قضايا وآراء

السودان: انسحاب الاتحاد الأفريقي.. ومحنة فولكر وكشف الخفايا

إبراهيم الصديق علي
1300x600
1300x600
(1)
بعد لقاء عاصف مساء الثلاثاء (21 حزيران /يونيو الجاري) بين قوى التغيير (جماعة الميثاق) والسفراء الأفارقة في الخرطوم، خرج السفير محمد بلعيش، سفير الاتحاد الأفريقي في الخرطوم، وقال: "الاتحاد لا يمكنه أن يواصل في مسار لا تتبعه الشفافية والصدق وعدم الإقصاء، وكذلك لا يطلب أي دور (..) ولا يعترض على أي طريقة يختارها السودانيون لترتيب بيتهم وحل أزمتهم، وقد قرر الاتحاد أنه مستقبلا لا داعي لحضور أي اجتماعات تهدف للتمويه والمراوغة وعدم الشفافية في جو إقصائي".

بهذا الوضوح أنهى بلعيش حالة من الالتباس والإرباك سادت المشهد السوداني، من خلال مناورات رئيس بعثة يونتاميس، فولكر بيترس، ومبعوث الاتحاد الأفريقي ود لبات..

ومع أن بيان بلعيش هو قرار نفي وانسحاب عن الاجتماعات، فإنه حالة إثبات وتأكيد على أن اجتماعات ومواقف اليونتاميس والآلية الثلاثية ساد فيها طابع "عدم الشفافية والإقصاء والمراوغة والتمويه والخداع".. وأن الخيار في الأمر "إن الحل سوداني".

(2)
الخرطوم مدينة لا تحتفظ بالأسرار كثيراً، مهما تدثرت بالخفاء والتدليس، كما أن الوقائع تتسرب بسرعة وكانت أروقتها تتحدث جهاراً عن سيناريوهات متعددة:
حالة إثبات وتأكيد على أن اجتماعات ومواقف اليونتاميس والآلية الثلاثية ساد فيها طابع "عدم الشفافية والإقصاء والمراوغة والتمويه والخداع".. وأن الخيار في الأمر "إن الحل سوداني"

- في حال نجاح حوار الآلية الثلاثية، فإن قرارات 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021م تكتسب شرعية وحاضنة جديدة وحكومة جديدة.. وإسدال الستار على حقبة مجموعة إعلان الحرية والتغيير (المجلس المركزي)..

- أسرعت هذه المجموعة للطلب من سفير دولة عربية، التدخل، ودعوة الولايات المتحدة الأمريكية للضغط على المكون العسكري لإعادة المشاورات الجانبية، وتم تهيئة المسرح من خلال:

- ضرورة مشاركة محددة في الحوارات كما جاء في إفادات المتحدث الرسمي باسم الآلية الثلاثية، وقال "إن الحوار بدونهم بلا جدوى"..

- وقال فولكر في لقاء على قناة الحرة: "تظاهرات ومواكب لجان المقاومة مهمة، ولولاها لما جلست السلطات للتفاوض".
أدركت مجموعة الحرية والتغيير (الميثاق الوطني) وبقية القوى السياسية الوطنية والشخصيات القومية أن هناك محاولة لقلب طاولة الحوار وتجييرها لصالح قوى سياسية وأجندة مريبة، وتحركت في مسارات متعددة ومن بينها الاتحاد الأفريقي.. بينما قوى أخرى داعمة للمواكب تنتظر تظاهرات يوم 30 حزيران/ يونيو الجاري لمزيد من الضغط على المكون العسكري

- تأجيل ومماطلة في مواصلة انعقاد جلسات الحوار بين القوى السياسية، مع تشجيع وترحيب بالحوار الثنائي مع المكون العسكري..

- اشتراط قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) إيقاف وتجميد حوار الآلية الثلاثية والاكتفاء بالحوار معهم، وهو ما سماه بلعيش "عدم الشفافية والخداع والإقصاء والتمويه"..

(3)
أدركت مجموعة الحرية والتغيير (الميثاق الوطني) وبقية القوى السياسية الوطنية والشخصيات القومية أن هناك محاولة لقلب طاولة الحوار وتجييرها لصالح قوى سياسية وأجندة مريبة، وتحركت في مسارات متعددة ومن بينها الاتحاد الأفريقي.. بينما قوى أخرى داعمة للمواكب تنتظر تظاهرات يوم 30 حزيران/ يونيو الجاري لمزيد من الضغط على المكون العسكري وفرض أجندة تحت بند "رأي الشارع"، ولم ينف مبعوث اليونتاميس الأحاديث عن مبلغ 500 ألف دولار تم تسليمها لصالح مشاركة أوسع للفاعلية.. كل ذلك التنازع والمكون العسكري على قول خفيض: "ندعم الحوار الذي تيسره الآلية الثلاثية ولا عودة للتحالفات الثنائية"..
لم يعد من سبيل سوى تعزيز اللُحمة الوطنية ووحدة الصف والرضى بالخيار الديمقراطي (الذهاب إلى صناديق الاقتراع)، هذا اختبار الشارع ونبض الشارع، أما التحشيد، فإنه موقف للتعبير وليس مقياساً للتقرير بشأن الوطن ومستقبله

(4)
لقد كشف بيان الاتحاد الأفريقي عن جانب من الممارسات الغوغائية باسم المجتمع الدولي، والانحراف عن المهام والصلاحيات، والانجراف خلف مخططات عبثية، في الساحة السودانية..

كان يمكن للسيدين فولكر بيرتس وود لبات المضي في حواراتهما وتوسيع اتصالاتهما وفتح قنوات مع آخرين، دون رهن إرادة الأمة والوطن لأحزاب وجماعات محددة، ودون وضع اشتراطات مسبقة، ودون اجتماعات خفية وتفتقر للشفافية ويكتنفها الغموض. وغاب عنهم أن المجتمع السوداني ومهما تأزمت الأوضاع ميال للتراضي والتوافق، وأن أجندة الإقصاء دخيلة كما أنها حيلة العاجزين. فالأصل في العمل السياسي التنافس والمدافعة وفق الخيارات والممارسة الديمقراطية، وليس الإبعاد والحظر والتعسف.. ولذلك حاق بهم البوار..

ولم يعد من سبيل سوى تعزيز اللُحمة الوطنية ووحدة الصف والرضى بالخيار الديمقراطي (الذهاب إلى صناديق الاقتراع)، هذا اختبار الشارع ونبض الشارع، أما التحشيد، فإنه موقف للتعبير وليس مقياساً للتقرير بشأن الوطن ومستقبله..
التعليقات (0)

خبر عاجل