كتاب عربي 21

واشنطن وأنقرة.. إدارة الأزمات وتسويف الحلول

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600
عقد رئيس الجمهورية التركي، رجب طيب أردوغان، والرئيس الأمريكي جو بايدن، لقاء في العاصمة الإيطالية روما، الأحد، على هامش قمة مجموعة العشرين، بحضور وزيري الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو والأمريكي أنتوني بلينكن. وكان المعلن أن يستمر اللقاء 20 دقيقة إلا أنه استغرق أكثر من ساعة.

اللقاء الذي جمع أردوغان وبايدن جاء بعد الأزمة الدبلوماسية التي كادت تؤدي إلى طرد عشرة سفراء من تركيا، إلا أن تلك الأزمة التي انتهت قبل أيام من قمة روما بإعلان السفارات العشر التزامها باتفاقية فيينا، لم تلقِ بظلالها على اللقاء. وذكرت مصادر مطلعة أن المحادثات جرت في أجواء إيجابية.

لقاء الرئيسين التركي والأمريكي أسفر عن نتائج؛ أهمها الاتفاق على تشكيل آلية مشتركة ترضي الطرفين وتبحث عن حلول للمشاكل العالقة والملفات المختلف عليها، بالإضافة إلى إظهار الرغبة في رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين. وكانت أنقرة تطالب الولايات المتحدة منذ مدة بتشكيل آلية مشتركة لبحث أزمة منظومة أس-400 الروسية ومقاتلات أف-35 الأمريكية.

تركيا قدمت إلى إدارة بايدن ثلاثة اقتراحات، لتضع الكرة في ملعب الولايات المتحدة، هي: العودة إلى برنامج المقاتلة المشترك "أف-35" الذي تم استبعاد تركيا منه بعد شرائها منظومة أس-400 من روسيا، أو تسليم مقاتلات-35 التي اشترتها تركيا إلا أنها حرمت منها لذات السبب، أو إعادة المبلغ الذي دفعته تركيا إلى الولايات المتحدة لشراء تلك المقاتلات. ويمكن أن يضاف إلى هذه الاقتراحات، ذاك الطلب الذي تقدمت به أنقرة إلى واشنطن، بناء على اقتراح الأخيرة، لشراء 40 من مقاتلات أف-16 ومعدات لصيانة عدد من المقاتلات التي تملكها.

الأول والثاني من الاقتراحات الأربعة قبولهما من قبل الإدارة الأمريكية شبه مستحيل في الوقت الراهن، وبالتالي، يُتوقع أن تعمل الآلية المشتركة على الثالث والرابع. وإن كان الأخير يتطلب موافقة الكونغرس الأمريكي، فإن إقناع أعضائه بضرورة إتمام الصفقة مسؤولية تقع على عاتق إدارة بايدن، لا الحكومة التركية.

النتائج التي أسفر عنها لقاء أردوغان وبايدن في روما، تشير إلى أن كلا الطرفين يرغب في الحفاظ على العلاقات التركية الأمريكية والحيلولة دون تدهورها أكثر، حتى وإن لم يمكن تحسينها في الوقت الحالي. ويعني قرار تشكيل آلية مشتركة أن العلاقات الثنائية بين أنقرة وواشنطن ستسير في المرحلة المقبلة على أساس إدارة الأزمات وتجميد حجم المشاكل وتسويف الحلول.

الرئيس الأمريكي قد وعد خلال حملته الانتخابية بأنه سيزيد دعم الولايات المتحدة للمعارضة التركية من أجل إسقاط أردوغان. ويرى كثير من المراقبين أن البيان المشترك الذي أصدره عشرة سفراء في 18 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي للمطالبة بإطلاق سراح رجل الأعمال التركي عثمان كافالا، والذي أدّى إلى أزمة دبلوماسية انتهت بتراجع السفراء، تقف وراءه السفارة الأمريكية. وبالتالي، لا يجب تفسير الأجواء الإيجابية التي خيَّمت على لقاء الرئيسين الأخير بأن بايدن تخلى تماما عن خطة دعم المعارضة التركية ضد أردوغان.

الإدارة الأمريكية تدرك مدى أهمية تركيا جيواستراتيجيا لحلف شمالي الأطلسي "الناتو" والمعادلات الإقليمية والدولية. وبالتالي، لا تريد خسارتها. إلا أنها في ذات الوقت تحبذ عودة تركيا إلى "بيت الطاعة" لتدور في فلك واشنطن، بدلا من البحث عن استقلالية في مواقفها وسياساتها الخارجية.

وذكر الكاتب التركي مهمت آجيت، الذي رافق رئيس الجمهورية التركي خلال زيارته للعاصمة الإيطالية، أن بايدن قال لأردوغان بأنه لو كان جالسا على كرسي الرئاسة في السنوات السبع الأخيرة لما نشبت أي من المشاكل التي تسببت في تدهور العلاقات التركية الأمريكية، في إشارة إلى رئاسة ترامب والفترة الثانية من رئاسة أوباما. وإن كان هذا القول يمكن اعتباره نوعا من محاولة "جبر الخاطر"، فإن الاعتماد على مثل هذه المجاملات دون أن تُرى خطوات ملموسة على أرض الواقع؛ خطأ كبير، لا يُتوقع أن يقع فيه زعيم سياسي ذو خبرة واسعة كرئيس الجمهورية التركي.

تركيا مقبلة على انتخابات رئاسية وبرلمانية في غاية الأهمية في صيف 2023، ويبدو أن واشنطن اختارت الحفاظ على علاقاتها مع أنقرة في مستواها الحالي حتى ترى نتائج الانتخابات. ومن المؤكد أن الجانب التركي يفضِّل تحسن العلاقات التركية الأمريكية، إلا أن مجرد الحيلولة دون انهيارها تماما في الظروف الراهنة، سيكون لصالحه، ويعتبر "كسبا للوقت" لإكمال مشاريعه الحيوية وتعزيز قوته العسكرية.

twitter.com/ismail_yasa
التعليقات (1)
عبدالله
الأحد، 02-01-2022 06:46 ص
الله ينتقم من كل ظالم ويجب الشاب الذي أحرق السوريين بمادة البنزين .أن يعدموه