قضايا وآراء

اقتراح "خارج الصندوق" لحل الأزمة الإخوانية

أحمد عبد العزيز
1300x600
1300x600
ألمحت في مقالي السابق "م تسألش السؤال ده!" إلى ولادة "العقل النقدي" لديَّ، وبيّنت الأسباب والظروف التي كانت سببا في ذلك.. وفي واقع الأمر، لم يولد ذلك العقل النقدي فحسب، بل تبعته أسئلة كثيرة، تتعلق بالإخوان المسلمين، فكرة وتنظيما ووجودا. وقد وُلد بعض هذه الأسئلة، عندما وجدتني أسقِط (تلقائيا) بعض النصوص على حال ومآل الإخوان المسلمين!.. ومن أسف، فقد أثبتت الأيام والأحداث أني لم أكن متشائما ولا مبالغا، بل كنت (على ما يبدو) موضوعيا إلى حد بعيد!

من بين هذه الأسئلة: إذا كانت هذه الأمة ستفترق إلى بضع وسبعين شعبه، كلها في النار إلا واحدة (كما جاء في الحديث الشريف)، رغم كتابها الواحد المحفوظ ورسولها الخاتم المعصوم، فما بال جماعة الإخوان المسلمين، وهي ليست دينا، ولا رسالة أوحِيَ بها إلى نبي، وإنما هي مجرد فكرة واجتهاد لرجل (نحسبه صالحا مصلحا) اسمه حسن البنا؟.. أليس من المنطقي والطبيعي أن تتفتت هذه الجماعة إلى جماعات، بتوالي الأحداث وطول الأمد؟.. طرحت هذه السؤال على شخصية إخوانية كبيرة، عندما كنا في طريقنا من إسلام آباد إلى بيشاور، في عام 1994م، وعلى ما يبدو، كان السؤال مفاجئا، فلم أجد لدى المسؤول الكبير إجابة شافية عنه!.. وللمفارقة، فقد انشق هذا المسؤول عن الإخوان بعد بضع سنين من طرح هذا السؤال.
في واقع الأمر، لم يولد ذلك العقل النقدي فحسب، بل تبعته أسئلة كثيرة، تتعلق بالإخوان المسلمين، فكرة وتنظيما ووجودا. وقد وُلد بعض هذه الأسئلة، عندما وجدتني أسقِط (تلقائيا) بعض النصوص على حال ومآل الإخوان المسلمين!.. ومن أسف، فقد أثبتت الأيام والأحداث أني لم أكن متشائما ولا مبالغا

لم تمض سنتان على طرح هذا السؤال، حتى كان الانشقاق الأول الذي قاده المهندس أبو العلا ماضي والأستاذ عصام سلطان (فك الله أسره)، وقد عُرفت هذه المجموعة بمجموعة "حزب الوسط" الذي لم ينل شرعيته إلا بعد انتفاضة يناير 2011. ثم كان الانشقاق الثاني في عام 2016 الذي تمخض عنه ما عُرف بـ"المكتب العام" على إثر الخلاف الشهير بين الشهيد محمد كمال والمجموعة الحالية التي انقسمت بدورها في هذا العام (2021) إلى جماعتين، على رأس إحداهما الأستاذ ابراهيم منير، وعلى رأس الأخرى الدكتور محمود حسين!

ومما يُحمد لمجموعة "ماضي- سلطان"، أنها فارقت تنظيم الإخوان؛ لتأسيس "حزب الوسط" الذي كان مشروعا "إخوانيا" بالأساس، بيْد أنه لم يحظ بالموافقة النهائية من قيادة الجماعة.. ومما يُحمد لمجموعة "المكتب العام" أنها فارقت جماعة الإخوان؛ لأنها تبنت "الخط الثوري" في التعامل مع نظام الانقلاب في مصر، وهو الخط الذي اعتبرته الجبهتان الحاليتان (يوم كانتا هما الجماعة) تبنّياً للعنف! واحتفظ "المكتب العام" بشعار الإخوان، لكن المتابع كان بإمكانه التمييز بين "المكتب العام" و"جماعة الإخوان".. أي أن أسباب هذين الانشقاقين كانت موضوعية ومقبولة..

أما الانقسام الأخير (ولا أقول الانشقاق) فقد أصاب كيان الجماعة من القمة إلى القاعدة!.. إذ تمسك الكيانان الجديدان باسم وشعار الإخوان المسلمين، وبات لكل منهما "ناطق رسمي"، و"موقع إلكتروني"، و"هيكل إداري"!.. الأمر الذي يستحيل معه (على المتابع) تحديد مَن الذي يمثل الجماعة، ومَن الذي انشق عنها!.. ما يعني أن المهتمين بالشأن الإخواني سيضطرون إلى نحت اسمين جديدين؛ للتفريق بين الجماعتين المتشابهتين في كل شيء! ألا وهما: الإخوان المسلمون "جناح ابراهيم منير"، والإخوان المسلمون "جناح محمود حسين"، وهذه مثلبة وأي مثلبة.. فالخلاف (للأسف) كان على "مواقع القيادة"، ولم يكن حول "مراجعة المنهج"!
الانقسام الأخير (ولا أقول الانشقاق) فقد أصاب كيان الجماعة من القمة إلى القاعدة!.. إذ تمسك الكيانان الجديدان باسم وشعار الإخوان المسلمين، وبات لكل منهما "ناطق رسمي"، و"موقع إلكتروني"، و"هيكل إداري"!.. الأمر الذي يستحيل معه (على المتابع) تحديد مَن الذي يمثل الجماعة، ومَن الذي انشق عنها!

نداء ورجاء

لم يكن لشخص مثلي أن يقف مكتوف الأيدي، إزاء هذا الوضع المزري الذي تعاني منه الجماعة اليوم! فأنا من المؤمنين بفكرة الإخوان المسلمين إيمانا عميقا، وإن جمَّدت نفسي، بعد انتظامي في صفوف الجماعة سنين عددا، وإن تدنَّت ثقتي في قيادة الجماعة لسنوات، ثم انعدمت قبل سنوات. ولي أسبابي التي أتيت على بعض منها، في مقالي السابق!.. فالفكرة المجردة شيء، والكيان بشخوصه وأدائه شيء آخر.. لذا، فإنني أرفض الاستسلام لفكرة الانقسام، في جماعة تعتبر وحدة الأمة على رأس أسباب وجودها..

لكل ما تقدم، بادرت بكتابة هذا الاقتراح الذي لم يراعِ إلا مصلحة الإخوان المسلمين، كيانا وأفرادا وتاريخا وحاضرا ومستقبلا، ثم أرسلته إلى القيادات العليا في الجناحين، ثم جرى نقاش مع بعضهم، لست في حِل من الخوض في تفاصيله.. وللأسف، فإن كلتا القيادتين لا تريد مغادرة المربع الذي تخندقت فيه، ولا تريد القفز على هذا الخلاف المذموم؛ لإنقاذ هذا الكيان العظيم.. الأمر الذي جعلني أتوجه باقتراحي هذا، إلى الجمعية العمومية للإخوان المسلمين (التي هي عموم الإخوان) الموزعة أو المشتتة أو المنقسمة بين الجناحين..
بادرت بكتابة هذا الاقتراح الذي لم يراعِ إلا مصلحة الإخوان المسلمين، كيانا وأفرادا وتاريخا وحاضرا ومستقبلا، ثم أرسلته إلى القيادات العليا في الجناحين، ثم جرى نقاش مع بعضهم، لست في حِل من الخوض في تفاصيله.. وللأسف، فإن كلتا القيادتين لا تريد مغادرة المربع الذي تخندقت فيه

كل ما أرجوه منكم (أعزائي عموم الإخوان المسلمين) قراءة هذا الاقتراح بتجرد، وبمعزل عن الخلاف القائم وأسبابه، ومناقشته في الأسر وخارجها، فإذا استحسنتموه، صار من الواجب عليكم الضغط على قياداتكم (في الجناحين) لمناقشته معكم. ولست بحاجة إلى التأكيد على إمكانية الحذف من الاقتراح أو الإضافة إليه؛ ليكون أكثر إحكاما، وأكثر قبولا من الطرفين.. وهذا نصه:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله- صلى الله عليه وسلم..

أصحاب الفضيلة: الأستاذ ابراهيم منير/ الدكتور محمود حسين، وإخوانهما الكرام..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد،،

لقد بلغت أزمة الإخوان المسلمين مداها، وليس بعد الحافة التي عليها الجماعة (اليوم) إلا الهاوية، أعيذ نفسي وإياكم والإخوان منها.. فاتقوا الله في دماء الشهداء الذين ارتقوا، منذ الجهاد ضد المحتل الإنجليزي في القنال، مرورا بحرب فلسطين المجيدة، ومشانق عبد الناصر، ومذبحة طرة وغيرها من المذابح في ذلك العهد البائد، وانتهاءً بشهداء الثورة المصرية في ميدان التحرير، والاتحادية، ورابعة، والنهضة، والمنصة، والحرس الجمهوري، ورمسيس، والقائد إبراهيم، والمنصورة، وغيرها وغيرها، حتى كتابة هذه السطور.. واتقوا الله في الأرامل، والأيتام، والمعاقين، والأسرى، والمطاردين، والمنفيين، بل وفي مصرنا وأمتنا.. فما تعانيه بلاد الربيع العربي (اليوم) من انتكاسات، ما كان ليكون لولا انهيار تجربتنا في مصر التي لا يتسع المجال لتناولها هنا..

تفسير اللائحة والتفسير المضاد!

لن أخوض في تشريح الخلاف القائم (اليوم) بين قيادات الإخوان المسلمين (التي هي أنتم)، ذلك الخلاف الذي قسم الجماعة (رأسيا) إلى قسمين، من القمة إلى القاعدة، سواء اعترفتم بهذه الحقيقة أو أنكرتموها، وقبل ذلك، كان انقسام "المكتب العام"، فأضحت الجماعة ثلاث جماعات!

ما فهمته من بياناتكم، وتصريحات الناطقيْن الإعلامييْن باسميكما، أن تفسير اللائحة والتفسير المضاد، هما اللذيْن أوصلا الجماعة إلى الحال المزري الذي وصلت إليه!.. وفضيلتكم أول من يعلم أن اللائحة ما جُعلت إلا لحسم أي خلاف، لا لتكون سببا في خلاف، ناهيك عن أن تكون هي السبب الأساس (ظاهريا على الأقل) في انقسام الجماعة!

التفكير خارج الصندوق!

اللائحة ليست نصا مقدسا، ومن أوجب الواجبات القفز عليها؛ لتجاوز الخلاف الناشئ عن تفسيرها، قفزة محسوبة، تحترم أبجديات المنطق، وتستلهم الصواب؛ لرأب هذا الصدع، وجمع الشمل، والتئام الصف، ووضع الجماعة على المسار الصحيح، لتواصل مسيرتها المباركة نحو غايتها المنشودة، ألا وهي وحدة الأمة، وأستاذية العالم التي نظّر لها، وبشّر بها الإمام الشهيد حسن البنا- رضوان الله عليه..

الإجراءات العملية المقترحة

- يتم تشكيل لجنة محايدة من خمسة أشخاص، تعاونهم سكرتارية من شخصين، يتم التوافق عليها من قِبَلِكما.

- يقوم كل طرف (منكما) بحصر أسماء الإخوان الذين تنطبق عليهم شروط شغل موقع المرشد العام المنصوص عليها في اللائحة الحالية، ثم يتم تقديم قائمة بها إلى اللجنة المذكورة آنفا.

- تُمرر اللجنة قائمة الأسماء على الإخوة الواردة أسماؤهم فيها، فمن تسمح حالته الصحية، وظروفه في البلد الذي يقيم فيه، ويجد في نفسه الأهلية لشغل موقع المرشد، فليكتب أمام اسمه "موافق".

- يتم استبعاد الإخوة الذين كتبوا "غير موافق".

- تقوم اللجنة بإعداد "سيرة ذاتية" لكل الشخصيات التي قبلت القيام بمهام المرشد العام، من واقع المعلومات التي ستوفرها كل شخصية عن نفسها.

- يتم توزيع هذه السير الذاتية، على عموم الإخوان بلا استثناء، وأعني بالإخوان: كل من كان منتظما في أسرة حتى 3 تموز/ يوليو 2013 (تاريخ وقوع الانقلاب الفاشي على إرادة الشعب والرئيس المنتخب).

- يقوم عموم الإخوان بالتصويت الحر المباشر (على غرار الانتخابات الرئاسة في النظم الديمقراطية المحترمة)؛ لاختيار من يشغل موقع المرشد. وفي حالتنا (الاستثنائية) هذه، ستكون صفته "القائم بأعمال المرشد العام".

- إذا كان الفارق بين الشخصية الأولى والثانية أقل من 1 في المائة من عدد الأصوات الصحيحة، تعاد عملية التصويت بينهما، وتكون نتيجتها نهائية.

- تشغل الشخصية الثانية موقع "النائب الأول للقائم بأعمال المرشد العام".

- تشغل الشخصية الثالثة موقع "النائب الثاني للقائم بأعمال المرشد العام".

- يتم تسليم جميع الملفات لـ"القائم بأعمال المرشد العام" المنتخب ونائبيه، في مدة لا تتجاوز أسبوعا من تاريخ إعلان النتيجة، في حضور لفيف من الشخصيات الإخوانية والعامة، في حفل علني.

- يدعو "القائم بأعمال المرشد العام" المنتخب إلى انتخابات عامة؛ لتشكيل المكاتب الإدارية، ومجلس الشورى العام، ومكتب الإرشاد.

- يُشكل "القائم بأعمال المرشد العام" المنتخب لجنة "قانونية" تقوم بإعداد لائحة جديدة "مؤقتة" تراعي ظروف الجماعة وأوضاعها الحالية، إلى أن يأذن الله بظروف طبيعية مستقرة، تسمح بصياغة لائحة دائمة.

بذلك، يكون الإخوان قد اختاروا القائم بأعمال مرشدهم ونائبيه، وكل هياكل الجماعة، بكل حرية وشفافية، ولتكن هذه الخطوة (النوعية) بداية استعادة روح الإخوان المفعمة بالمودة والألفة والمحبة التي تربينا عليها، ويفتقدها الإخوان (اليوم)؛ بسبب هذا الخلاف المذموم القائم..

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد..

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..

أحمد عبد العزيز (أبو حبيبة)

عضو الفريق الرئاسي للرئيس الشهيد محمد مرسي

اسطنبول – تركيا

في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021
التعليقات (1)
بهائي راغب شراب
الثلاثاء، 23-11-2021 08:21 ص
لا اظن أحدهما سيقبل.. فكما تفضلت أن الخلاف القائم مؤسس على أن كليهما يريد أن يكون المرشد أي أن تكون القيادة بيده ومن هذه لفته لن يقبل ابدا بانتخابات تأتي بغيره الخلاصة أن مصلحة الجماعة وراب الصدع وإعادة اللحمة للجماعة هي اخر ما يفكرون بانه الاستبداد يا سيدي الاستبداد وعدم القبول بفكرة الممارسة الحرة المستند على فكرة الطهر والنقاء لفكر ة أساس الجماعة كمجددة فاعلة