كتاب عربي 21

حوارات إسلامية في بيروت: كيف نحوّل التهديد إلى فرصة؟

قاسم قصير
إكس
إكس
تدور في بيروت حوارات ونقاشات معمّقة بين العديد من القيادات والشخصيات والحركات الإسلامية حول دلالات وأبعاد معركة طوفان الأقصى، والحرب الإسرائيلية العدوانية على قطاع غزة، والتطورات والتداعيات لهذه الحرب في المنطقة وعلى الصعيد العربي والإسلامي والعالمي.

وتتركز تلك الحوارات والنقاشات واللقاءات على تقييم التطورات الدائرة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر إلى اليوم، وكيفية تفاعل قوى المقاومة في المنطقة مع هذه التطورات، إضافة لتقييم أداء القوى والحركات الإسلامية إزاء ما يجري، وما هي الخطة العملية المطلوبة من أجل مواكبة هذه التطورات حاليا وفي المرحلة المقبلة.

والسؤال المركزي الذي يطرح في هذه النقاشات: كيف نحوّل التهديد الذي يستهدف اليوم قوى المقاومة في فلسطين والمنطقة، ولا سيما حركة حماس، إلى فرصة من أجل دعم قوى المقاومة وتوحيد القوى الإسلامية ودعم المشروع الإسلامي المقاوم من أجل تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني المدعوم أمريكيا؟

كيف نحوّل التهديد الذي يستهدف اليوم قوى المقاومة في فلسطين والمنطقة، ولا سيما حركة حماس، إلى فرصة من أجل دعم قوى المقاومة وتوحيد القوى الإسلامية ودعم المشروع الإسلامي المقاوم من أجل تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني المدعوم أمريكيا؟
فما هي أبرز الخلاصات لهذه الحوارات والنقاشات؟ وكيف يمكن للقوى والحركات الإسلامية الاستفادة مما يجري من أجل استعادة زمام المبادرة؟

يمكن تلخيص أبرز ما قيل في هذه اللقاءات مع عدد من القيادات الإسلامية والمسؤولين في الحركات الإسلامية المقاومة بما يلي:

أولا: لقد شكّلت معركة طوفان الأقصى تطورا كبيرا على كل المستويات فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والصراع مع العدو الصهيوني، وهناك نتائج كبرى لهذه المعركة برزت حتى الآن وستكون لها تداعيات كبيرة في المرحلة المقبلة. وكان يمكن لهذه المعركة أن تتحوّل إلى محطة مهمة من أجل تحرير فلسطين، كل فلسطين، لو جرت الاستفادة منها من قِبل قوى المقاومة، لكن هناك أسبابا عديدة منعت ذلك وهذا يحتاج لتقييم داخلي من أجل الاستفادة منها للمرحلة المقبلة.

ثانيا: إن صمود قوى المقاومة في قطاع غزة والمعركة الدائرة من قِبل كل قوى المقاومة في المنطقة؛ تؤكد قدرة هذه القوى على مواجهة الكيان الصهيوني رغم الدعم الكبير الذي يلقاه من أمريكا والدول الغربية ورغم عدم تكافؤ موازين القوى والضغوطات الكبيرة التي تتعرض لها قوى المقاومة، وهذا يعطي الأمل بأننا دخلنا مرحلة جديدة في هذا الصراع ولن تعود الأمور إلى الوراء، وأن نتيجة هذه المعركة ستكون لصالح قوى المقاومة وستُفرض معادلات جديدة في فلسطين والمنطقة والعالم.

ثالثا: لقد أدت هذه المعركة الكبرى إلى تراجع موجات الصراع المذهبي والقومي والصراعات الإقليمية والقُطرية، واستعادت القضية الفلسطينية أولوياتها لدى الشعوب العربية والإسلامية وفي العالم، وهذا يؤكد أن القضية الفلسطينية هي القضية الأولى التي يمكن أن تشكّل عنوانا لمعركة التحرر والنهوض في العالم العربي والإسلامي ولتوحيد المشروع الإسلامي وإعادة بنائه على أسس جديدة، دون أن يعني ذلك عدم وجود تحديات جديدة ومحاولات متعددة لإثارة الفتنة من جديد تحت عناوين مختلفة في المرحلة المقبلة.

رابعا: لقد قدّم الشعب الفلسطيني في هذا الصراع أقوى صور الصمود والمقاومة رغم الحجم الكبير للتضحيات والشهداء والتدمير والاعتقالات، وسيكون لهذا تأثير كبير على الخريطة السياسية في فلسطين والمنطقة. فقد أنهت هذه المقاومة مشاريع التسوية الجزئية، وتراجعت مشاريع التطبيع مع الكيان الصهيوني، وكل ذلك يتطلب رؤية جديدة لمستقبل القضية الفلسطينية من قبل القوى المقاومة في المرحلة المقبلة على ضوء نتائج هذه المعركة.

كشفت هذه المعركة الواقع بكل تفاصليه وكيفية توزع القوى الإقليمية والدولية ومواقفها من القضية الفلسطينية وعلاقاتها مع الكيان الصهيوني، وأين هي نقاط القوة ونقاط الضعف، وكذلك أعادت القضية الفلسطينية إلى سلّم اهتمامات الشعوب في العالم، ووجهت ضربات كبيرة لصورة الكيان الصهيوني والسردية التي حاول ويحاول نشرها
خامسا: على الصعيد الإقليمي والدولي، كشفت هذه المعركة الواقع بكل تفاصليه وكيفية توزع القوى الإقليمية والدولية ومواقفها من القضية الفلسطينية وعلاقاتها مع الكيان الصهيوني، وأين هي نقاط القوة ونقاط الضعف، وكذلك أعادت القضية الفلسطينية إلى سلّم اهتمامات الشعوب في العالم، ووجهت ضربات كبيرة لصورة الكيان الصهيوني والسردية التي حاول ويحاول نشرها حول قوى المقاومة. وكل ذلك يتطلّب من قوى المقاومة والحركات الإسلامية تقييم هذه التطورات ونسج علاقات جديدة على الصعد الإقليمية والدولية، لتعزيز نقاط القوة ومواجهة نقاط الضعف والاستفادة من كل ذلك في مشروع مواجهة العدو الصهيوني والقوى التي تدعمه.

سادسا: لقد لعب الإعلام العسكري والحربي لدى قوى المقاومة والإعلام البديل في العالم (مواقع التواصل الاجتماعي) دورا مهما في هذه المعركة، ونجحت قوى المقاومة في مواجهة المحاولات الصهيونية والغربية لتشوية صورة المقاومة وشيطنتها، وهذا يتطلب المزيد من الاهتمام بالإعلام المقاوم وخصوصا الموّجه لشعوب العالم باللغات الأجنبية المختلفة.

سابعا: رغم أهمية التعاون والتنسيق الذي برز بين قوى المقاومة وعلى صعيد الحركات الإسلامية، فإنه لا تزال هناك بعض الإشكاليات والثغرات في عملية التعاون الميداني أو على الصُعد الإعلامية والسياسية، وهذا يتطلب المزيد من اللقاءات والتواصل بين القوى والحركات الإسلامية في المرحلة المقبلة.

نحن اليوم أمام مرحلة جديدة لمواكبة هذه المعركة الكبرى، وهناك فرصة جديدة لاستعادة زمام المبادرة، وما تحقق حتى الآن من صمود وتعاون بين قوى المقاومة، سواء داخل فلسطين أو خارجها هو نتيجة لتطور قدرات المقاومة ولتراكم الفعل المقاوم على مدار سنوات طويلة
وفي خلاصة هذه اللقاءات والحوارات، نحن اليوم أمام مرحلة جديدة لمواكبة هذه المعركة الكبرى، وهناك فرصة جديدة لاستعادة زمام المبادرة، وما تحقق حتى الآن من صمود وتعاون بين قوى المقاومة، سواء داخل فلسطين أو خارجها هو نتيجة لتطور قدرات المقاومة ولتراكم الفعل المقاوم على مدار سنوات طويلة.

ونتيجة المعركة ستكون لصالح قوى المقاومة، وقد كشفت هذه المعركة عن عجز الجيش الإسرائيلي في تحقيق أي انتصار، وفي المقابل قدّمت قوى المقاومة أعظم صور الصمود والمواجهة، ومن المهم اليوم استكمال هذه المعركة وتأمين مقومات الصمود والمواجهة وزيادة كافة أشكال التنسيق والعمل الميداني على كافة الجبهات.

فمعركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة ستشكّلان محطة كبرى في مسيرة الصراع مع الكيان الصهيوني، وستكون لهما تداعيات كبرى في المرحلة الكبرى، وعلى القوى والحركات والقيادات الإسلامية أن تكون حاضرة في هذه المعركة، وأن تمتلك الرؤية المستقبلية القادرة على تحقيق الانتصار الشامل في المرحلة المقبلة.

twitter.com/kassirkassem
التعليقات (0)