قضايا وآراء

الإسلاميون والحكم.. بديهيات لا تغيب

محمد عماد صابر
1300x600
1300x600
حزمة من البديهيات الحاضرة ينبغي ألا تغيب عن مؤسسات صنع القرار في مربع الحركات الإسلامية، وينبغي أن تتفهمها القواعد حتى لا تمثل ضغطا على الحركات، وحتى تتجنب الصدمات النفسية والانحرافات الفكرية والانشقاقات التنظيمية حين تحدث الأحداث، منها:

- رفض المشروع الغربي المهيمن عالميا للمشروع الإسلامي السني، وكذلك رفض أى مشروع وطني أياً كانت مرجعيته إذا كان مستقلا ومنحازا إلى الشعب ومصالحه؛ لا إلى الغرب ومطامعه، وبالتالي لن يصل إلى الحكم إلا من كان له دور وظيفي (المغرب نموذجا)، بالتالي لن يكون مشروعا إسلامياً بالمفهوم المنشود، ولكنه سيكون شكلا بلا مضمون كما هو الحال في بعض الدول (السعودية نموذجا).

- الحكم الإسلامي بحاجة لكيان حاكم بحجم التحديات ومستوى الطموحات، وكذلك إلى شعب يقظ يتبنى المشروع ويحرسه ويحميه، وليس مجرد نخبة تصل إلى الحكم دون صلاحيات كافية ترفع شعارات فاقدة المضمون تعطلها مؤسسات الدولة ولا تتبناها غالبية الشعب.

- من السطحية أن يظن البعض أنه بمجرد وصول تيار إسلامي أو مدني مستقل غير تابع للغرب إلى الحكم في بلاد العرب والمسلمين؛ أنه سيتمكن من مؤسسات الدولة الخشنة والناعمة.

- الواقع يؤكد وعبر عقود وربما قرون أنه تم بناء مؤسسات الدول العربية بصفة خاصة لتكون موالية للغرب، فكرا وسلوكا ومصالح، أكثر من ولائها للشعوب، خاصة المؤسسات النافذة (المؤسسة العسكرية والتشريعية والقضاء والإعلام).

- ستكون منصة الحكم في أزمة واقعية، أهمها أنها ستحكم بنفس الأدوات والمؤسسات بما فيها من فساد؛ رغماً عنها (كلام قاله الشيخ محب الدين الخطيب للأستاذ حسن البنا منذ العام 1947 على خلفية انتخابات سوريا وقتها)، وهذا ما وقعت فيه حركة النهضة في تونس والعدالة والتنمية في المغرب والإخوان في مصر، لأنه من المستحيل إقالة أو إعفاء مئات الآلاف من القيادات العليا والوسيطة من مؤسسات الدولة، فضلا عن عدم توفر الكفاءات البديلة والتي هي على الأقل بعشرات الآلاف وليس مئات الآلاف!! الملفت أن غالبية قواعد الحركة الإسلامية تغيب عنهم هذه البديهية بصفة خاصة، بل يظنون جهلاً بالواقع وثقةً بالمطلق في تنظيماتهم بأن لديهم من النظم والبرامج والكفاءات ما يكفي لإدارة العالم وليس مجرد دولة.

- من جهل الواقع أن يظن أحد أنه بمجرد تغيير الرئيس ومجموعة العمل المصاحبة ولو كان عددهم بالمئات؛ أن يستطيع إدارة الدولة متجاوزا مجموعات وتكتلات المصالح داخل مؤسسات الدولة (التجارب في مصر وتونس واليمن والمغرب خير شاهد).

- مقارنة الوضع في الدول الغربية المستقرة على مستوى الدولة والمؤسسات والنظم والدساتير والقوانين ببلادنا، والتي هي لم تصل عمليا وعلميا لمسمى الدولة بمفهومها القانوني والإنساني؛ مقارنة في غير موضعها، فهي دول ومنذ قرون، ونحن ما زلنا إقطاعيات لم نرتق لمستوى الدول بعد، وما يقال عن التاريخ باستثناء بعض الفترات القصيرة المحدودة بحاجة لإعادة نظر لأنها كانت دول النخب وليست دول الشعوب.

- بناء المجتمع الإسلامي هو القاعدة الأساسية للحكم الإسلامي باعتبار أن الحكم هو الصورة المنعكسة عن المجتمع، ولن يستطيع نظام حاكم فرض الإسلام أو غيره بالقوة. نعم قد يظل نظام في الحكم بأداة القوة لكنه إلى زوال، إن لم يكن اليوم فغداً. بناء المجتمع الإسلامي الذي يتبنى الإسلام عقيدة وشريعة وسلوكا هو صمام الأمان ووثيقة الضمان للمشروع ونظام الحكم.

- سلوك المغامرة والقفز في الفراغ دون جاهزية ذاتية وعامة على أمل (نجرب والله معنا ولن يضيعنا) سلوك يخالف سنن الله في كونه ويعارض قوانين الأسباب والنتائج، ما يترتب عليه من التداعيات والمآلات ما لا تتحمله الشعوب والكيانات، وهو واقع مؤلم نعانية بمرارة.

- ما تعانيه بعض التنظيمات الإسلامية من مآلات الإخفاقات والفشل، خاصة في ما أصابها من الانحراف الفكري بالتشكك في منهج التغيير السلمي وكذلك الانشقاق التنظيمي، فضلا عن العجز الواضح لدى البعض في استيعاب هول الصدمة، وعدم القدرة على المراجعات العلمية لأسباب وتداعيات ما حدث لا يمنحها الثقة الكافية لقيادة دول قد تتعرض لأزمات اقتصادية طاحنة أو تهديدات أمنية وقومية صادمة.
التعليقات (1)
محمد الشرقي
الأربعاء، 20-10-2021 01:54 م
أنا أتعجب من عدم وجود نهر من التعليقات الحارة والمشتعلة سواء المخالغة أو المؤيدة على الطرح المصيري الذي يحاول لفت النظر بقوة إلى جوانب الفتك والهدم من الداخل في بنيتنا الحضارية بسبب غياب الرؤى الإستراتيجية التي تحدد مسارات النجاح هنا وهناك ، والواقع الذي نعيشة والمنهجية التي نتبعها تعمل على تفكيك وهدم كل ما يمكن الإعتماد عليه في عملية البناء .