صحافة إسرائيلية

معارضة داخلية لاقتراح غانتس مساعدة لبنان بأزمته الاقتصادية

معاريف: غانتس يعاني من ثرثرة لا داعي لها- الأناضول
معاريف: غانتس يعاني من ثرثرة لا داعي لها- الأناضول

ما زالت كثير من الأوساط العسكرية والأمنية الإسرائيلية تبحث في حقيقة الفائدة التي يسعى إليها وزير الحرب بيني غانتس من نقل المساعدات إلى جيش لبنان عبر قوات الأمم المتحدة "اليونيفيل"، ورغم أن وزير الخارجية يائير لابيد ليس لديه مصلحة في فتح مواجهة أمامية مع غانتس، شريكه القريب في الائتلاف الحكومي، حتى لا يتسبب في تفكيك الائتلاف، وإحباط آماله بتحقيق التناوب المتوقع في رئاسة الوزراء، فإنه كذلك ليس لدى رئيس الحكومة نفتالي بينيت سبب وجيه للدخول في جدال مع غانتس، وهما غير راضيين عن تصريحه هذا، الذي فاجأهما معاً.

موشيه نستلباوم الكاتب في صحيفة "معاريف"، ذكر في مقاله الذي ترجمته "عربي21" أن "غانتس يعاني من ثرثرة لا داعي لها، رغم أن تصريحه الذي أثار ضجة إعلامية سبقه طلب إسرائيلي رسمي مؤخرًا من سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، اشتراط المساعدة الأمريكية للبنان الذي يعاني من أزمة اقتصادية وسياسية واجتماعية، بإخراج حزب الله من حدود الجيش اللبناني، والإعراب عن الخشية أن المساعدة التي ستقدمها الولايات المتحدة للجيش اللبناني سوف تتسرب إلى حزب الله".

وأضاف أن "تصريح غانتس في هذه الحالة يعني أنه يتعارض مع الموقف الإسرائيلي الرسمي، ولم يكن أمامه سوى تصدر عناوين الصحف دون عناء لشرح ذلك، رغم مزاعمه بأن إسرائيل قدمت أربعة مقترحات مختلفة لمساعدة لبنان في 2021، على خلفية الأزمة الاقتصادية الحادة في البلاد، لكن غانتس ذاته، نعم غانتس، خشي أن تصل هذه المساعدات إلى الأيدي الخطأ، مؤكدا في حينه أن نقل المساعدات إلى لبنان يتطلب بعض الخطوات الأولية من حزب الله، فما الذي تغير إذن".

من الواضح أن تصريح غانتس "المفاجأة" لم يطرح للنقاش في الحكومة، مع أن مثل هذه القضية الحساسة يجب أن تناقش بجدية داخل الحكومة، دون أن يفكر غانتس فقط بكيفية إنتاج عنوان آخر للصحف، رغم أن الموقف الذي يحظى بإجماع المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، فضلا عن السياسية، يرى أن مساعدة الجيش اللبناني ليست في مصلحة الاحتلال، ما يبقي طرح الأسئلة مشروعا حول دوافع وأغراض طرح غانتس لهذا التصريح المفاجئ.

في الوقت ذاته، يتساءل الإسرائيليون عن الدوافع التي وقفت خلف أربعة عروض لمساعدة لبنان في أزمته الاقتصادية الخانقة، مع أنه هو لبنان ذاته الذي يسيطر عليه حزب الله، رغم أن الأمريكيين يحرصون على تجهيز الجيش اللبناني لتقويته.. ورغم أنهم لا يقدمون مساعدات مالية مباشرة، لكنهم يعتقدون أنه الوحيد الذي قد يقف في وجه حزب الله أثناء الاختبار، وهذا تفسير أمريكي خاطئ، من وجهة نظر الإسرائيليين.

يتسحاق ليفانون السفير الإسرائيلي السابق في مصر، ذكر في مقاله بصحيفة "إسرائيل اليوم"، الذي ترجمته "عربي21" أن "تصريح غانتس يتنافى مع عدم قدرة الجيش اللبناني على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي ينص على تواجده فقط جنوبي نهر الليطاني مقابل إسرائيل، لكن الواقع مختلف، فالجيش يتجاهل تحركات حزب الله هناك، وهناك تقارير تفيد بأنه يساعده بشكل غير مباشر، مع العلم أننا عشية انتخابات برلمانية ورئاسية عامة في لبنان، مما يثير شكوكا كبيرة بأن يعرض الجيش نفسه لانتقادات لاذعة للمساعدات التي يتلقاها من "الكيان الصهيوني".

وأضاف أن "مهمة الجيش اللبناني اليوم تتمثل في الحفاظ على النظام، ومنع النزاعات بين مختلف الطوائف، ما يطرح تساؤلات حول مدى موافقة الحكومة اللبنانية الحالية على تلقي المساعدة من إسرائيل، وتعرض نفسها لضعف يصعب التحرر منه، الأمر الذي يطرح تساؤلات جدية حول سبب تكرار نفس العرض الإسرائيلي أربع مرات لمساعدة لبنان في عام واحد".

من المآخذ التي يأخذها المعارضون الإسرائيليون لمساعدة لبنان في أزمته الاقتصادية الحالية، أن اللبنانيين ليسوا كلهم يمتلكون نفس النظرة تجاه الاحتلال الإسرائيلي، فلبنان عبارة عن فسيفساء من طوائف مختلفة، لكل منها موقف مختلف تجاه إسرائيل، كما أن نفس الجيش اللبناني تم حله خلال الحرب الأهلية عام 1975، وانضم كل جنرال حينها إلى المجتمع الذي ينتمي إليه، ما يطرح السؤال حول الهدف الإسرائيلي الذي ينبغي من أجله تعزيز الجيش اللبناني.

الأكثر من ذلك، أن الرأي الإسرائيلي الذي قد يتخذ مسافة وسطى بين رفض مساعدة لبنان، أو تأييدها، ويعتبر أن تحسين ظروف ذلك البلد المعيشية، قد يحمل في مضامينه تخوفا من استعداد حزب الله للمواجهة القادمة.. وفي كلتا الحالتين، فإن هذا الرأي يعتبر أنه إذا أرادت إسرائيل مساعدة لبنان بشكل فعال، فعليها أن ترفع قضية ترسيم الحدود البحرية بينهما إلى أولوية قصوى مع الولايات المتحدة، ما سيسمح لبيروت بإنتاج الغاز من البحر، وبالتالي زيادة الإيرادات لخزينة الدولة.

 

0
التعليقات (0)

خبر عاجل