صحافة دولية

موقع أمريكي: لهذه الأسباب اشتعل سباق المفاعلات النووية الدقيقة

هناك مساع لتقديم مفاعلات نووية صغيرة بحجم حاوية الشحن بحلول سنة 2030- غيتي
هناك مساع لتقديم مفاعلات نووية صغيرة بحجم حاوية الشحن بحلول سنة 2030- غيتي
نشر موقع "أويل برايس" الأمريكي، الأربعاء، تقريرا تحدث فيه عن احتدام سباق المفاعلات النووية الدقيقة؛ حيث تهدف شركة "نانو نيوكلير" إلى تقديم مفاعلات نووية صغيرة بحجم حاوية الشحن بحلول سنة 2030، وهي مثالية للمواقع النائية ومراكز البيانات وحتى عمليات تعدين البيتكوين.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن قيادة شركة "نانو نيوكلير إنرجي" توقعت أنها ستفوز بالسباق لتسويق مفاعل صغير بما يكفي لوضعه في حاوية شحن.

من جهته، ذكر الرئيس التنفيذي لشركة "نانو نيوكلير"، جيمس ووكر، وهو عالم فيزياء نووية قاد سابقا تطوير مصنع شركة "رولز رويس" للكيماويات النووية، أنه "بحلول سنة 2030، نحن مقتنعون تماما بأننا سنكون أول شركة تبيع المفاعلات الدقيقة".

وأضاف ووكر أن "المفاعل الصغير يستهدف في الواقع المساكن النائية، ومشاريع التعدين، ومناطق الإغاثة في حالات الكوارث، ومحطات الشحن، ومراكز البيانات".

ومن المفترض أن تكون المفاعلات النووية الدقيقة بمثابة مصادر متحركة للحرارة أو ما يصل إلى 20 ميغاوات من الكهرباء.

وأورد موقع "أويل برايس" الأمريكي، أن المفاعلات الصغيرة تتضاءل تماما أمام المفاعلات النووية التقليدية الكبيرة، والتي يمكن أن تولد ما يصل إلى ألف مرة من الطاقة التي يولدها المفاعل الصغير، كما أنها أصغر من المفاعلات المعيارية الصغيرة التي يجري تطويرها حاليا.

وعلى عكس المفاعلات النووية التقليدية الكبيرة، يمكن نقل المفاعلات الصغيرة بالشاحنات إلى الأشخاص والأماكن البعيدة عن الشبكة أو التي تحتاج إلى الطاقة في حالات الطوارئ.

بدوره، أوضح مؤسس ورئيس شركة "نانو"، جاي جيانغ يو، قائلا: "ربما نتمكن من تشغيل عملية تعدين البيتكوين"، منوها إلى أن العديد من شركات بيتكوين اتصلت بهم بشأن استخدام مفاعل صغير لتشغيل أنشطتها كثيفة الاستهلاك للطاقة.

وحسب الموقع ذاته؛ يقوم باحثو "نانو" بتطوير نموذجين من المفاعلات الدقيقة، وهما مفاعلا البطارية الصلبة "زيوس" و"أودين"، اللذان لهما تصميم أكثر معيارية يعتمد على مبرد منخفض الضغط ووقود ثاني أكسيد اليورانيوم المخصب.

ومن أبرز منافسيهم شركة "وستنجهاوس" ذات الوزن الثقيل في الصناعة النووية، والتي تعمل على تصميم مفاعلها الصغير "إفنشي"، وشركة "ميتسوبيشي" للصناعات الثقيلة اليابانية، وغيرها من الشركات.

وقد صرّح ووكر لصحيفة "إبوك تايمز" أن سوق المفاعلات الدقيقة أقل تطورا من سوق المفاعلات الصغيرة والمتوسطة، وقال "إن الدخول فعليّا إلى هذا الفضاء والمضي قدما هو أسهل بكثير".

الاهتمام والتشكيك

وأشار موقع "أويل برايس"، إلى تزايد الاهتمام بالمفاعلات الدقيقة وغيرها من التكنولوجيا النووية المتقدمة جزئيّا بسبب المخاوف بشأن تغير المناخ.

وفي حين أن العمليات المختلفة المرتبطة بالطاقة النووية يمكن أن تنتج غازات دفيئة، إلا أن الانشطار النووي لا يولّدها مباشرة. وبالنسبة للحكومات والشركات التي التزمت بخفض صافي انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول سنة 2050، يمكن أن تبدو الطاقة النووية جذابة إلى حد ما.

ومع ذلك؛ يؤكد بعض الخبراء والناشطين أن العالم قادر على تقليص كميات الهيدروكربونات بشكل جذري دون استخدام المزيد من الطاقة النووية؛ ففي مطلع حزيران/ يونيو الماضي، عقد الرئيس السابق للجنة التنظيمية النووية، جريجوري جاكزكو، اجتماعا زعم فيه هو وآخرون أن الطاقة النووية مكلفة للغاية ومحفوفة بالمخاطر بحيث لا يمكنها مساعدة الولايات المتحدة على إزالة الكربون.

وقال جاكزكو، لقناة "سي بي سي" في مقابلة سنة 2019: "توجد الآن طرق أفضل لتوليد كهرباء خالية من الكربون. لدينا طاقة متجددة. ولدينا الطاقة الحرارية الأرضية، والطاقة المائية، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح".

إلا أنه وفقا لووكر، ربما وصلت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى حدودها التكنولوجية؛ فقد أصبحت على مدار الثلاثين سنة الماضية أكثر كفاءة، وانخفضت هذه التكاليف حقا. وفي وضعها الحالي، لن نشهد حقا تحسنا كبيرا في كفاءة هذه التقنيات بعد الآن.

وأضاف ووكر أنه "بالنسبة للمفاعلات الدقيقة -بالنسبة للتقنيات الجديدة- فإنه يُتوقع دائما أن تتحول الكفاءات إلى تقنية جديدة. وهنا تكمن الإمكانات الزرقاء فيما يتعلق بتخفيض التكاليف وتطوّر التكنولوجيا"، مشيرا إلى أن الجهود السابقة لتشغيل عمليات التعدين باستخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية "لم تنجح".

ونوّه قائلا "لقد عادوا إلى استخدام الديزل"، مجادلا بأن المفاعلات الدقيقة يمكن أن تقوم بالمهمة بينما تزيل في الوقت نفسه العبء اللوجستي المتمثل في إمداد الديزل باستمرار إلى المواقع النائية.
كما شكّك حاكم ولاية إلينوي الأمريكية، جيه بي بريتزكر، إلى حد ما في المفاعلات المتقدمة. ففي آب/ أغسطس المنصرم، استخدم حق النقض ضد مشروع قانون كان من شأنه أن يرفع الحظر الذي فرضته الدولة على بناء محطات نووية جديدة.

وفي بيان بشأن حق النقض، قال مكتب بريتزكر إن "التعاريف الغامضة في مشروع القانون، ستفتح الباب أمام انتشار المفاعلات النووية واسعة النطاق التي يكون بناؤها مكلفا للغاية لدرجة أنها ستفشل".

ورغم ذلك؛ تحدث بريتزكر بشكل أكثر إيجابية عن المفاعلات المعيارية الصغيرة المتقدمة عندما تم إقرار مشروع القانون لأول مرة في وقت سابق من هذه السنة. ووصف هذه المنصات بأنها "أصغر حجما، وأقل عرضة للحوادث، ومن المرجح أن نتمكن من صيانتها لفترة طويلة من الزمن، وهذا شيء يستحق النظر فيه".

وقال ووكر إن بيان النقض الصادر عن مكتب الحاكم بريتزكر "يخلط بين شيئين مختلفين"، موضحا أن "أحد أسباب تطوير المفاعلات الصغيرة والمتوسطة فعليا يتمحور حول تجنب التكاليف الرأسمالية الكبيرة التي يمكن ربطها بمحطات الطاقة المدنية الكبيرة. ولذلك فإن القول بأن المفاعلات الصغيرة والمتوسطة من شأنها أن تشجع الطاقة النووية المدنية الكبيرة، ربما يكون صحيحا".

حل اللجنة التنظيمية النووية

في حين يعترض بعض أنصار الأسلحة النووية على اللجنة التنظيمية النووية. فقد ذهب المرشح الرئاسي الجمهوري فيفيك راماسوامي، إلى حد الدعوة إلى حلها.

وقد خلص تقرير حديث لمكتب محاسبة الحكومة الأمريكية إلى أن اللجنة التنظيمية النووية قادرة على القيام بعمل أفضل فيما يتعلق بترخيص المفاعلات المتقدمة وتطويرها.

وتتضمن الحملة الفيدرالية لإصلاح اللجنة التنظيمية النووية أحكاما في قانون "أدفانس"، وهو مشروع قانون للطاقة النووية تم إقراره كجزء من قانون تفويض الدفاع الوطني في تموز/ يوليو. وينص قانون "أدفانس" على أن تقوم اللجنة التنظيمية النووية بإعداد مبادئ توجيهية لترخيص المفاعلات المتقدمة في المناطق الملوثة.

الوقود غير الروسي

وطبقا لما أورده الموقع ذاته؛ يوجه قانون "أدفانس" أيضا اللجنة التنظيمية النووية إلى تقديم تقرير إلى الكونغرس حول قدرته على تقليل اعتماده على روسيا للحصول على الوقود.

والواقع أن هيمنة روسيا على اليورانيوم عالي التخصيب وعالي الجودة المستخدم في أغلب المفاعلات الصغيرة المتقدمة كان سببا بالفعل في تأخير إطلاق مفاعل "ناتريوم" التابع لشركة "تيرا باور".

وأطلقت وزارة الطاقة الأمريكية في سنة 2020 اتحاد شركات اليورانيوم عالي التخصيب وعالي الجودة كجزء من جهودها لتطوير المصادر المحلية. وكانت شركة "نانو"، أحد المشاركين المؤسسين في الاتحاد.

وأوضح يو قائلا "أحد المجالات التي أردنا التركيز عليها هو الحصول على إمداداتنا الخاصة من الوقود والتأكد من أننا استباقيون وألا نظل عالقين في انتظار تجهيز المفاعلات ولكن ليس لدينا وقود متاح".

وقال ووكر: "من الواضح أن منشأة تصنيع الوقود لم تكن تهدف إلى إمدادنا فحسب، بل لتزويد العملاء الآخرين وشركات المفاعلات المعيارية الصغيرة الأخرى وغيرها من شركات الصناعات الصغيرة". ووصفه بأنه مصدر إيرادات آخر لشركة "نانو".

الاندماج النووي

وفي أواخر سنة 2022، حظي إنجاز التشغيل في تفاعل الانصهار في مختبر لورانس ليفرمور الوطني باهتمام إعلامي كبير.

وفي ذلك الوقت، اقترحت وزيرة الطاقة، جنيفر غرانهولم، أن النتيجة تدعم هدف إدارة بايدن المتمثل في إنشاء مفاعل انصهار تجاري في العقد المقبل، قائلة إن العمل "يظهر أنه يمكن تحقيقه".

وأوضح ووكر أنه "سيكون أمرا رائعا للبشرية إذا نجح الاندماج النووي في نهاية المطاف، ولدينا هذا المورد الذي يمكننا استخدامه كنوع لمساعدة البشرية. لكننا لم نصل إلى هذه المرحلة بعد، وقد يكون الأمر أبعد بكثير مما يود الناس تصديقه".

وأعرب ووكر عن بعض المخاوف بشأن مفاعلات الثوريوم، مؤكدا أن بعض الموظفين الفنيين في شركة نانو "كانوا متشائمين للغاية بشأن هذا الأمر"، وشدّد على أنه يفتقر إلى الخبرة الكبيرة في مجال الثوريوم.

وقال إن "ميزة انشطار اليورانيوم تكمن في أن هناك قواعد بيانات هائلة يمكن استخدامها للنشر السريع للمفاعل مقارنة بالثوريوم حيث لا توجد كل قواعد البيانات وتاريخ التشغيل هذه ويجب بناؤها لتحقيق السلامة".
التعليقات (0)