قضايا وآراء

طرق الأبواب في الضفة الغربية

محمد القيق
استهداف المستوطنات في الضفة الغربية- جيتي
استهداف المستوطنات في الضفة الغربية- جيتي
يتطور تكتيك المقاومة الذي بات متصاعدا كمّا ونوعا في الضفة الغربية حتى باتت الجغرافيا هدفا، والسياسة مرتبطة بالأمن رسالة، والتنفيذ بهدوء وأمام الكاميرات والجنود غاية.

ما بعد عملية الاحتلال في جنين ليس كما قبلها، هكذا تم توصيف المشهد حينما قررت "إسرائيل" تغيير قواعد اللعبة التي عهدتها في الضفة الغربية طوال سنوات؛ منذ العام ٢٠٠٧، برعاية الجنرال الأمريكي دايتون الذي تولى الإشراف على الأمن الفلسطيني وإنتاج الفلسطيني الجديد.

وبالفعل بعد عملية الاحتلال الفاشلة في جنين وخلالها توعدت المقاومة بأن جغرافيتها توسعت مساحتها، وأن التكتيك المتبع وهو الاستنزاف والمفاجأة والتوقيت سيبقى مرهقا للاحتلال ومنظومته الأمنية، ليُطرق باب وزير مالية حكومة الاحتلال سموترتش من خلال أفراد المقاومة فيقتلون جنديا ويصيبون آخر، بهدوء أعصاب وانتقال جغرافي من رام الله منفذا إلى "كدوميم" شمال الضفة الغربية.

ما بعد عملية الاحتلال في جنين ليس كما قبلها، هكذا تم توصيف المشهد حينما قررت "إسرائيل" تغيير قواعد اللعبة التي عهدتها في الضفة الغربية طوال سنوات؛ منذ العام ٢٠٠٧، برعاية الجنرال الأمريكي دايتون الذي تولى الإشراف على الأمن الفلسطيني وإنتاج الفلسطيني الجديد
وتلا ذلك طرق باب ليبرمان في مدخل مستوطنة "تكواع"، حيث يقيم المتطرف "أفيغدور ليبرمان" في مستوطنة ضمن تجمع "تكواع"، وهو أنه صاحب قرار تجديد العقوبات الجماعية عام ٢٠١٥ باحتجاز جثامين الشهداء وهدم المنازل وسحب التصاريح والاعتقالات ومنع السفر لأهالي منفذي العمليات، فيصاب ثلاثة مستوطنين وتكون رسالة قوية تُفشل تلك السياسة.

وكان قبلها بأشهر الشهيد محمد الجعبري من الخليل الذي طرق باب مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي المواطنين شرق المدينة، ليقتل جنديا ويصيب المتطرف "عوفر" إصابة معيقة ويُسمع جاره في المستوطنة، وزير الأمن القومي الإسرائيلي "إيتمار بن غفير"، صوت رصاص المقاومة ونارها.

عملية طرق الأبواب التي وسعت المقاومة دائرتها في الضفة الغربية تشي بأن هناك استراتيجيات وضعت بعد دراسة مشروع التحرير واستنزاف الاحتلال، فدلالات كثيرة تشير لذلك:

* حالة التسلح المنظم والإعداد في مخيم جنين الذي يعتبر بقعة جغرافية تحت سيطرة المقاومة، وعزز ذلك فشل قتال الشوارع الذي مارسته نخبة جيش الاحتلال باستخدامها كل التقنيات والطائرات المروحية المقاتلة وبدون طيار، والجرافات والصواريخ الموجهة والتكنولوجيا المسيّرة، وصمت أجهزة أمن السلطة وعدم التصدي لها، ومع هذا لم تنجح العملية وأعطت المخيم خبرة تصنيع عبوات وتجارب صواريخ وإعادة تسليح.

عملية طرق الأبواب التي وسعت المقاومة دائرتها في الضفة الغربية تشي بأن هناك استراتيجيات وضعت بعد دراسة مشروع التحرير واستنزاف الاحتلال
* توسع جغرافيا العمليات من طرق الأبواب برسائل سياسية إلى طرقها برسائل أمنية وجودية، كما حدث في مستوطنة "عيلي" وكذلك حلميش وقبلها تل أبيب وبعدها "كرمي تسور" وحوارة والأغوار والظاهرية والسموع، وكثير من التسلسل الجغرافي الرامي إلى تخفيف الضغط الأمني على مخيم جنين لتصعيد الإعداد وترتيبه، وكذلك تشويش أمني واستنزاف وإشغال جغرافيا أخرى في الضفة الغربية.

* منعطف استراتيجي وضعت المقاومةُ جهازَ الشاباك الإسرائيلي فيه وبات في عنق الزجاجة، وأي قرار دون دراسة لديه سيكلفه الكثير، حيث أن المقاومة وتطورها وقوتها وتسارع ضرباتها هشمت الردع ووسعت دائرة الأمن المهدور.

فالشاباك يحاول قدر المستطاع أن لا يذهب لمربع إغلاق المحافظات وفصلها بالمكعبات والسواتر الترابية، وهذا يعني أنه أمام خيارين أحلاهما مر:

الأول هو البقاء في حالة الاستنفار والتعقب وتحمّل الثمن ولكن لدرجة معينة، حيث أن الأمن المهدور لا يمكن أن يتأقلم معه مشروع الاستيطان والمستوطنين.
الاحتلال في ورطة أمنية ليست سهلة وأي خطوة غير مدروسة سيذهب بها إلى مربع جديد قد تكون المقاومة هي التي تحدد فيه مسارات المرحلة

الثاني هو العودة لخطتهم التي أنتجت الجدار العنصري في انتفاضة الأقصى عام ٢٠٠٠؛ بإغلاق المدن بالسواتر الترابية وحتى فصل القرى عن بعضها بالمكعبات والبوابات الحديدية وغيرها، وهذا سيكون مكلفا جدا للاحتلال ونتيجته انهيار السلطة الفلسطينية المنبثقة عن اتفاقية اوسلو وتقوية الفصائل وأذرعها العسكرية وتوسع الحاضنة الشعبية، حيث أن العقوبات الجماعية تزيد من الغضب المؤدي للفعل ورد الفعل.

وبالتالي الاحتلال في ورطة أمنية ليست سهلة وأي خطوة غير مدروسة سيذهب بها إلى مربع جديد قد تكون المقاومة هي التي تحدد فيه مسارات المرحلة.

وفي ظل معركة جنين ارتسمت ملامح جديدة باتت واقعا غيّر الكثير من المعادلات، أهمها توسعة نفوذ المقاومة وتقوية جسور الثقة بين القيادة وكوادرها، وكذلك الحاضنة الشعبية توسعت وضعف كليا وهْمُ المشروع الوطني الذي تآكل بفعل الإقصاء الممارس من قبل فريق السلطة، وكذلك تآكل بفعل انحسار دورها في التنسيق الأمني وعدم وجود حصاد سياسي، لذلك أبواب كثيرة تُطرق هذه الأيام وقد تتوسع إلى جبهات أخرى فيها طارق وفيها مجيب.

التعليقات (0)