صحافة دولية

إيكونوميست: سعيّد قد يواجه غضبا شعبيا.. والجيش غير مرتاح

يرفض سعيّد التراجع عن قراراته - جيتي
يرفض سعيّد التراجع عن قراراته - جيتي

قالت مجلة "إيكونوميست" إن الرئيس التونسي قيس سعيد استهدف بشكل منهجي مؤسسات الديمقراطية في حين أنه قد يواجه غضبا شعبيا بعد تفكيكه معظم مؤسسات الدولة، ملمحة إلى أن الجيش التونسي غير مرتاح للوضع الحالي.

 

وذكرت المجلة الأمريكية في تقرير لها أن سعيد حول النظام السياسي في البلاد إلى نظام رئاسي، رغم تعيينه لرئيسة وزراء في أيلول/سبتمبر لكنها سياسية مبتدئة بسلطات محدودة.

 

وقالت الإيكونوميست إن سعيد يركز على القضاء، فقد هدد في 6 شباط/فبراير بتعليق مجلس القضاء الأعلى، وهو هيئة دستورية توصي بتعيين القضاة وتشرف على عملهم.

 

واتهم الرئيس، المجلس بأنه فاسد قائلا: "لا تستطيع تخيل ما حصل عليه بعض القضاة من مال".

 

وأكدت أنه رغم المبالغة في كلامه إلا أن ما قاله ضرب على وتر حساس، فعلى غرار المؤسسات الأخرى اتسم القضاء بالبطء في معاقبة الفاسدين، في مرحلة ما بعد الثورة.

 

وبينما وصف القضاة قرار الرئيس بأنه تعد على السلطة القضائية، استبدل سعيد المجلس بواحد "مؤقت" وانتحل سلطة تعيين وعزل القضاة في حال "سوء التصرف".

 

وقال المدير الإقليمي للجنة الدولية للحقوقيين، سعيد بن ربيعة، إن المرسوم الصادر عن الرئيس "أنهى أي مظهر من استقلالية القضاء".

 

ولم يحظ قراره إلا برد صامت، بل تظاهر حوالي 2.000 شخص رفضا للإجراءات الأخيرة لكنها ليست كالمظاهرات التي شارك فيها آلاف المتظاهرين في الفترة الماضية.

 

وقالت المجلة الأمريكية إن هناك قلة من التونسيين تدعم حكم الفرد الواحد، حيث تتكون المعارضة من الجماعات التي تتأثر بسياسات سعيد مثل السياسيين والقضاة، لكنهم منقسمون فيما بينهم وليست لديهم القدرة على تحديه.

 

وذكرت أن النقد الأوضح لسياسات الرجل الواحد يأتي من حركة النهضة، الحزب الذي قاد التوافق في البرلمان المعلق حاليا، فيما اتسمت مواقف سعيد بالقسوة تجاه أفراده حيث حملهم مسؤولية العجز في تونس ما بعد الثورة عام 2011.

 

كما تطرقت المجلة إلى اعتقال وزير العدل السابق ونائب زعيم حركة النهضة، نور الدين البحيري، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، دون توجيه تهم إليه.

 

وأوضحت أن القوى السياسية الأخرى في المعارضة لا تساعد النهضة على مواجهة النظام، فمعسكر اليسار لا يحب الإسلاميين، أما العلمانيون فهم فرحون بتحميل الإسلاميين مسؤولية مشاكل البلد وتبرئة أنفسهم.

 

كما قالت المجلة إن عددا من الساسة ممن دعموا خطوات سعيد للاستيلاء على السلطة باتوا يصفون تحركه بالانقلاب، معتبرة أنهم لا يمانعون استبعاد الإسلاميين من الحياة السياسية.

 

ونتيجة لهذا، يمنع الانقسام الأيديولوجي الذي رافق تونس خلال العقد الماضي من بناء جبهة موحدة لمواجهة الرئيس، فيما تعاني منظمات المجتمع المدني من نفس الانقسام.

 

وقال تقرير المجلة إنه لا يمكن لأي رئيس تونسي الحكم بدون دعم الاتحاد العام للشغل التونسي، الذي تحصل على جائزة نوبل عام 2015 لمساعدته في نزع فتيل الأزمة السياسية، لكنه لم يلعب أي دور في الحياة السياسية منذ سبعة أشهر، باستثناء بعض البيانات الشديدة.

 

وأرجعت المجلة السبب الرئيس إلى انقسام قيادته والمخاوف من أن تتعرض سلطتهم للخطر لو اتخذوا مواقف متشددة من سعيد.

 

وظلت الشوارع التونسية منذ تموز/ يوليو هادئة نسبيا، حيث علق الناشط السياسي هيثم القاسمي بأن "الناس يحتاجون إلى سبب جيد للتظاهر".

 

وأضاف: "سعيد لم يتخذ أي قرار أضر بالشباب أو الفقراء.. ولن يدافع إلا القلة عن القضاة الذين صرفوا نظرهم عندما كانت الشرطة تضرب المتظاهرين"، مشيرا إلى أن سعيد "هو سلعة جديدة" ولا "يزال في مرحلة التجربة".

 

وتشير الاستطلاعات التونسية، التي قد لا تكون موثوقة، إلى أن سعيد يخسر شعبيته، لكنه لا يزال يحظى بدعم.

 

اقرأ أيضا: برلمان أوروبا يدعو سعيّد لديمقراطية برلمانية فاعلة بتونس

فيما أشار مركز استطلاعات "إنسايت تي أن" إلى أن غالبية المشاركين في الاستطلاع تعتقد أن ما قام به كان "انقلابا" و"خائفون على الديمقراطية".

 

بينما وجدت شركة امرهود للاستشارات أن 67% من الرأي العام راضية عن أداء الرئيس، بتراجع 15 نقطة، لكنها نسبة تثير حسد معظم الساسة في تونس.

 

وقالت الناشطة هندة الشناوي إن "الناس هنا لا يهتمون بالأمور الفنية المتعلقة بالديمقراطية" و"يريدون التغيير ويريدون منازل ووظائف".

 

كما قالت المجلة إن الإحباط من أداء الاقتصاد الضعيف دفع بسعيد عام 2019 إلى سدة الحكم، لكن حكومته لم تقدم إلا القليل لتقويته.

 

وفي عام 2020 واجهت وباء كوفيد-19 مما أدى لتراجع الناتج الوطني العام بنسبة 9% فيما وصفه صندوق النقد الدولي بأنه أسوأ ركود يواجه تونس منذ استقلالها عام 1956.

 

ورغم انتعاش الاقتصاد إلا أنه لا يزال ضعيفا، حيث وصلت نسبة البطالة إلى 18%.

 

فيما يتساءل البعض حول زرع سعيد بذور انهيار الاقتصاد التونسي، حيث أنه مع زيادة الإحباط من الوضع الاقتصادي ستتراجع شعبيته، فالجانب السلبي لحكم الفرد الواحد هو أن هناك رجلا واحدا يتحمل المسؤولية.

 

ولو قاد الوضع إلى تظاهرات شعبية، فلربما أمر الرئيس الذي يتحدث عادة بنبرة مظلمة عن نظريات المؤامرة بممارسة القمع.

 

وقالت المجلة الأمريكية، إن الجيش التونسي الذي ظل بعيدا عن السياسة غير مرتاح من توجه البلد  فقد يواجه سعيد غضبا شعبيا بعد تفكيكه معظم مؤسسات الدولة.

 

التعليقات (0)