كتاب عربي 21

عباس في تهديده الأخير.. ماذا بعد؟!

ياسر الزعاترة
1300x600
1300x600

كل عام يتحفنا محمود عباس بخطاب موجَّه إلى الأمم المتحدة، وغالبا ما يتم التمهيد له بجملة تصريحات من قادة حركة "فتح"؛ بجانب موظفي منظمة التحرير الذين عيّنهم عباس كممثلين لفصائل أكل الدهر عليها وشرب، وتتحدث تلك التصريحات عن جديد الخطاب، و"قنابله"، ومفاجآته، في بعض الأحيان، ثم يتمخّض الجبل فيلد فأرا.


منذ تولّيه لمناصبه الثلاثة (رئيس "فتح" و"السلطة" و"منظمة التحرير")؛ لم يرتقِّ عباس يوما إلى مستوى عظمة وتضحيات الشعب الفلسطيني؛ لا في نصوص خطاباته، ولا في الممارسة العملية على الأرض؛ وهي الأهم في كل الأحوال.

 

ومنذ ذلك الحين، وهو يقترف من المحرّمات الوطنية، ما لم يتوقّعه أحد، بل يجاهر أيضا. ولم يكن ذلك غريبا على رجل وقف على الضد من كل الشعب الفلسطيني وقواه في مرحلة هي الأكثر روعة في تاريخه منذ النكبة (انتفاضة الأقصى)، ثم قَبِل أن يتم استخدامه ضد ياسر عرفات رحمه الله، ولتكون النتيجة هي الانقلاب على فكرة العودة إلى الكفاح المسلح، مقابل تجديد شباب اتفاق "أوسلو"، وجعل التعاون الأمني مع العدو "مقدّسا"، ومنح الغزاة "أرخص احتلال في التاريخ" (العبرة الأخيرة قالها بلسانه)، وتسفيه المقاومة، وقبل ذلك شطب حق العودة بالحديث عن ارتياح اللاجئين في أماكن تواجدهم، ولا تسأل بعد ذلك عن آخر المصائب، حين لم يرتقِ إلى مستوى تضحيات الشعب في "انتفاضة القدس"، ومعركة "سيف القدس"، وصولا إلى جعل اعتراف "حماس" بقرارات ما يُسمى الشرعية الدولية؛ شرطا  للمصالحة.


حين تتحدّث عن ذلك كله مع بعض عناصر "القبيلة الفتحاوية"؛- ويؤسفنا استخدام هذا التعبير- يردّون عليك بالقول إن الرجل كان صريحا وواضحا في برنامجه، كأن الجهر بالسقوط الوطني يجعله عملا نبيلا، أو كأن الجهر بالبرنامج يعفيه من المراجعة، رغم ما يقرب من عقدين من الفشل الذريع، وصولا إلى مزيد من التهويد والاستيطان والقمع، مع العلم أن مبرر "أوسلو" الأكبر كان يتمثّل في وقف التهام الاحتلال للأرض.


ما يجعل مصائب الرجل أكثر بؤسا، يتمثّل في أن عهده قد شهد خطابات ومواقف من الصهاينة لم تُعرف من قبل؛ ليس من نتنياهو وحسب، بل من الوافد الجديد إلى الحكومة الصهيونية (بينيت)، فالجهر برفض "الدولة الفلسطينية"، لم يكن قبل عباس (كانت المشكلة في شروطها)، في وقت يعرف الجميع أن القدس قد أصبحت خارج التفاوض في عهده أيضا؛ كما قالت تسيبي ليفني لكبير مفاوضيه (صائب عريقات)؛ أيام أولمرت، بجانب رفضها لعودة؛ ولو لاجئ واحد، إلى مناطق 48.


هكذا يكون عهد عباس هو الأسوأ في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية على كل صعيد، لا سيما حين نضيف إليه مرحلة الهرولة والتطبيع العربي التي استخدمت وما زالت تستخدم مبرر أن السلطة الفلسطينية هي أكبر المطبّعين، ودعك من إضافته بعد ذلك مزيدا من الاستجداء للعدو، والعودة إلى اللقاءات مع رموزه (بينيت هو الذي يرفض لقاءه)؛ دون تحقيق شرط تجميد الاستيطان الذي بقي لعشر سنوات تقريبا، ومن ثم الدخول في متاهة "بايدن"، ممثلة في "السلام الاقتصادي" الذي يمنح بعض الحياة لسلطة العار، مقابل إماتة القضية الفلسطينية التي استعادت ألقها خلال "انتفاضة القدس"، ومعركة "سيف القدس".


الآن، نأتي إلى الخطاب الجديد، والذي بدأه بكل البكائيات التقليدية التي يعرفها الجميع، لينتهي إلى القول: "وصلنا إلى مواجهة مع الحقيقة مع سلطة الاحتلال، ويبدو أننا على مفترق طرق. أقول إنه قد طفح الكيل، فالوضع أصبح لا يُحتمل، وغير قابل للاستمرار، ولم يعد شعبنا يحتمل المزيد".


ولما جاء لما بعد ذلك، كان الأمر مضحكا. قال إن "البدائل أمام شعبنا مفتوحة، بما فيها خيار العودة لحلٍ يستند إلى قرار التقسيم رقم 181 للعام 1947، الذي يعطي دولة فلسطين 44% من الأرض" (عجز عن تحصيل 22%، فطالب بـ44%)!!


بعد ذلك كانت "مفاجأته" الموعودة بالقول إن "أمام سلطات الاحتلال الإسرائيلي عاما واحدا لتنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967"، وإذا لم يحدث ذلك (هنا سأل بدل أن يجيب!!): "فلماذا يبقى الاعتراف بإسرائيل قائما على أساس حدود العام 1967؟".


ثم ماذا بعد؟ قال إنه سيتوجّه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، متجاهلا وجود حكم منها في العام 2005، كان علامة فارقة في تاريخ المؤسسات الدولية، اعتبر أقوى من قرار 242، ثم انتهى حبرا على ورق.


هذه هي خلاصة الخطاب العظيم لعباس، وهذه هي مفاجآته العتيدة التي وعدنا بها الناطقون باسمه!!
والسؤال الذي يتوجّه لعناصر القبيلة التي تمنحه الشرعية هو: هل ستطالبونه العام القادم بسحب الاعتراف بدولة العدو؟ كلا، لن تفعلوا، وهل ستطالبونه بتغيير المسار؟ كلا لن تفعلوا، وستواصلون لعبة التبرير.


وإذا كان هؤلاء لا يرجى منهم شيء، باستثناء فئة تمنح الأولوية للقضية، فلماذا يكون على الشعب الفلسطيني أن يواصل الركض وراء عباس من تيه إلى تيه؟!


ألا تتحمّل قوى المقاومة مسؤولية الانقلاب عليه والبحث عن مسار بديل، يمثل الكلّ الفلسطيني؛ عنوانه مشروع انتفاضة شاملة، يلتحق بها من يلتحق؟ صحيح أن ذلك يحتاج إلى ترميم وضع تلك القوى في الضفة الغربية (وعلى رأسها حماس)، بتغيير في آليات عملها والمسؤولين عنه، لكن انطلاق المشروع، وعلى نحو واضح، بات ضرورة.


عباس لا أمل فيه، والأرجح أن بدائله ستكون من ذات اللون، ما يعني أن انتظار رحيله سيكون بلا معنى، ومحض إضاعة للوقت.

2
التعليقات (2)
محمود الطحان
الأحد، 03-10-2021 09:16 ص
لقد سبقني الاخ محمد غازي بالتعليق علي ماجاء في مقال الاستاذ ياسر الزعاتره صاحب المواقف الوطنيه الثابته كل ماجاء في تعليق الاخ محمد غازي يمثلني ويمثل ابناء شعبنا الفلسطيني """اما بخصوص مقال نبيل عمرو فهو من الذين تتكمم افواههم بالمخصصات الماليه التي يغدقها عليهم حاخام رام الله الكهل ""تلك المخصصات التي ورثها من القائد الرمز لكي يتبعه كلابه طمعا بالمزيد وخوفا من توقفها مشكلة هؤلاء انهم اصبحوا بلا حياء ولا يشعرون بالخجل من عمالتهم المقيته في خدمة الاحتلال يعني الجماعه غسلوا وجوههم بالشخاخ فاصبحوا كتل من اللحم بلا اي احاسيس وهم علي علم بكراهية شعبنا لهم ومقتهم لكن المال افقدهم كرامتهم وشرفهم وعجوز رام الله حولهم الي كائنات كريهه عفنه سيتخلص شعبنا من هذا العفن قريبا باذن الله مادام هنالك رجال تمثال ياسر الزعاتره لا يخشون الا الله
محمد غازى
السبت، 02-10-2021 07:28 م
تحياتى للكاتب ألحر، ألعربى ألأصيل ياسر الزعاترة، على مقاله هذا تحت عنوان "عباس فى تهديده ألأخير، ماذا بعد؟! قرأت قبله مقالا للكاتب نبيل عمرو، جعلنى أشعر بالندم أننى ضيعت وقتى لقراءة مقالا تافها، كله نفاق وتأييد لما يقوم به عباس من محرمات وجرائم بحق الحق الفلسطينى والشعب الفلسطينى ، أو ما تبقى منه،ستؤدى حتما لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل. كان نبيل عمرو يبرر لعباس، ألوسواس الخناس، هندسته لإتفاق أوسلو ألكارثى اللعين. كما برر ما قام به عرفات قبل عباس من مخازى وجرائم بحق القضية وشعبها. شكرا سيدى على ما ذكرتنا به من وقائع أدت بنا إلى مرحلة التصفية النهائية، ألتى قادها عرفات وعباس لعنة الله عليهما. عرفات وضع حجر ألأساس بفهلوته ألرخيصة جدا وعباس قام بتثبيت التصفية بمواقفه اللئيمة وتصرفاته ألخبيثة مع شعبنا سواء كان بالضفة أو غزة! وما أدى إلى إنفصال القطاع عن الضفة، والإجراءات ألى أتخذها ويتخذها ضد القطاع وأهله، وتحريض أصدقاؤه وأحباؤه فى جانب العدو لمحو غزة عن الخارطة، إما بأن يقوم البحر بإبتلاعها، أو يقوم جيش العدو بإبادة سكانها! ألذى شجع عباس على هذه الفرعنة، هو عصابة ألمنحلين المحيطين به، ألفاسدين ، مثل الهباش والشيخ وإشتيه وفرج وغيرهم، من عديمى الشرف والوطنية، ألذين أصبحوا من أصحاب ألأرصدة فى البنوك الخارجية بالملايين، وأصببحوا ملاك عقارات وشركات داخل الضفة وخارجها. أكثر الله من أمثالك ياأستاذ ياسر وأطال الله فى عمرك، حتى تستمر فى الكتابة لتطلعنا على حقائق كثيرة غابت عنا. وأرجو أن تستمر فى الكتابة فى جريدتى المفضله عربى 21.