قضايا وآراء

لسه مكملين

أسامة جاويش
1300x600
1300x600

"نظراً للأوضاع التي لا تخفى على أحد وحرصاً على استمرارية رسالة القناة الإعلامية لنقل الحقيقة كاملة، فقد قررت إدارة قناة مكملين الفضائية نقل بثها واستوديوهاتها وكافة أعمالها إلى خارج تركيا لتنطلق انطلاقة جديدة من كل ميادين العالم. وعليه فستغلق القناة استوديوهاتها ومقرها بالكامل في تركيا وتنطلق من عواصم عالمية مختلفة خلال المرحلة المقبلة".

بهذه العبارات أعلنت قناة "مكملين" الفضائية اضطراريا توقف بثها وإغلاق مكاتبها في مدينة اسطنبول التركية بعد رحلة عظيمة امتدت خلال السنوات الثماني السابقة، كانت فيها "مكملين" علامة بارزة بحق في فضاء الإعلام العربي وتحولت من مجرد قناة للمعارضة إلى صوت المظلومين ومنبرا للدفاع عن الحرية ليس في مصر وحسب بل في كل بقعة وصل فيها صوت "مكملين".

كنت حاضرا في بدايات مكملين، شهدت بنفسي على بدايتها البسيطة، في غرفة صغيرة اجتمع مجموعة من الشباب المصري، أعمارهم لم تتجاوز العشرين آنذاك، أعدادهم لم تتعدّ أصابع اليد، واجهتهم تحديات كبيرة في البدايات، ولكن رويدا رويدا أراد الله أن تكبر الغرفة الصغيرة لتتحول إلى مقر ضخم وغرف ومكاتب واستديوهات، تحول الشباب الصغير إلى محترفين في مجال الإعلام بالعمل والتعلم والتدريب المتواصل، كبرت "مكملين" واستطاعت أن تصل إلى كل بيت ويتردد صداها في شوارع وميادين مصر.

"والله والله كل القنوات اللي بره هتتحاسب"
 
كان هذا هو القانون الذي وضعه عبد الفتاح السيسي للتعامل مع حالة "مكملين" وأخواتها في الخارج، فبدأ بشن حرب ضروس ضد القناة والعاملين فيها، أحكام قضائية بالسجن لسنوات، وضع أسماء المذيعين على قوائم الإرهاب، منع من تجديد جوازات السفر، ثم وصلنا إلى ذروة الأمر، مطالبة تركيا بإغلاق قناة "مكملين".

عندما تتحول وسيلة إعلامية للتعبير عن الرأي إلى ورقة للتفاوض بين بلدين كبيرين في منطقة الشرق الأوسط فلا بد لكل من ساهم ولو بكلمة في وجود "مكملين" أن يفخر بنفسه وعمله وجهده، فالنظام المصري على مدار سنوات لم يسمح بوجود أي رأي آخر، اعتقل معارضيه، أغلق مكاتب صحف غربية في القاهرة وطرد مراسليها، حجب مئات المواقع الإلكترونية التي تنشر الحقيقة.

هذا النظام المتهم بقتل الباحث الاقتصادي أيمن هدهود بعد تعذيبه لفترات طويلة لا لشيء إلا لأنه تجرأ على البحث والتدقيق في اقتصاد الجيش وهو من المحرمات، هو نفس النظام الذي لم يتحمل صوتا مخالفا من هالة فهمي المذيعة في التلفزيون المصري ماسبيرو بعد نشرها لفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، هو نفس النظام الذي انتحر بسببه نائب رئيس تحرير صحيفة "الأهرام" الرسمية.

نظام قمعي، هلل منذ الأمس احتفالا بإغلاق مكملين في تركيا، اعتبروه انتصارا كبيرا ونهاية لصوت طالما أزعجهم على مدار سنوات، ولكن نسي هؤلاء جميعا أن مكملين التي بدات ونمت وقوي عودها من شباب عاهدوا الله على حب مصر والذود عن حماها وكشف الحقيقة كاملة أعلنت أنها لن تتوقف وستفاجئ الجميع أنها صوت لن يصمت وأنها ستنطلق من جديد لتكون أقوى صوتا وأصدح بالحق ولن تخشى بالله لومة لائم.

 

عندما تتحول وسيلة إعلامية للتعبير عن الرأي إلى ورقة للتفاوض بين بلدين كبيرين في منطقة الشرق الأوسط فلا بد لكل من ساهم ولو بكلمة في وجود "مكملين" أن يفخر بنفسه وعمله وجهده، فالنظام المصري على مدار سنوات لم يسمح بوجود أي رأي آخر، اعتقل معارضيه، أغلق مكاتب صحف غربية في القاهرة وطرد مراسليها، حجب مئات المواقع الإلكترونية التي تنشر الحقيقة.

 



أرض الله واسعة، ستخرج مكملين مرة أخرى في أقرب وقت كما عهدناها قوية بصوت عال يزعج دوواين الحكم في عواصم الثورة المضادة، يعطي الأمل للمعتقلين داخل السجون وللمصريين الذين يعانون ضيق الحال وارتفاع الأسعار، ستعود مكملين لتكون صوتا لكل هؤلاء ومنبرا للدفاع عن العدل والحرية.

الكلمة الأخيرة إلى رفقاء الدرب وأصدقاء الرحلة، زملائي وأصدقائي داخل قناة مكملين، إلى كل الأحبة المناضلين حقا الذين واصلوا الليل بالنهار وتحدوا أكبر نظام قمعي عربي بلا خوف أو وجل.. لقد رفعتم الرؤوس وكنتم وما زلتم وستكونون دوما منارة للحقيقة ومثالا للتضحية وأشرف الرجال والنساء في زمن عز فيه أهل المبادىء.. حق لكم أن تفخروا بأنفسكم وبالصرح الإعلامي الراسخ الذي شيدتم..

أمانتكم في عنق كل مصري حي ورسالتكم ستستمر رغم كل الكيد والتآمر.. معكم وبكم مكملين من كل أرجاء الدنيا حتى نحتفل في يوم قريب بانطلاقة "مكملين" الكبرى من ميدان التحرير في قلب قاهرة المعز وعلى ضفاف نيلنا الشامخ..


التعليقات (0)