيرانيين، أو المظاهرات التي خرجت في الدول التي لجأ إليها المهاجرون والمشردون السوريون في الذكرى السنوية الثالثة عشرة للثورة، أكدت من جديد أن لا بديل عن خيار إسقاط النظام السوري، وأن اللاجئين غير مستعدين إلى العودة لبيوتهم في ظل بقاء النظام.

المظاهرات التي خرجت في مناطق الشمال السوري المحرر، والخارج عن سيطرة النظام وسدنته المحتلين من الروس والإيرانيين، أو المظاهرات التي خرجت في الدول التي لجأ إليها المهاجرون والمشردون السوريون في الذكرى السنوية الثالثة عشرة للثورة، أكدت من جديد أن لا بديل عن خيار إسقاط النظام السوري

‏الواقع الإقليمي والدولي المعقد، والذي تتعاظم فيه حدّة الاستقطابات، ربما سيكون مفيدا للثورة السورية، لا سيما وأن البعض يتوقع صراعا أو مواجهة بين الكيان الصهيوني وإيران وربما مع حزب الله، الأمر الذي قد يولّد فرصة للثورة والثوار في الشمال المحرر، حيث أن قوات حزب الله والقوات الإيرانية ستنشغل لحظتها بالمواجهة إن تمت، مما يعرّي النظام السوري، ويجعله مكشوفا أمام فصائل الثورة السورية، التي تتحدّاه بشكل يومي عبر عمليات انغماسية، وعمليات جريئة يومية تستنزفه، وإن كان في المقابل يقوم مع المليشيات الإيرانية بعملية استنزاف عبر المسيّرات الانتحارية التي بات يستخدمها.

‏الكفيل الروسي لهذا النظام لا يزال غارقا في مستنقع أوكرانيا، وتشير الدلائل الغربية إلى إصراره على غرقه في هذا المستنقع تماما كما فعل من قبل يوم تم استدراجه إلى أفغانستان، ثم استنزافه لعشر سنوات فيها، فخرج منها وقد تفتت إلى عدة جمهوريات، وهو الأمر الذي يعانيه ويقاسيه اليوم تماما في أوكرانيا. ونحن نرى تصعيدا أوروبيا بدعم الأوكران، وحتى الحديث عن إرسال قوات خاصة غربية فرنسية وغيرها إلى أوكرانيا لمشاغلة الروس قبل أن يتمددوا إلى أوروبا، وهو ما حذر منه الرئيس الأمريكي بايدن.

قد يلمس الكثير بعض السلبيات وبعض الفتور الدولي والإقليمي تجاه الثورة السورية، ولكن هذا الأمر ليس حاضرا في العقلية الثورية السورية، وهي التي لا تزال تئن من وجع السنوات الماضية ومجازرها ومآسيها، لا سيما ملف المفقودين، بالإضافة إلى الإصرار الكبير للمشردين على البقاء في المخيمات، وتفضيلهم حياة التشرد والغربة على العودة إلى النظام

‏الثورة السورية اليوم ككل الثورات العالمية إن لم تنتصر في حرب شعبية ضد المحتلين فإن أمامها خيار الانتظار والمكوث حتى يُرغم المحتل بنفسه على الانسحاب من الأرض السورية المحتلة، إما بانشغاله بنفسه وبتداعياته الداخلية، (ثورات داخلية أو تمردات ذاتية)، مما سيدفع القوات الروسية والإيرانية إلى الانسحاب لمعالجة ما قد يحصل في أراضيها، أو انشغالها بصدّ عدوان خارجي عليها، أو انشغالها خارج حدودها كما يحصل لروسيا في أوكرانيا. وهي من الأسباب والبواعث التي قد تكون مهيئة للروس والإيرانيين مستقبلا، بحيث تستطيع الثورة السورية أن تستغل هذه الظروف الخارجية للمحتلين الإيراني والروسي في سحق النظام السوري، الذي سيبدو حينها ضعيفا وهزيلا، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية السيئة التي يعيشها النظام. وقد ظهر ذلك بوضوح من خلال تعليقات نخبه الفنية وغير الفنية الغاضبة والحانقة على الظروف التي تعيشها حاضنة النظام.

‏قد يلمس الكثير بعض السلبيات وبعض الفتور الدولي والإقليمي تجاه الثورة السورية، ولكن هذا الأمر ليس حاضرا في العقلية الثورية السورية، وهي التي لا تزال تئن من وجع السنوات الماضية ومجازرها ومآسيها، لا سيما ملف المفقودين، بالإضافة إلى الإصرار الكبير للمشردين على البقاء في المخيمات، وتفضيلهم حياة التشرد والغربة على العودة إلى النظام حيث المصير المخيف ينتظرهم.
التعليقات (0)