سياسة عربية

برقيات دبلوماسية تكشف عن نمو إمبراطورية فاغنر حول العالم

ظهور مجموعة فاغنر كقوة عسكرية مارقة يمثل تحديا عالميا خطيرا، حسبما يقول المسؤولون الأوروبيون والأمريكيون- جيتي
ظهور مجموعة فاغنر كقوة عسكرية مارقة يمثل تحديا عالميا خطيرا، حسبما يقول المسؤولون الأوروبيون والأمريكيون- جيتي
نشر موقع "بولتيكو" برقيات سرية تكشف عن محاولات المسؤولين الأمريكيين والغربيين وقف تمدد مرتزقة فاغنر الروسية، التي تقوم بالقتال في أوكرانيا، إلى جانب توسيع بصمات التأثير الروسي في القارة الأفريقية وحول العالم.

وكشف الموقع في تحقيق له عن برقيات للدبلوماسيين الأمريكيين، ووثائق تقدم تفاصيل عن توسع قوة مليشيا وشبكة دولية يقودها حليف للرئيس بوتين.

وبعشرات الألاف من المقاتلين، الكثير منهم لديه خبرة قتالية، فإن ظهور مجموعة فاغنر، كقوى عسكرية مارقة، يمثل تحديا عالميا خطيرا ولسنوات قادمة، حسبما يقول المسؤولون الأوروبيون والأمريكيون.

وقدمت المجموعة التي يتزعمها حليف بوتين، يفغيني بريغوجين تدريبا لمقاتلين ونفذت عمليات مهمة نيابة عن النظام السوداني وفي جمهورية أفريقيا الوسطى ودول أخرى، وورد ذلك في برقيات الحكومة الأمريكية ووثائق داخلية لمؤسس المجموعة بريغوجين، وتم التأكد من صحة المعلومات فيها، وفقا للموقع.

إظهار أخبار متعلقة


والتقى المسؤولون الأفارقة والغربيون خلف الأبواب المغلقة في لندن ولشبونة وبانغي وكيغالي لمناقشة طرق وقف تأثير المجموعة عالميا. بل وأعدوا مسودة استراتيجية للحد من تأثيرها في جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث أرسلت جنودها للسيطرة على منجم ذهب وحولته إلى مجمع كبير، حسب البرقيات.

وجندت فاغنر ألاف المقاتلين في أوكرانيا، حيث ساعدوها للسيطرة على مناطق في منطقة دونباس بما فيها سوليدار. واعترف بريغوجين الذي ظل ينفي أية علاقة بالمجموعة بأنه مؤسسها، وظهر في أشرطة فيديو العام الماضي ومنشورات تواصل اجتماعي وهو يحفز جنوده كأبطال، ويستهزئ بالعقوبات الغربية.

وتعتبر فاغنر واحدة من شبكات التأثير التابعة لبريغوجين، التي تشمل شركات بل واعترف بالتدخل في انتخابات دول، منها محاولة التأثير على الانتخابات الأمريكية، وأنه يدير وكالة بحث الإنترنت، وتم تسجيل انتهاكات المجموعة في أفريقيا من قبل منظمات حقوق الإنسان. 

وتعبر نشاطات المجموعة عن طموحات بريغوجين نفسه المتهم بتنظيم عمليات انتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين في جمهورية أفريقيا الوسطى وتهجيرهم، إلى جانب عمليات مماثلة في دول أخرى.

 وقال مسؤول أمريكي: "فاغنر هي ذراع مهم للكرملين، ويستخدمه بوتين كواحد من أدواته في أفريقيا والعالم، وهناك قلق يتعلق بسياستنا في أفريقيا، وبالنسبة لنا فهذه مشكلة حول كيفية خلط روسيا بين العمل العسكري السري والتأثير السياسي".

وقالت البرقيات؛ إن بريغوجين حاول التدخل في الشؤون الداخلية في الدول الأفريقية وتوسيع شبكة التضليل لأوروبا، وبخاصة إلى إستونيا، من خلال نشر المشاعر المضادة للغرب والناتو، كما حاول توسيعها إلى المكسيك، إلا أن وباء كوفيد أوقف العملية. 

واعتمد الموقع في تحقيقه على برقيات الحكومة الأمريكية ووثائق تم الحصول عليها من المراسلات الداخلية لفاغنر كتبت بالروسية، وتم الوصول إليها من خلال التعاون مع مؤسسات صحفية دولية. وحصلت صحيفة فيلت على الوثائق أولا، وشاركت صحفا ومؤسسات إعلامية بها، منها مؤسسات تملكها أكسيل سبرينغر التي تملك أيضا بوليتكو. 

إظهار أخبار متعلقة


وتقدم الوثائق رؤية من الداخل حول عمل المجموعة، كيف تنفق المال وتضبط العناصر العاملة فيها، إلى جانب كيفية التعامل مع الحكومات التي تتعاون معها حول العالم. وتغطي الوثائق ثماني سنوات، ما بين 2014- 2021 وترتبط بالشبكة الدولية الواسعة التي يسيطر عليها بريغوجين.

 وزاد غزو أوكرانيا العام الماضي من جهود التجنيد والتأثير داخل الدائرة المقربة من بوتين، كما تظهر البرقيات. وخلال التسعة أشهر الماضية، عملت الدول الغربية والولايات المتحدة على وقف تقدم مجموعة فاغنر التي أصبحت تقاتل إلى جانب القوات الروسية، ومنع حدوث سيناريو مشابه لما حدث في دول أخرى حول العالم، وفرضت عليها عقوبات قاسية لمنع حصولها على السلاح. 

وجلبت المجموعة آلاف السجناء من روسيا للقتال في الجزء الشرقي من أوكرانيا، وبخاصة مدينة باخموت. وتكشف الوثائق عن الطريقة التي تستهدف فيها المجموعة الأحياء الفقيرة في روسيا، وكيف تقوم بمراقبة الانضباط في صفوفها، ومعاقبة من يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي وتخزين الصور التي تكشف عن معلومات حساسة، بل وتعريض العناصر لفحص الكذب.

ورغم الفوضى داخل إمبراطوريته، واصل بريغوجين توسيعها وإرسال العناصر لمناطق في الشرق الأوسط لتعزيز التأثير، منها مناطق تعتبر تقليدا من الموالية لأمريكا. وفي عام 2020 حاول أشخاص على علاقة مع بريغوجين فتح مكتب في المكسيك قبل انتشار كورونا، وكذا في بوركينا فاسو وإستونيا.

 وعبر مسؤولون عن قلقهم من وصول فاغنر إلى كوسوفو، ووجود عناصر منها في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مع أن المسؤولين المحليين هناك أنكروا هذا. ولمساعدة المهمة أرسلت فاغنر الأسلحة والعربات إلى مناطق تأثيرها وعثرت على طرق لنقلها بوسائل الشحن الدولية رغم العقوبات. 

 ورغم الأدلة حول رابطة فاغنر بالدولة الروسية وحصولها على دعم، إلا أن بريغوجين لم يكن على علاقة تامة مع الكرملين، بطريقة أثارت تكهنات صحفية حول محاولته الاستفادة من الحرب والحصول على موقع سياسي يؤهله للوصول إلى التأثير والتمويل.

 وتكشف الوثائق عن الدور المهم الذي أداه بريغوجين ومؤسساته بالترويج وتعزيز صورة بوتين في الانتخابات الروسية وحول العالم، مثل غانا ونيجيريا ومدغشقر.

وعبر المسؤولون الأمريكيون عن قلقهم من الدور الذي تؤديه فاغنر في جمهورية أفريقيا الوسطى، فقد أنشأت المجموعة مركزا ثقافيا في العاصمة بانغي عام 2017 وقادت حملات تضليل، مع أن تركيزها الأساسي هو الأمن والمناجم، ولديها 13 قاعدة حول البلاد. وحذرت رواندا في اجتماع الشهر الماضي من تأثير فاغنر في جمهورية أفريقيا الوسطى، وأنها يجب ألا تكون الوحيدة في القارة التي تحذر رئيس الجمهورية من تزايد اعتماده على فاغنر.
التعليقات (0)