قضايا وآراء

هل حاول الإخوان اغتيال علي جمعة وياسر برهامي؟!

عصام تليمة
1300x600
1300x600

المتتبع لتاريخ الحكم العسكري لمصر، والدوائر القريبة منه، سيجد أخلاقهم وطباعهم واحدة، منها: ادعاء البطولة بالباطل، وتلفيق التهم بالمخالف، وجعل نفسه من دائرة المناضلين المضحين لأجل الوطن، ومن هذه الأكاذيب الزائفة في ادعاء البطولة، ما تحدث عنه مسلسل الاختيار3 من محاولة اغتيال الدكتور علي جمعة مفتي مصر السابق، والدكتور ياسر برهامي القيادي في حزب النور، ونسبة هذا الفعل للإخوان.

المتأمل في الحادثتين، سيجد دلائل الفبركة تنضح منهما بشكل واضح، فكلاهما بلا شك يبغض الإخوان، الأول لأن الرئيس الشهيد مرسي لم يجدد له عند انتهاء مدته في الإفتاء، وهو من رجال السلطة المحسوبين عليها قبل توليه الإفتاء، رغم تاريخه السابق المقرب من الإخوان والجماعات، في تفاصيل لو تتبعها باحث مجد، سيجد تناقضات هائلة في حياة علي جمعة، وتقلبات وتناقضات لا تحولات نابعة عن مراجعة وفكر، فقد سبق له أن حقق كتاب: شهيد المحراب من تأليف مرشد الإخوان الثالث عمر التلمساني.

أما ياسر برهامي، فهو رجل ينضح قلبه بغضا للإخوان، فطموحه منذ سنين عددا، أن يكون لديه تنظيم كتنظيم الإخوان، يجد فيه الولاء والسمع والطاعة مثلما يجد، وبنفس القوة والتواجد والترابط، يحكي هذا كل من كان قريبا منه، وقد كان يود أن يكون بديلا عنهم بعد الانقلاب عليهم، وقد رأينا مواقفه وحزبه منذ ثورة يناير، وجلها مواقف تنطلق من البراجماتية البحتة، التي لا تمت للتدين بصلة.

أما عن الحادثتين، فلنتناولهما بتجرد، أما عن علي جمعة، فقد أراد تصوير الأمر على أنه كرامة من الله، لولي من أوليائه، فقال في برنامج تلفزيوني بعد مسلسل الاختيار3: لقد حققوا مع من أرادوا قتلي، وقالوا لهم: لقد كان بينكم وبينه أربعة مترات، ومعكم السلاح، فكيف لم تتمكنوا من قتله؟ فأجابوا: لقد اختفى فجأة من أمامنا ولم نعد نراه! يوحي بذلك علي جمعة بأن الله قد أخفاه عنهم، ويكأننا أمام حادثة الهجرة وغار ثور مرة أخرى، أو أمام مسيح آخر لكنه لم يشبه لمن أرادوا قتله، بل رفع عنهم.

علما بأن جمعة نفسه اعترف أنه لم يكن خطيب هذه الجمعة، بل كان الخطيب الدكتور مجدي عاشور كما قال في برنامج تلفزيوني، أي: أنه لم يكن معلوما أنه سيخطب، بل كان مجرد مصل، فلماذا لم يرصده القتلة في مسجده الذي يصلي فيه دوما، إلا أنها تمثيلية كعادة علي، فتارة يمثل شخصية: نور الدين علي جمعة، وتارة شخصيات أخرى، فهو شخصية تهوى الأضواء، بأي شكل كان، المهم أن يظل في دائرة الضوء.

 

لو كان للإخوان تنظيم عسكري يصفي الخصوم، فهناك خصوم أكبر وأهم يسبقون هؤلاء المجاهيل الآن، فهي أكذوبة من أكاذيب العسكر في قضايا التلفيق، وليس مستبعدا، حتى لو جاءوا بأشخاص تم تعذيبهم واعترفوا، فكم من أشخاص تمت إدانتهم بالاعتراف بالتعذيب.

 



أما عن برهامي، فقال: إن الأمن أخبره أن هناك مؤامرة من الإخوان لقتله، وعليه أن يختفي عدة أيام، وقد فعل، ثم طمأنوه فعاد، وأنهم أخبروه بالمؤامرة!! وقد يكون برهامي صادقا في إخبار الأمن له، لكن هل هناك فعلا مؤامرة عليه؟ إنها حيلة ولعبة يمارسها الأمن، فإذا كان العسكر قد مارسها مع عبد الناصر، بإيهامه أنه مطلوب للقتل، وأنهم يحمونه، أو ربما فعلت ذلك السلطة معه، من باب: عدم مطالبته باستحقاق وقوفه مع الانقلاب، وخاصة أن الانقلاب رماه رميا مهينا، وفي آخر دورة برلمانية رسب معظم مرشحي حزب النور بشكل مهين متعمد من الأجهزة الأمنية.

أما عن التأمل الحقيقي في الحادثتين، فلنتخيل أن هناك تنظيما له جناح مسلح عسكري، وله من يوجهه، لماذا في هذه الفترة يتم التفكير من تنظيم مسلح لقتل رجل لم يعد له صفة إفتائية، أو أي دور فعال أو فعلي في الواقع، فعلي جمعة واحد ضمن عشرات المشايخ الذين هم رجال السلطة وألسنتها، فلماذا علي جمعة تحديدا؟ الحقيقة لا نجد أي مبرر علمي أو منطقي أو دموي حتى، فكلمته: اضرب في المليان، قد قالها غيره كثيرون، وقال مثلها مفتي سابق وهو الدكتور نصر فريد واصل، حين قال عن الإخوان: خوارج، فلماذا لم يتم استهداف إلا علي جمعة؟!

ثم إذا كان هناك تنظيم مسلح يريد الانتقام، فكان الأولى التفكير في المفتي الحالي، فهو الذي يوقع على حالات إعدام كثيرة وتطبق، ونحن ضد استهداف أي مفتي أو أي أحد، وأن حساب هؤلاء يكون بالجهات القضائية المنصفة، لا الأفراد أيا كان دافعهم، لكني هنا أناقش فرية وكذبة كبرى يريد أن يعيشها علي جمعة وبرهامي، لماذا لم يتجه التفكير إلى شيخ الأزهر وقد شارك في الثالث من يوليو رسميا، لو كانت المسألة الموقف من الانقلاب.

وعلى نفس الأمر، لو كان برهامي مستهدفا لموقفه من الانقلاب على الإخوان، فلماذا لم تستهدف جلال مرة وهو الذي شارك في الثالث من يوليو أيضا، ولم يستهدف رئيس المجلس الأعلى الصوفي، ولا المجلس الأعلى للقضاء، لو كانت المسألة مسألة الانقلاب على الشرعية هي الدافع لذلك، ولو كان الدافع فض رابعة، أو الاعتصامات، والإعدامات، فلماذا لم يتم استهداف المفتي الرسمي، أو قيادات حزب النور السياسية التي شاركت في العملية السياسية بعد الانقلاب؟!

هي كلها أسئلة المقصود منها نفي هذه الفرية التي يقتات عليها علي جمعة وياسر برهامي، إذ لو كان للإخوان تنظيم عسكري يصفي الخصوم، فهناك خصوم أكبر وأهم يسبقون هؤلاء المجاهيل الآن، فهي أكذوبة من أكاذيب العسكر في قضايا التلفيق، وليس مستبعدا، حتى لو جاءوا بأشخاص تم تعذيبهم واعترفوا، فكم من أشخاص تمت إدانتهم بالاعتراف بالتعذيب. 

عندنا مثال الفنانة المصرية التي تزوجت قطريا، وقتل زوجها، واتهموها بالجريمة وعذبوها حتى اعترفت، ثم حكموا عليها بالسجن، وبعد سنوات اكتشفوا القاتل، وعندنا شباب أعدموا بالفعل في قضية عرب شركس، وبعد إعدامهم تمت تبرئتهم في مرحلة النقض، وليس تخفيض الأحكام، بل برأتهم المحكمة، أو برأت معظمهم.

[email protected]

التعليقات (1)
الكاتب المقدام
الجمعة، 29-04-2022 05:24 ص
*** ما عانته مصر من حكم عسكر الانقلاب، بدءاً من عصابة ضباط ناصر التي استولت على حكم مصر، التي انقلبت على الحكم المدني الذي اقسموا على حمايته والولاء له، ثم حنثوا بقسمهم، وخانوا الثقة التي وضعها وطنهم فيهم، واستخدموا اسلحتهم في اعتقال قادتهم، وقد نال قائدهم محمد نجيب جزاء تشجيعه لهم، فخانوه وانقلبوا عليه هو الآخر، وهو أول رئيس للجمهورية في مصر، واعتقلوه فناله بذلك ما نال غيره، فالخيانة طبع متأصل في العسكر الانقلابيين، فهم يظهرون الخنوع والطاعة إلى أن يتمكنوا، ثم يبادرون عند سنوح الفرصة بخيانة من وضع ثقته فيهم، والانقضاض عليه بخسة ونذالة والغدر به، ولم يكتفوا باعتقال قائدهم ورئيسهم محمد نجيب، بل عملوا على تشويه سمعته، ونشر الأكاذيب عنه، عن طريق تجنيد إعلاميين كذبة فجرة، اغدقوا المال عليهم من أموال الشعب المنهوبة، وكانت نهاية العصابة الانقلابية نهاية سوداء، فقد انقلبوا على بعضهم البعض، كلما سنحت الفرصة بنذل منهم للانقضاض على صحبه، وانتهى الحال بالمجرم ناصر، بأن قام بدس السم غيلة لعامر صديقه وصفيه وشريك دربه، لكي يحمله بوزر الهزيمة المهينة وحده، بانسحابهم المذل من سيناء في عام 67، وتسليمهم سيناء دون قتال أو دفاع، وترك أسلحة الجيش المصري لجيش الصهاينة، وترك المجندين المصريين رهن اعتقال اليهود، والتاريخ يعيد نفسه بحذافيره، فيظهر الجنرال المسخ الدجال صنيعة التيار الصهيوني الصليبي الجديد، فيخون رئيسه الشهيد مرسي، الذي كان قد أقسم على يمين الطاعة له، ويجد من بين الدهماء والسفهاء من الشعب المصري من يصدق أكاذيب السيسي دجال العصر، ويهلل ويطبل ويزمر له، طمعاُ في رضاه عنه، وحتى يغدق عليهم من عطاياه، وتتكرر الحكاية بأن انقض السيسي على شركاءه الذين دعموه انقلابه، بدءاً من أعضاء المجلس العسكري بكاملهم، مروراُ بالتيار المدني، الذين ادعوا كذباُ وتدليساً على الناس بأنهم مع حكم الشعب الديمقراطي، فإذا بهم ينبطحون تحت بيادة العسكر، الذين هللوا لانقلابهم في 30 يونيو، ووصولاُ إلى بسطاء المصريين الساكتين عن جرائم عصابة السيسي، الذين سيدفعون هم وأبناءهم ثمن تخلفهم عن نصرة الحق، بعد أن نهب السيسي وعصابته أموال البلاد، وهرب أموالها لشركاءه في الخارج، وتنازل عن جزرها وثروات مياهها الإقليمية لأعدائها، وعمل على تخريب سيناء لإرضاء كفلائه الصهاينة، عساهم يرضون عنه ويتركوه على عرش مصر، ولكن سعيه سيخيب، ومكره سيزول، حين يفيق الشعب ويرى مغبة ما اقترفه، وسينتهي به الحال إلى مزبلة التاريخ ليلحق بمن سبقه من الخونة الكذبة الفجرة، وإن غداُ لناظره قريب، والله أعلم بعباده.