مقابلات

سياسي لبناني يكشف لـ"عربي21" عن مساع لتشكيل جبهة معارضة واسعة

لبنان يشهد أزمة سياسية بسبب الفراغ الرئاسي منذ أشهر- عربي21
لبنان يشهد أزمة سياسية بسبب الفراغ الرئاسي منذ أشهر- عربي21
كشف السياسي اللبناني والعضو المراقب في الأمم المتحدة بمجال البيئة، سمير سكاف، عن "وجود أكثر من مطبخ سياسي يقوم حاليا بالتحضير لتكوين جبهة معارضة واسعة، تضم عددا من النواب، ومستقلين، وكوادر من ثورة 17 تشرين"، مؤكدا أنهم قطعوا شوطا ملموسا في هذا الإطار، وربما يتم الإعلان الرسمي عن تدشين تلك الجبهة خلال شهر آب/ أغسطس المقبل.

وأوضح، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "جبهة المعارضة التي يعملون على تشكيلها، ستكون قادرة على إطلاق خطاب سياسي جديد جامع، يحقق مصلحة وتطلعات كل اللبنانيين في دولة حديثة تعتمد على المواطنة، ودولة القانون والعدالة الاجتماعية، واللامركزية الإدارية، وتطبيق اتفاق الطائف كمرحلة أولى".

كما كشف سكاف عن "حراك متعدد باتجاه العمل الجدي، من أجل عودة سريعة وكريمة للنازحين السوريين إلى بلادهم"، معتبرا أن البعض في لبنان "يسعى لإلغاء الجمهورية وتعيين وكيل لإدارتها وليس رئيسا لها".

أزمة الفراغ الرئاسي
وقال؛ إن "الفراغ الرئاسي في لبنان مستمر منذ أكثر من تسعة أشهر، وهناك صعوبة في انتخاب رئيس للجمهورية بسبب وجود انقسام عمودي بين فريقين أساسيين هما: فريق حزب الله وحلفاؤه من جهة، وفريق معارضي الحزب وعلى رأسهم القوات اللبنانية، والكتائب اللبنانية، وأحزاب أخرى كالحزب الاشتراكي".

وأضاف: "هناك اختلاف كبير بين الفريقين على اسم وزير المالية اللبناني الأسبق، جهاد أزعور؛ فالمعارضة تقاطعت على اسم أزعور مع التيار الوطني الحر (حليف حزب الله)، ولكن هذا التقاطع محدود الأفق؛ إذ يهدف فقط إلى قطع الطريق على مرشح الجهة الأخرى مع فريق حزب الله وحلفائه، الذين يتمسكون، حتى اليوم، بتسمية المرشح سليمان فرنجية".

وتابع؛ "إن الانقسام العمودي بين الفريقين لا يسمح لأي منهما بانتخاب الرئيس بسبب ما يُسمى نصاب جلسة الانتخاب وهو 86 نائبا في الجلسة الأولى، وليس هناك نص في الدستور عن نصاب الجلسة الثانية، ولكن الواقع هو أن رئيس مجلس النواب ينفرد بشرح وتفسير المادة الدستورية الخاصة بالنصاب القانوني لانتخاب رئيس الجمهورية".

إظهار أخبار متعلقة


وأشار سكاف إلى أن "هذا التفسير أصبح من واقع القوة الآن، في حين أن تفسير الدستور هو من صلاحيات المجلس النيابي، أو من صلاحيات المجلس الدستوري"، موضحا أن "نصاب الجلسة الأولى لفوز الرئيس يبلغ 86 نائبا، و65 نائبا في الجلسة الثانية، لكن فريق حزب الله وحلفاءه يقومون بتعطيل النصاب في الجلسة الثانية".

الحوار أم الرئيس أولا؟
وتابع السياسي اللبناني: "ما تمكن منه الفريقان هو الوصول إلى أصوات 59 نائبا لصالح جهاد أزعور، و51 صوتا لسليمان فرنجية في الجلسة الأخيرة للانتخابات"، مؤكدا أن "الواقع الآن هو عدم وجود إرادة لحزب الله للاستمرار في العملية الانتخابية أو الديمقراطية؛ فما يسعى إليه هو الضغط نحو الذهاب إلى الحوار أولا".

واستدرك: "لكن عملية الحوار المطلوبة مقنَّعة؛ فرغم جدية وضرورة التحاور في كل لحظة، إلا أن مرحلة الحوار في العادة تكون سابقة للانتخابات وليس خلال الانتخابات؛ فما يجري الآن هو عملية ابتزاز من أجل ما يُسمى حوارا، وهذا الحوار المقنع هو عملية إخضاع؛ لأن حزب الله لا يمكنه القبول بأي مرشح من الطرف الآخر، حتى ولو كان يتفوق عليه بعدد الأصوات".

واستطرد سكاف قائلا: "حزب الله يريد مرشحا من فريقه يخضع للمحور الإيراني- السوري، في حين أن الطرف الآخر المعارض لحزب الله يريد (مرشحا سياديا)، أي لا يوافق على بقاء سلاح حزب الله خارج الدولة وخارج الجيش اللبناني".

وتابع: "إذن الحوار في نظر حزب الله يعني الاتفاق على كل شيء قبل وصول رئيس الجمهورية، وخاصة الاتفاق على شخص الرئيس، وهذا يعني أن المطلوب هو تعيين رئيس الجمهورية، وليس انتخابه، وهو ما يريده حزب الله الآن، وخاصة بعد خطاب حسن نصر الله الذي قال فيه: (المهم هو شخص الرئيس وليس البرامج الانتخابية رغم أهميتها). لذلك، يتمسكون بسليمان فرنجية بمواصفاته التي تناسب حزب الله، ثم أبدى استعداده للتحدث في كل الأمور، عندما يأتي الجميع إلى طاولة الحوار".

وقال: "المعروف من الخبرات السابقة في الحوار مع حزب الله، أنه لا يلتزم بما يُتفق عليه، كما حدث في (اتفاق بعبدا) الذي شارك فيه حزب الله، ثم قال في فترة لاحقة بعد التوقيع على الاتفاق: (بلوه واشربوا ماءه)، أي إنه غير موافق على ما جاء فيه، على الرغم من توقيعه على الحوار؛ فقد أبدى لاحقا عدم موافقته على مضمون الحوار، وعلى النتيجة التي وصل إليها الحوار في عهد الرئيس ميشيل سليمان".

إظهار أخبار متعلقة


وأضاف: "خبرات الحوار السابقة تمنع الفريق المعارض لحزب الله من الموافقة على الحوار؛ فهم يعتبرون أن قنوات التحاور موجودة كل يوم، ويمكن أن تكون سبيلا للتفاهم، ولكن ليست هناك إرادة للذهاب إلى حوار بالمعنى المؤسسي للكلمة؛ لأن ذلك قد يترتب عليه أمور غير سيئة وغير مقبولة".
واستطرد سكاف قائلا: "الفريقان الآن متمسكان بمواقفهما، كما عبّر عن ذلك رئيس القوات اللبنانية، الدكتور سمير جعجع، ردا على خطاب السيد حسن نصر الله، وهو ما يعني أننا مستمرون في الفراغ الرئاسي لفترة طويلة".

وكيل للجمهورية لا رئيسا لها
وشدّد السياسي اللبناني على أن "حزب الله لا يريد رئيسا للجمهورية، بل يريد وكيلا للجمهورية، وهذا الوكيل مهمته ودوره هو تنفيذ كل ما اتفق عليه مسبقا، أي إلغاء شخصية الرئيس، وإلغاء أفكار وتوجهات الرئيس، بل يجب أن ينفذ ما تم الاتفاق عليه في الحوار، ومن هنا جاءت أزمة الحوار ورفض الحوار".

وقال؛ إنه "من الطبيعي أن الانتخابات الرئاسية اللبنانية، وتعيين رئيس الحكومة، وانتخاب رئيس مجلس النواب، وغيرها من هذه الأمور ما تزال تخضع للأعراف الطائفية، حتى ولو لم تكن مدونة في الدستور".

فيما رأى أنه "لا يمكن الخروج عن رئيس منتخب ماروني تحديدا، ليس فقط مسيحيا، ولكن يجب أن يكون الرئيس مارونيا، ولا يمكن أن يكون حتى أرثوذكسيا أو كاثوليكيا، كما تجري العادة على أن يكون رئيس الحكومة في لبنان من الطائفة السنية، ورئيس مجلس النواب من الطائفة الشيعية، وهو الرئيس بري، الذي يشغل المنصب منذ 30 سنة حتى اليوم".

الدائرة الطائفية
وتابع: "المشكلة أن الطبقة السياسية لا تريد تطبيق اتفاق الطائف، الذي يخرج لبنان من الدائرة الطائفية، وخاصة بانتخاب مجلس النواب خارج القيد الطائفي من خلال قانون انتخاب نسبي، مع تشكيل مجلس شيوخ طائفي يحفظ حقوق الطوائف، بشرط أن يكون مجلس النواب خارج القيد الطائفي بهذه الطريقة، كمرحلة أولى لتأسيس دولة مدنية، وهذا ما طالبت به ثورة 17 تشرين".

وأكمل: "لقد تجرأت شخصيا وسميت شخصا سنيا لأول مرة لرئاسة الجمهورية، وأرى أنه ينبغي أن يكون مواطنا لا ينتمي إلى طائفة ولا لمذهبية، واقترحت أن يكون السياسي والبرلماني السابق الدكتور إسماعيل سكرية الذي يحارب الفساد منذ عشرات السنين؛ فهو شخص مؤهل لرئاسة الجمهورية، إذا استطاع الفرقاء تخطي مشكلات الطائفية والمذهبية، لكن هذا الموضوع يبدو اليوم غير واقعي؛ لأن الفرقاء متمسكون بالطائفية والمذهبية".

وواصل سكاف حديثه بالقول: "قد يكون الحل -وهذا من الاحتمالات الواردة- انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيسا للجمهورية، كما حصل في معظم المرات الأخيرة، حيث تم سابقا انتخاب قائد الجيش إيميل لحود، ثم قائد الجيش ميشيل سليمان، ثم قائد جيش سابق هو العماد ميشيل عون".

وزاد: "مع إمكانية حزب الله للضغط باتجاه رئيس بعينه، يبدو أنهم لا يعارضون وصول جوزيف عون إلى رئاسة الجمهورية، خاصة أنهم يستطيعون أن يمارسوا هواية التعطيل، وقد عطّلوا الانتخابات الرئاسية لمدة سنتين ونصف السنة في الفترة السابقة، قبل أن يفرضوا على معارضيهم اسم العماد ميشيل عون لرئاسة الجمهورية، وهذا ما حصل في المرة الماضية، وهم يأملون تكرار ذلك هذه المرة أيضا".

إظهار أخبار متعلقة


وأكمل: "لكن هذه المرة جوزيف عون ليس مرشحهم لرئاسة الجمهورية، بل المرشح هو سليمان فرنجية، ويبدو أنهم لا يعارضون ذلك الآن، المشكلة تكمن في مَن سيطرح اسم العماد جوزيف عون لرئاسة الجمهورية لكي يسير الجميع خلفه، في حين يضع التيار الوطني الحر، الذي أسماه لقيادة الجيش، فيتو عليه اليوم منعا لوصوله، بسبب قدرة قائد الجيش على تشكيل حالة شعبية مستقلة، قادرة على سحب قسم كبير من شعبية التيار البرتقالي".

وأكد أن "المشكلة الحقيقية الآن أن حزب الله يريد الحوار قبل طرح اسم الرئيس، في حين أن الآخرين يريدون طرح الاسم أولا في قنوات الاتصال ثم إجراء الحوار لاحقا. إذن المشكلة هي الاختلاف الكبير بين حزب الله وحلفائه من جهة، ومعارضيه من جهة أخرى، ويبدو أن التقاطع يقترب شيئا فشيئا من العماد جوزيف عون، مع فيتو أساسي عليه من حليفه المسيحي".

وتابع: "نحن في لبنان أمام مشكلة وأزمة إدارية كبيرة جدا مع نهاية عهد حاكم مصرف لبنان، وهو الشخصية المارونية الثانية التي قد تذهب إلى الفراغ بعد رئاسة الجمهورية؛ فحاكم مصرف لبنان ماروني أيضا، والأخطر إذا بقي الفراغ حتى نهاية هذا العام؛ فقد نشهد فراغا ثالثا في قيادة الجيش في الأول من كانون الثاني/ يناير المقبل، بعد انتهاء ولاية قائد الجيش جوزيف عون، وهنا قد نجد أنفسنا أمام مشكلة مثلثة مع خروج الماروني الثالث من المراكز الثلاثة الأساسية في السلطة اللبنانية، وهذا سيطرح إشكالا كبيرا، بالإضافة لكيفية انتخاب الرئيس، وكيفية تعاطي الموارنة من جهة والمسيحيين بشكل عام من جهة أخرى، فقد نشهد بذلك ارتفاعا كبيرا في مستوى الخطاب المذهبي والطائفي في لبنان".

كلمة السر الدولية
وأوضح سكاف أن "معظم الفرقاء السياسيين في لبنان ينتظرون الآن كلمة السر الدولية، كما كان الحال دائما، لكن هذه المرة يبدو أن القرار داخلي أكثر منه خارجي، خاصة أن مجموعة الخمسة التي تهتم بلبنان لم تصل إلى نتيجة، ومن جهة أخرى، هناك التحركات الفرنسية التي يقودها وزير الخارجية السابق، جان إيف لودريان، الذي يقوم بزيارات مكوكية لبنانية وعربية. لكن لا يبدو أنه يملك أي طرح جدي إلى الآن".

واستشهد السياسي اللبناني بأن رئيس القوات اللبنانية قال؛ إنه "إذا أراد (لودريان) أن يقنعنا بالعودة الحوار، فالأفضل أن يوفر على نفسه عناء الزيارة؛ لأننا لا نريد الحوار"، مُشدّدا على أن "المبادرات الدولية اليوم غير جدية للوصول إلى رئيس جمهورية".

وأكمل: "كما نشهد ابتعاد بعض القوى الأساسية، وخاصة الأمريكيين، عن مسرح انتخاب رئيس الجمهورية، ويبدو أنهم غير مهتمين؛ لأن الولايات المتحدة قد حصلت في الفترة الأخيرة على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، وتم التوقيع مع دولة إسرائيل على هذا الترسيم البحري، وتخلت الدولة اللبنانية -وبمباركة حزب الله- عن الخط 29 لصالح العدو الإسرائيلي".

وزاد: "لقد تخلوا أيضا عن حقل غاز كاريش في البحر المتوسط، وهذه الأمور بدت مهمة جدا للطرف الأمريكي، وأضعفت جدا مصالح الطرف اللبناني. ولكن ذلك كان كافيا لما أرادت أن تحصل عليه الولايات المتحدة، ولذلك، فهي الآن غير مهتمة بباقي الأمور، وخاصة الانتخابات الرئاسية، التي كانت معتادة أن تكون لاعبا أساسيا فيها".

ونوّه سكاف إلى أن "واشنطن قامت على ما يبدو بإسناد صلاحياتها واهتمامها بانتخاب رئيس الجمهورية لصالح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي ينوب عن كل الأوروبيين بهذه المهمة". والخلاصة بحسب سكاف، "أن أفق انتخاب رئيس للجمهورية مقفل حتى إشعار آخر، ولا يبدو ممكنا قبل العام الجديد في 2024".
التعليقات (1)
ممدوح حقي
السبت، 29-07-2023 10:45 ص
من يطالب بسحب سلاح حزب الله والمقاومة في ظل الإحتلال الإسرائيلي لأراضي لبنانية وعربية ومقدسات المسيحيين والمسلمين، بالكلام المشربح ليس سوى عميل لإسرائيل. في كل التاريخ ودول العالم عندما يكون هناك عدو ومحتل يكون هناك مقاومة شعبية. لماذا يطالبون سحب السلاح وهو ليس مصوباً سوى إلى إسرئيل؟؟؟ ولولا هذا السلاح لكان لبنان تحت سيطرة إسرائيل وتابعاً أجيراً لها ومصالحها.