سياسة عربية

فرنسا تعيد 47 طفلا وامرأة محتجزين في مخيمات بسوريا عقب انتقادات أممية

غيرت فرنسا من سياستها تجاه ملف إعادة مواطنيها من سوريا بعد انتقادات حقوقية وأممية- جيتي
غيرت فرنسا من سياستها تجاه ملف إعادة مواطنيها من سوريا بعد انتقادات حقوقية وأممية- جيتي
أعادت فرنسا، الثلاثاء، خمس عشرة امرأة واثنين وثلاثين طفلاً كانوا محتجزين في معسكرات الاعتقال المخصصة للعناصر السابقين في تنظيم الدولة، شمال شرق سوريا، وفق ما أعلنته وزارة الخارجية.

وقالت الوزارة في بيان إنه "تم تسليم القاصرين لخدمات رعاية الأطفال وسيخضعون لمتابعة طبية واجتماعية"، مضيفة أنه "تم تسليم البالغين إلى الجهات القضائية المختصة".

وتؤكد عملية الإعادة الجماعية هذه، والأولى من نوعها في عام 2023، قطع باريس مع سياسة "كل حالة على حدة" التي اعتمدتها إلى حدود العام الماضي، الأمر الذي أدى إلى إدانتها من قبل جهات دولية، من ضمنهم لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة.

وفي 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، أعادت خمس عشرة امرأة وأربعين طفلاً فرنسيين، محتجزين في معسكرات شمال شرق سوريا، في أكبر عملية من هذا النوع نفذتها فرنسا حتى الآن. 

وكانت القضية السابقة، التي تخص ست عشر امرأة وخمسة وثلاثين قاصرًا، في 5 تموز/ يوليو 2022، بمثابة نقطة تحول رئيسية وتغيير في سياسات فرنسا تجاه ملف إعادة مواطنيها الذين انضموا إلى تنظيم الدولة.

وبعد أكثر من ثلاث سنوات من الرفض، قررت باريس إعادة جميع مواطنيها، بما في ذلك الأطفال الذين تم اعتقالهم منذ هزيمة تنظيم الدولة عام 2019، أو المولودين في المخيمات.

وحتى صيف عام 2022، كانت فرنسا تفرض العودة إلى الوطن على أساس "كل حالة على حدة"، والتي تقوم على إعادة الأطفال إلى التراب الفرنسي بدون أمهاتهم، أي الأيتام أو الأطفال الذين وافقت أمهاتهم على التوقيع على وثيقة التنازل عن حقوقهم في الرعاية الأبوية. وبهذه السياسة، أعادت باريس خمسة وثلاثين طفلاً يُفترض أنهم أيتام فقط، وكان آخرهم في كانون الثاني/ يناير 2021.

وبين الدول الأوروبية، كانت فرنسا معزولة بشكل متزايد في اختيارها للعودة إلى الوطن "على أساس كل حالة على حدة"، حيث قررت بلجيكا وفنلندا والدنمارك والسويد وهولندا وألمانيا إعادة جميع رعاياها القصر، برفقة أمهاتهم عندما يكون ذلك ممكنًا، بعد تزايد الإدانات من قبل الهيئات الدولية.

والسبت، خلصت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، إلى أن فرنسا تخرق اتفاقية مناهضة التعذيب برفضها إعادة النساء والأطفال المحتجزين في مخيمات في سوريا لأنها "ملزمة" بحمايتهم.

تعقيبًا على القرار، قالت المحامية ماري دوسيه التي تمثل أسر نساء وأطفال محتجزين في مخيمات بشمال شرق سوريا، في بيان إن "لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة تؤكد أن: بلدنا اختار التخلي عن الأطفال وأمهاتهم في منطقة حرب مع وعيه الكامل بالمعاناة والعنف الذي يتعرضون له". 

وأضافت دوسيه أن "مئة وخمسين طفلاً وأمهاتهم يواجهون الشتاء الخامس" في هذه المخيمات الواقعة تحت سيطرة القوات الكردية.

وكانت عائلات نساء وأطفال محتجزين قد لجأت إلى اللجنة عام 2019، معتبرة أن فرنسا انتهكت بعدم إعادتهم إلى الوطن المادتين 2 و16 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. 

واعتبرت الدولة الفرنسية في ملاحظاتها المحالة إلى لجنة الأمم المتحدة والتي وردت في القرار الصادر الخميس، أن الاتفاقية لا تطلب من دولة حماية مواطنيها في إقليم لا يخضع لولايتها القضائية.

وأضافت السلطات الفرنسية أنه "ليست لديها القدرة على تنفيذ عمليات الإعادة إلى الوطن" التي لا تعتمد "فقط... على إرادة الحكومة"، مشيرة خصوصا إلى ضرورة موافقة السلطات في شمال شرق سوريا والأمهات.

اظهار أخبار متعلقة


لكنّ اللجنة رفضت هذه الحجج، واعتبرت أنه حتى لو لم تكن الدولة الفرنسية "في أصل الانتهاكات التي يتعرض لها" النساء والأطفال في المخيمات، فإنها "تبقى دائمًا ملزمة" بحمايتهم من "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من خلال اتخاذ جميع التدابير اللازمة والممكنة"، وخلصت إلى أن عدم اتخاذ "تدابير فعّالة" لحمايتهم وعدم إعادتهم "يشكل انتهاكاً... للاتفاقية".

وسبق أن دانت لجنة حقوق الطفل ثم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فرنسا عام 2022 بسبب عدم تحركها لإعادة النساء والقصر.

ويبقى قرار اللجنة الأممية غير ملزم، لكنّ فرنسا مدعوة لإرسال قراراتها المتخذة لها "لمتابعة تنفيذ ملاحظاتها" في غضون تسعين يومًا.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش، إن أكثر من 42,400 مواطن أجنبي، معظمهم من الأطفال، محتجزون في ظروف تهدد حياتهم في مخيمات التنظيم في شتى أنحاء سوريا.
التعليقات (0)