بالفيديو | بيت السحيمي.. درة بيوت مصر التاريخية في القاهرة من العهد العثماني

  • محمد سندباد
  • السبت، 09-03-2024
  • 11:05 م

وصفه المؤرخون بدرة العمارة العثمانية وتاجها، يعدّ "بيت السحيمي" بالدرب الأصفر المتفرع من شارع المعز لدين الله بالقاهرة الفاطمية واحدًا من أهم المنازل الأثرية الإسلامية القديمة، وهو شاهد ودليل حي على روعة فن العمارة في العصر العثماني في مصر .

ورغم مرور نحو 376 عامًا على بناء المنزل، ما زال يحتفظ بتفاصيله كاملة، ولذلك يعدّ البيت الوحيد المتكامل للعمارة العثمانية بالقاهرة، ومقصدا للمثقفين والأدباء خلال القرون الماضية وحتى عصرنا هذا، حيث تقام فيه العديد من الأنشطة.

سمي بيت السحيمي نسبة إلى الشيخ أمين السحيمي، شيخ رواق الأتراك بالأزهر الشريف، وهو آخر من سكن فيه، يتكون من قسمين، القسم الجنوبي أنشأه الشيخ عبد الوهاب الطبلاوي عام 1648م، أما القسم الشمالي، فقد أنشأه الحاج إسماعيل شلبي في سنة 1796م ، وجعل من القسمين بيتا واحدا.




يتكون المنزل من طابقين وصحنين، الأول يُطلق عليه "السلاملك"، وهو ذلك الجزء المُخصص لاستقبال الضيوف من الرجال، أما الطابق الثاني فيُسمى "الحرملك"، وهو الجزء المخصص للحريم، يقود المدخل إلى الممر المنكسر للوصول إلى الفناء الأوسط الذي تتوسطه حديقة صغيرة يجاورها بئر ماء البيت، ويعد هذا الفناء متنفس البيت والوحدة الرئيسية بالمنزل، بحسب موقع محافظة القاهرة الإلكتروني.

يتضمن البيت قاعات تتألف كل منها من إيوانين بينهما دور قاعة يتوسط بعضها فسقية من الرخام، ولبعض أسقف القاعات مناور يعلوها شخشيخة خشبية، وكسيت جدران بعض القاعات من أسفل بوزرات الخشب المزخرف على هيئة بلاطات القيشاني، وكسيت الأرضيات بالرخام، بحسب موقع وزارة الثقافة المصرية.

اظهار أخبار متعلقة




تتميز قاعات البيت بمشربيات عتيقة ونوافذ من الخشب الخرط ودواليب، وتتكون القاعات من مساحة وسطى تمثل الدرقاعة، ويتعامد عليها إيوانان، ويفتح بأعلاها شبابيك للإضاءة والتهوية، وتزين أرضية الدرقاعات الفسيفساء الرخامية ذات التشكيلات الهندسية، وبالبيت كتابات أثرية تشتمل على تاريخ الإنشاء والمنشأ، وقصيدة البردة للإمام البوصيري .

وبحسب وزارة الثقافة المصرية، يعدّ هذا البيت من أجمل آثار القاهرة التاريخية، وقد صدر قرار بتحويل بيت السحيمي إلى مركز للإبداع الفني تابع لصندوق التنمية الثقافية، بعد ترميمه وإعادة افتتاحه عام 2000م، ليكون مركز إشعاع ثقافي وفني في منطقة الجمالية بالقاهرة القديمة.




تظهر روعة الأعمال الخشبية في أسقف المكتبات الحائطية، وقد تم تجليد الجزء السفلي من الجدران بالخشب، كما توجد الأشرطة التي تحمل أشعار من قصيدة نهج البردة، أروع قصائد الشاعر المصري أحمد شوقي (أمير الشعراء) في المدح النبوي، ومن العناصر الهامة بالبيت المقعد الذي يقع أعلى المدخل بالضلع الجنوبي ليستقبل الرياح الشمالية في فصل الصيف.

اظهار أخبار متعلقة




إلى جانب اعتبار بيت السحيمي التاريخي متحفا مفتوحا لفنون العمارة الإسلامية، يعد مركز إبداع السحيمي نموذجا فريدا للتأثير الاجتماعي للعمل الثقافي والأثري، من حيث تأثير الموقع الثقافي في المجتمع والبيئة المحيط به.

وحرص الصندوق على رعاية فرق التراث الشعبي في مصر، وتوفير أماكن عرض ثابتة لها في بيت السحيمي؛ حفاظاً على الموروث الموسيقي والشعبي، فضلا عن استضافة نوع آخر من الفنون الشعبية بمركز إبداع السحيمي، وهو فن الأراجوز وخيال الظل وحمايته من الاندثار.

ما أهمية السحيمي التاريخية؟

"عربي21 لايت" تحدثت إلى مدير عام الآثار الإسلامية، الدكتور محمد رشاد، بشأن بيت السحيمي في منطقة الجمالية، وقال إنه "يتميز بأنه واحد من البيوت التاريخية القليلة الذي يحتفظ بعناصره الأساسية بشكل متكامل، ويرجع للعصر العثماني، ومساحته نحو 2000 متر مربع، وتم تطبيق جميع عناصر العمارة الإسلامية بالمنازل، نجد فيه المدخل المنكسر للحفاظ على حرمة المنزل، ويقع المنزل بالقرب من شارع المعز بالقاهرة الفاطمية، الذي يعد متحفا إسلاميا مفتوحا، ويضم أكثر من 174 أثرا من مختلف العصور الإسلامية".

وأوضح أن "بيت السحيمي هو طراز فريد من البيوت الأرستقراطية في القاهرة في القرن الـ17، وأهم أحد البيوتات القليلة الأثرية، ويتكون من قسمين؛ القبلي ويعود تاريخه إلى عام 1648م، والقسم البحري بناه الشيخ إسماعيل شلبي في سنة 1796م، وقام بضم الجزأين ليصبحا منزلا واحدا، ويعود تسميته بالسحيمي إلى آخر من سكن هذا المنزل، وهو الشيخ أمين السحيمي، وبعد وفاته اشترته الحكومة المصرية عام 1928م بمبلغ 6 آلاف جنيه".




وأضاف مدير عام الآثار الإسلامية لـ"عربي21 لايت": "المنزل يتكون من طابقين؛ الأرضي والعلوي، ويضم الطابق الأول قاعات التختبوش، وهو المقعد الصيفي الذي يواجه الرياح الشمالية، ويعمل مثل مكيف هواء لقاعة السلاملك (الضيوف الرجال)، أما الطابق الثاني الحرملك، فهو قاعات خاصة للنوم لأهل المنزل، وتعود أهمية المنزل إلى أنه منزل متكامل حافظ على كل عناصره الأثرية، وكانت به طاحونة وساقية لخدمة أهل المنزل".

درة البيوت التاريخية

يصف أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة الفيوم، أمين الرشيدي، بيت السحيمي "بأنه درة البيوت التاريخية في القاهرة القديمة، وأحد أبرز معالم فترة الحقبة العثمانية، ويتمتع بأهمية معمارية فريدة؛ لأنه يحتفظ بكل صفات البيوت في تلك الفترة مثل بيت زينب خاتون والهراوي والست وسيلة، ونموذج للعمارة الإسلامية في بناء البيوت من الطراز الرفيع في العصر العثماني".

اظهار ألبوم




ويضيف لـ"عربي21 لايت"، "ويتميز البيت بأنه يحقق مميزات البيوت ذات خصائص إسلامية تعبر عن روح الثقافة والعمارة الإسلامية في ذلك الوقت، ويتميز بمدخل لا يكشف عورات البيت من الداخل، من خلال ما كان يعرف بالمداخل المنكسرة، حتى لا يحرج المارة أهل البيت، ثم تصل إلى الحوش أو فناء المنزل، ويضم غرفة الاستقبال والحمامات، ويضم طاحونة لطحن الغلال، وساقية مثل بئر ماء للشرب وري الحديقة الموجودة في المنزل".

واستدرك الرشيدي: "وهو يوجد في شارع المعز، وهو شارع له شهرته العالمية، والمنطقة برمتها هي منطقة تاريخية أثرية مفتوحة تضم عصورا مختلفة من العصر الفاطمي، مرورا بالأيوبي والمملوكي، وحتى العصر الحديث وأسرة محمد علي، وبالتالي يجب التركيز على الوعي الأثري من خلال توعية الأجيال بالأهمية الأثرية والتاريخية للآثار بشكل عام".

اظهار أخبار متعلقة



وطالب أستاذ الآثار "بضرورة التكامل بين وزارات التعليم العالي والأساسي والآثار والسياحة، بزيادة الوعي لدى الطلاب، والاستفادة من حجم الآثار التاريخية الموجودة بالبلاد، خاصة في العاصمة القاهرة، والترويج لتلك الآثار، والعمل على الاستمرار في ترميمها والحفاظ عليها، وخلق بيئة مساندة تعمل على توفير أجواء خاصة للسياح في القاهرة التاريخية، ورغم ذلك هناك آثار مهملة لا تجد الرعاية الكفاية، وبحاجة إلى تسليط الضوء عليها".

شارك
التعليقات