قضايا وآراء

كائن لا تُحتمل خفته.. ونفاقه!

جمال الدين طالب
اللافت أن موقف كونديرا الداعم لإسرائيل يبدو غائبا أو مغيبا، عن جهل للكثيرين أوعن تجاهل للبعض في "حفلة" الاحتفاءات العربية بالكاتب سواء عن اطلاع أو عن ادعاء.. (أ ف ب)
اللافت أن موقف كونديرا الداعم لإسرائيل يبدو غائبا أو مغيبا، عن جهل للكثيرين أوعن تجاهل للبعض في "حفلة" الاحتفاءات العربية بالكاتب سواء عن اطلاع أو عن ادعاء.. (أ ف ب)
"كائن لا تحتمل خفته" هو عنوان الرواية، التي اشتهر بها الكاتب التشيكي ـ الفرنسي ميلان كونديرا، الراحل منذ أيام (عن 94 عاما) في فرنسا، التي يقيم فيها منذ فراره إليها من الحكم الشيوعي الديكتاتوري في بلاده، التي كانت تعرف حينها باسم "تشيكوسلوفاكيا"، قبل انقسامها إلى بلدين: جمهورية التشيك وسلوفاكيا.

كونديرا فر إلى فرنسا رفقة زوجته فيرا كوندروفا، التي كانت مذيعة تلفزيونية شهيرة حينها، عام 1975 بعد التضييق، الذي تعرض له، بسبب دعمه لـ"ربيع براغ" الديمقراطي عام 1968، الذي أجهضه الاتحاد السوفييتي، عقب اجتياح جيش "حلف وارسو"، المشكل أساسا من الجيش السوفييتي لتشيكوسلوفاكيا، لمنع توجه الإصلاحيين داخل الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي، حينها لإطلاق إصلاحات ديمقراطية، تحت شعار "الاشتراكية ذات الوجه الإنساني"، والتي تستهدف استبدال نظام الحكم الستاليني بـ"اشتراكية ديمقراطية" خلال 10 سنوات، مع السماح بحرية الصحافة والتنقل، ولا مركزية الاقتصاد، وحتى إمكانية معاودة السماح للأحزاب بالعمل السياسي.

التدخل السوفييتي أنهى "المزحة" الديمقراطية القصيرة، باستعارة عنوان الرواية الأولى لكونديرا، الذي كان من نتائج دعمه لــ"ربيع براغ"، فصله عام 1970 من الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي، الذي كان التحق به شابا عام 1948، وطُرد منه عام 1950، بدعوى "ملاحظة ميول فردية عليه"، قبل إعادته إلى صفوفه عام 1956.

متاعب كونديرا زادت أكبر بعد فصله من الحزب، وقبلها فقدان وظيفته كأستاذ محاضر في كلية السينما في أكاديمية براغ للفنون التمثيلية، ومنع كتبه من التداول، فاضطر للهجرة لفرنسا ـ التي كان تعلم لغتها في بلاده ـ مع زوجته عام 1975، حيث عمل أستاذا مساعداً في جامعة رين. وفي 1979 نشر روايته الرابعة "الضحك والنسيان"، التي أثارت غضب الحكم الشيوعي في براغ، الذي أسقط الجنسية التشيكوسلوفاكية عنه، فتقدم بطلب للحصول على الجنسية الفرنسية عام 1981.

تحت ثقل هذه الأجواء كتب كونديرا روايته "كائن لا تحتمل خفته"، التي سرعان ما حققت له شهرة عالمية بما فيها من تأملات فلسفية وإسقاطات سياسية. لكن علاقته ببلده أخذت أبعاداً إشكالية كبيرة، حيث لم يعد لزيارته من إقامته الفرنسية إلا عام 2019، بعد استعادة جنسيته التشيكية.

فصول العلاقة الإشكالية مع بلده، تعقدت أكثر عندما قرر عام 1995 التحول للكتابة للفرنسية، وقراره بمنع ترجمة الكتب التي كتبها بالفرنسية إلى لغته الأم، وإن كان هذا القرار أُرجع لحرص كونديرا على أن تكون الترجمة أمينة وأن يشرف عليها هو شخصيا.

بدا لافتا (لي على الأقل!) أن عددا من المثقفين، والكُبات (الكتاب!) الكابتين (الصامتين) على الديكتاتورية والظلم في العالم المسمى عربيا، بل ومنهم المتواطئين والمبررين حتى لأنظمة المنطقة الديكتاتورية، سارعوا بعد إعلان رحيل كونديرا، للحديث عن قيمته الأدبية، وانتقاده للحكم الديكتاتوري في بلاده، ودعمه لـ "الربيع الديمقراطي" فيها والضريبة، التي دفعها مقابل ذلك.. بينما المفارقة أن كثيرا من هؤلاء كان لهم مواقف مخزية من تطلعات شعوبهم في المنطقة العربية لـ"ربيع ديمقراطي"
وهناك من فسر عدم حصول كونديرا على جائزة نوبل للآداب، رغم قيمة أعماله الأدبية وشهرته العالمية، بسبب قراره التحول للكتابة باللغة الفرنسية. وقد جلب له قرار التخلي عن اللغة التشيكية انتقادات داخل بلاده، واتهامات بالادعاء، وبأنه اختار "منفى ذهبيا"، وأنه أدار ظهره لنضال شعبه، عكس كتاب ومثقفين تشيك بقوا في بلدهم، واستمر نضالهم من أجل "ربيع براغ" الديمقراطي، والذي تحقق بعدها على يد كاتب مسرحي شهير، هو فاكلاف هافل، (الذي كان من منتقدي كونديرا)، وعارض لعقود الحكم الشيوعي الديكتاتوري، وسجن بسبب ذلك لسنوات، قبل أن يتزعم الثورة المخملية، التي أنهت الحكم الشيوعي في تشكوسلوفاكيا عام 1989، التي شغل منصب رئيسها حتى عام 1992، ثم رأس جمهورية التشيك عام 1993، بعد انفصال البلدين، ولمدة 13 عاما.

لكن الفصل الأكثر سوداوية، في علاقة كونديرا ببلده، كان عام 2008، عندما اتهمته مجلة تشيكية بأنه كان مخبرا لدى المخابرات الشيوعية، وأنه وشى لها عام 1950 بزميل له طالب في الجامعة بدعوى ميوله للغرب، وقد حكم على الطالب بـ22 سنة سجنا مع الأشغال الشاقة. وقد أثارت القضية ضجة عالمية، وظل كونديرا ينفي بشدة التهمة الموجهة له، حتى وفاته.

وقد بدا لافتا (لي على الأقل!) أن عددا من المثقفين، والكُبات (الكتاب!) الكابتين (الصامتين) على الديكتاتورية والظلم في العالم المسمى عربيا، بل ومنهم المتواطئين والمبررين حتى لأنظمة المنطقة الديكتاتورية، سارعوا بعد إعلان رحيل كونديرا، للحديث عن قيمته الأدبية، وانتقاده للحكم الديكتاتوري في بلاده، ودعمه لـ "الربيع الديمقراطي" فيها والضريبة، التي دفعها مقابل ذلك.. بينما المفارقة أن كثيرا من هؤلاء كان لهم مواقف مخزية من تطلعات شعوبهم في المنطقة العربية لـ"ربيع ديمقراطي"، بل إن بعضهم لم يتوان، بل تطوع للعب دور "المخبر" و"الواشي" علنا، وليس سراً حتى، لأنظمة بلادهم الاستبدادية.

كثير من هؤلاء "المسقفين"، ركزوا في إشادتهم بكونديرا، سواء عن إطلاع ـ (على كل ما في ترجمات أعماله للعربية من مآخذ) ـ أو ادعاء، على روايته الشهيرة "كائن لا تحتمل خفته"، وهي ربما للمفارقة تصلح عنوانا لمواقف وسلوك هؤلاء "المسقفين" العرب، في "خفة" مواقفهم و"نفاقهم" في ميزان الحقيقة والمثقف الحقيقي.

"كائن لا تُحتمل خفته.. ونفاقه"! عنوان يصلح لهؤلاء، ويصلح كذلك لموقف ميلان كونديرا في ما يخص الشعب الفلسطيني، ودعمه للاحتلال الصهيوني وأكاذيبه عن الأرض الموعودة لليهود بكل مفارقات أن كونديرا ملحد، كما أن "غالبية الصهاينة لا يؤمنون بوجود الله، لكنهم يؤمنون أنه وعدهم أرض فلسطين"، كما يؤكد المؤرخ الإسرائيلي إيان بابي!

واللافت أن موقف كونديرا الداعم لإسرائيل يبدو غائبا أو مغيبا، عن جهل للكثيرين أوعن تجاهل للبعض في "حفلة" الاحتفاءات العربية بالكاتب سواء عن إطلاع أو عن ادعاء!

*كاتب جزائري مقيم في لندن
التعليقات (1)
نسيت إسمي
الخميس، 20-07-2023 06:19 م
'' أحياناً يكون الواقع أكثر من خيال الدراما '' 1 ـ (المشاهد المحذوفة للسادات من مسلسل ” المال والبنون”) بعد قرابة 30 عاماً من بث الجزء الثانى من مسلسل ” المال والبنون ” يكشف ” ويك اند ” عن معركة كبرى كانت دائرة فى كواليس العمل وخرجت وقتها للإعلام بشكل مقتضب للغاية، ولكن المثير أن تلك الواقعة لم يتعرض لها حتى الآن ، رغم أنها نشرت فى النسخة الرسمية للمجلة القومية ” أخبار النجوم ” فى عددها رقم 122 الصادر فى 4 فبراير عام 1995. ويقول نص الخبر المنشور بباب تحت عنوان ” مقص الرقيب ” فى الصفحة رقم 4 بما يوحى بوجود معركة بين الرقابة واسرة عمل المسلسل، حيث جاء فى التفاصل فشل محمد جلال عبد القوى فى إقناع رقابتى قطاع الانتاج والتليفويون بتصوير مشاهد تعليق ابطال الجزء الثانى من مسلسل ” المال والبنون ” فى الحوار بينهما على زيارة الرئيس المصرى الراحل محمد أنور السادات للقدس حيث أن الرقابة رفضت تماماً المشاهد أكثر من مرة فى لجنة القراءة. 2 ـ (‏في مسلسل المال والبنون) عاد السحت "أحمد راتب" بعد أن إمتلك المال إلى الحاره مره أخرى ... واشترى كل شئ تقريباً في الحاره ما عدا البيت الكبير بسكانه وعلى رأسهم الدكتور إمام بقيمته وقامته وعلمه .... ورغم اللاعيب السحت سواء بالترغيب أو الترهيب ‏لم يستسلم الدكتور إمام وسكان البيت الكبير لمحاولات السحت ... وهذا ما يحدث مثله للاهلي الآن .... سيظل الأهلي باقيا شامخا بجمهوره عارفين ليه .. علشان الأهلي فوق الجميع. 3 ـ (مشهد مسلسل "المال والبنون") ظهر أبناء عباس الضو و سلامة فراويلة كأصدقاء قبل أن يبدأ الصراع بينهما، وظهرت برفقتهما السيارة الأشهر في ستينيات القرن الماضي مرسيدس بنز دبليو 110 ، والتي كانت من إنتاج أهم شركة صناعة سيارات في هذه الحقبة وهي مرسيدس بنز الألمانية والتي أنشأت في العام 1926، على يد أول من ابتكر محرك السيارة الذي يعمل بالوقود وبرفقته أهم رائدي صناعة السيارات في العالم جوتليب دايملر و فيلهيلم مايباخ. 4 ـ (رمضان زمان… المال والبنون.. صراع ”فراويلة وعباس الضو” وأيقونة الدراما الرمضانية) تنتعش الدراما في شهر رمضان وتتمتع بنسبة مشاهدة عالية من أي وقت أخر طوال العام، وينتظر عرضها الجمهور والحرص على متابعتها، وللمسلسلات التلفزيونية تاريخ ممتد من رمضان زمان وحتى الآن وحققت بعض المسلسلات نجاح كبير حتى بعد عرضها بسنوات يضاهي نجاحها عندما عرضت لأول مرة منها مسلسل "المال والبنون" الذي عرض في رمضان 1993. نال "المال والبنون" شهرة كبيرة وقت عرضه وارتبط به الجمهور المصري والعربي، كانت قصة المسلسل التي كتبها محمد جلال عبد القوي مشوقة تعتمد على الصراع الأزلي بين الخير والشر ورصد فترة مهمة في تاريخ مصر وهي ما قبل وبعد فترة 1967 وما حدث من تغيرات طرأت على الشعب المصري، وكان يلتف حول شاشة التليفزيون الملايين لمتابعة ما سوف يحدث بعد أن اختار "سلامة فراويلة" المال الحرام الذي رفضه "عباس الضو". المسلسل ضم عدد كبير من الفنانين يوسف شعبان وعبد الله غيث وأحمد عبد العزيز وشريف منير وعبلة كامل وفايزة كمال وغيرهم من الفنانين في مباراة تمثيلية من الدرجة الأولى وحبكة درامية مغزولة بحرفية تجعل المشاهد ينتظر بشغف أحداث كل حلقة، والأعجاب بقصة الحب التي جمعت بين "يوسف" و"فريال" والصدام الذي جعل زواجهما مستحيل بعد رفض "عباس الضو" أن يتزوج ابنه من ابنة "سلامة فراويلة" دون أن يخبره بالرفض ويعيش "يوسف" في صراع حتى يكتشف الحقيقة التي كان يخفيها عنه والده. كان تتر "المال والبنون" من الأسباب التي ساهمت في نجاح العمل والذي جاء بصوت علي الحجار القوي وصاحب النصيب الأكبر من غناء تترات المسلسلات التليفزيونية، كانت الكلمات التي كتبها سيد حجاب وألحان ياسر عبد الرحمن معبرة لأحداث المسلسل وارتبط بأغنية التتر جمهور الشاشة الصغيرة وبات يرددها خلف علي الحجار وهو يغني "قالو زمان دنيا دنية غرورة ..وقلنا و اللي تغره يخسر مصيره.. قالوا الشيطان قادر وله ألف صورة.. قلنا ما يقدر ع اللي خيره لغيره". كان مشهد تعذيب "يوسف" بعد وقوعه في الآسر بعد هزيمة 5 يونيو من المشاهد الصعبة التي جسدها أحمد عبد العزيز ببراعة شديدة وباتت جملته التي كان يرددها أثناء التعذيب "عباس الضو بيقول لأ" هي واحدة من أشهر جمل المسلسل الذي ارتبط بأحداثه وتعلق به الجمهور وبعد مرور نحو 30 عاما على عرض الجزء الأول الذي دفع صناعه إلي إنتاج جزء ثاني في 1995 ويظل المسلسل بأجزائه باقي في الوجدان وعلامة مهمة في تاريخ الدراما الرمضانية .. "المال و البنون" شرح الآية: إن الله يبيِّن في هذه الآية أن الحياة زهرة حائلة،، ونعمة زائلة،، لا بد أن تنقضي،، ومآدخره الإنسان في حياته الدنيا يتلاشى؟ ويذهب إلا ما أُريد به وجه الله تبارك وتعالى،، فإنه يبقى له مدخر يوم القيامة.