صحافة دولية

الهجوم على إيما واتسون يكشف شيطنة التضامن مع فلسطين

هاجم السفير الإسرائيلي داني دانون الممثلة البريطانية واتهمها بـ"معاداة السامية"- الأناضول
هاجم السفير الإسرائيلي داني دانون الممثلة البريطانية واتهمها بـ"معاداة السامية"- الأناضول

نشرت مجلة "تريبيون" البريطانية، تقريرا أشارت فيه إلى أن الانتقادات الإسرائيلية للممثلة إيمان واتسون واتهامها بـ"معاداة السامية" تكشف شيطنة التضامن مع الفلسطينيين.

 

وقالت في تقرير للكاتبة اليهودية إم هيلتون، ترجمته "عربي21"، إنه من خلال اتهام الممثلة إيما واتسون بمعاداة السامية يكشف المدافعون عن إسرائيل عن استراتيجيتهم للدفاع عن الأبارتايد، عبر تلطيخ سمعة كل من يجرؤ على الإقرار بوجود الفلسطينيين.

 

ونوهت المجلة إلى أن رد فعل سفير دولة الاحتلال السابق لدى الأمم المتحدة داني دانون، واتهام الممثلة البريطانية بـ"معاداة السامية"، أثار سخرية واستهزاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حتى من داخل دوائر المحافظين المدافعين عن إسرائيل.

 

وتاليا نص التقرير كاملا:

 

أيّا كانت تحفظات المرء على ثقافتنا المتأثرة بحياة المشاهير، فثمة الكثير مما يقال حول الأسماء الكبيرة التي تخرج نصرة للقضايا المهمة. وفي ما قد يعتبره البعض لحظة مهمة للتيار العريض في حركة التحرير الفلسطينية، فإن نجمة هاري بوتر، إيما واتسون، نشرت بالأمس صورة على حسابها في إنستغرام – الذي يتابعها فيه 64 مليون شخص – تحمل عبارة "التضامن فعل" على خلفية من الأعلام الفلسطينية.
 
وفي خضم ردود فعل انقسمت بالتساوي بين الإشادة والإدانة، فقد رد سفير إسرائيل السابق لدى الأمم المتحدة، داني دانون، على التدوينة بتغريدة نعت فيها واتسون بأنها معادية للسامية، فنالت حركته تلك ما يكفي من السخرية والاستهزاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حتى من داخل دوائر المحافظين المدافعين عن إسرائيل.
 
على الرغم من ذلك، يأتي رد فعل دانون منسجماً مع تسلسل الأحداث الأخيرة. ففي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي رفضت المؤلفة الشهيرة سالي روني، إبرام صفقة مع ناشر إسرائيلي من باب التعبير عن الاحترام لحركة بي دي إس (المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات)، فوُجهت لها نفس تهمة كراهية اليهود. وفي الشهر التالي، قامت صحيفة ذي جوويش كرونيكل، ضمن تغطيتها لتظاهرة احتجاجية نظمت ضد سفيرة إسرائيل اليمينية تسيبي هوتوفلي بإجراء مقارنات بين تلك التظاهرة وأحداث ليلة الكريستال (كريستال ناخت).
 
لئن كانت تدوينة دانون سخيفة لما فيها من تجاوز ومغالاة، إلا أنها مثلت امتداداً منطقياً لعملية غايتها السعي لاعتبار وجود الفلسطينيين نفسه أمراً معاديا للسامية، ناهيك عن أي مظهر من مظاهر التضامن معهم. لم تزل تلك العملية في الصميم من استراتيجية ينتهجها المدافعون عن الاحتلال الإسرائيلي منذ سنين.

 

اقرأ أيضا: نجمة "هاري بوتر" تتضامن مع الفلسطينيين.. وغضب إسرائيلي
 
في الوقت الذي يكتسب فيه الوعي بقضية فلسطين وتأييد تحريرها زخماً كبيراً، فإنه غدا استخدام أداة فجة مثل الاتهام بمعاداة السامية وسيلة فعالة لإسكات المتضامنين مع فلسطين. ويصح ذلك بشكل خاص حينما يتعلق الأمر بإسكات الحركات الاجتماعية التقدمية التي تسعى للربط بين التضامن الفلسطيني وأشكال أخرى من مناهضة العنصرية ضمن إطار أوسع من النضال في سبيل تحقيق العدالة العرقية. فها هي فكرة اعتبار الهوية الفلسطينية وكل ما يتعلق بفلسطين من صور وتاريخ وثقافة وإرث تهديداً وجودياً لليهود تستخدم درعاً لحماية إسرائيل من أي رقابة أو محاسبة ذات معنى على ما ترتكبه من انتهاكات بشعة لحقوق الإنسان.
 
تطور هذا الأسلوب عبر السنين بطرق خبيثة وماكرة. فعلى سبيل المثال، يعمد المدافعون عن إسرائيل إلى شجب حركة المقاطعة بي دي إس بشكل روتيني باعتبارها وجهاً من وجوه المقاطعة التي استهدفت المصالح التجارية اليهودية في ألمانيا النازية. فقط في الشهر الماضي، تعهد النائب المحافظ في البرلمان البريطاني روبرت جنريك بحظر حركة بي دي إس. ورد تعهده ذلك أثناء حوار عنوانه "لماذا يكره الكثير من الناس اليهود؟".
 
في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2021، ألغيت محاضرة كان سيلقيها الأكاديمي سونديب سين، في جامعة غلاسغو بعد شكوى تقدمت بها الجمعية اليهودية إلى نائب رئيس الجامعة، مفادها أن موضوع المحاضرة "الطبيعة السياسية لحركة حماس" كان سيشكل بيئة غير آمنة للطلبة اليهود داخل الجامعة. بل إن الراحل ديزموند توتو، كبير الأساقفة في جنوب أفريقيا، والذي قضى عمره كله تقريباً في النضال ضد الظلم في العالم بمختلف أشكاله، تعرضت سمعته حتى للتشويه حينما اتهم زوراً وبهتاناً بمعاداة السامية لمجرد أنه ساوى بين سياسات إسرائيل وسياسات الفصل لعنصري (الأبارتايد) – وهو تصنيف يتفق معه فيه الكثيرون، بما في ذلك منظمات حقوق إنسان إسرائيلية.
 
قد تبدو تلك الحوادث أشبه بالعلف الذي تزود به مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنها في الواقع تعكس رد الفعل على القوة المتنامية لحركة تحرير فلسطين – وهو رد فعل يسعى لتصنيف أبسط الانتقادات التي توجه للسلوك الإسرائيلي باعتباره عدواناً على اليهود. وليس من سبيل المصادفة أنه بينما تغدو الحركة الداعمة للحرية الفلسطينية أكثر شعبية، تكتسب أيضاً زخماً سياسياً تلك الجهود التي تبذل لتبني تعريف معاداة السامية الصادر عن التحالف الدولي لذكرى المحرقة وتحويله إلى قانون بهدف حظر الحملات التي تنظمها حركة المقاطعة بي دي إس، وهي الغاية التي تسعى إلى تحقيقها الحكومة البريطانية من خلال مشروع قانون المقاطعة الذي تنوي تقديمه للبرلمان.
 
وتجد هذه المقاربة رواجاً في الولايات المتحدة وفي بريطانيا، والغاية منها إسكات الناس، وقد تحقق لها ذلك فعلاً، لدرجة أن من يرغبون في الإعراب عن تضامنهم مع الفلسطينيين يبقون صامتين خشية أن يصنفوا على أنهم معادون للسامية وبذلك يتعرضون للعواقب المترتبة على ذلك. كما أن ذلك يؤدي إلى إعادة مركزة قضية معاداة السامية في حين أن المفروض أن يدور النقاش حول تحرير فلسطين، وبذلك يتم شغل العقول والنأي بها عن التداعيات التي تنجم في واقع الحياة عن عقود من الظلم في فلسطين وداخل إسرائيل.
 
ويمارس عنف الدولة والجيش ضد المجتمعات الفلسطينية بشكل يومي. ففي اليوم الذي دونت فيه إيما واتسون على إنستغرام قام المستوطنون بتدمير مقبرة فلسطينية في برقة بالقرب من نابلس، ودخل الإضراب عن الطعام لهشام أبو حواش – السجين الفلسطيني الذي تبقيه إسرائيل رهن الاعتقال بدون تهمة والذي من المقرر أن يتم إطلاق سراحه في السادس والعشرين من فبراير/ شباط – يومه الأربعين بعد المائة. ومع ذلك يستمر النقاش العام متركزاً حول معاداة السامية.
 
كما أن للحرب على معاداة السامية عواقبها أيضاً – ولكن ليس بالطريقة التي تهيمن على تفكير من يشهرون التهم. ففي بريطانيا، تم حصر معاداة السامية بشكل أساسي في جدل فصائلي ضمن صراع يجري داخل حزب العمال على الرغم من أنها – إلى جانب العنصرية ضد السود وعقيدة تفوق العرق الأبيض والكراهية التي تمارس ضد المثليين ومن على شاكلتهم – في حالة ارتفاع على مستوى البلد وعلى مستوى العالم. ولذلك فليس الخلط بين معاداة السامية وانتقاد إسرائيل بشعاً أخلاقياً فحسب – بل هو شكل تضامني غير مؤثر وينفي كذلك الطريقة التي ترتبط من خلالها معاً النضالات المختلفة ضد التعصب بكافة أشكاله.
 
وتعني هذه الارتباطات أنه يتوجب علينا جميعاً أن يكون دعمنا لحقوق الإنسان الفلسطيني صارخاً وغير خجول وكذلك يجب أن تكون مطالباتنا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وفي هذا السياق السياسي تكتسب تدوينة إيما واتسون أهمية بالغة، حيث إنها تثبت للملايين أن التضامن مع من يناضلون ضد القهر يمكن بل ويجب أن يكونوا جزءاً من الخطاب السياسي للتيار العام. كما أنها تثبت أيضاً أنه، على الرغم من الجهود النبيلة التي يبذلها الكثيرون، فإن قضية تحرير فلسطين تسير قدماً نحو تحقيق غايتها، ويعود الفضل بشكل أساسي في ذلك إلى أولئك الذين يعملون في الميدان من أجل كشف الفظاعات اليومية التي تصاحب الاحتلال والفصل العنصري.
 
إلا أن رد دانون بحد ذاته لم يكن أقل أهمية، وذلك من حيث إثباته أن مزاعم معاداة السامية التي توجه ضد من لم يصدر عنهم أكثر من مجرد التعبير عن تضامنهم مع الفلسطينيين هي تهم خبيثة بقدر ما هي سخيفة. نرجو أن تظل تلك الحقيقة عالقة بالذاكرة الجمعية عندما تطلق المجموعة التالية من الاتهامات.

التعليقات (1)
صابر
الأربعاء، 05-01-2022 01:01 م
اذا كان السيسي حبس شاب مصري لانه رفع علم فلسطين كما هناك من يحاكم في مصر بتهمة التخابر مع حماس و كأننا في اسرائيل