صحافة دولية

MEMO: أمريكا سارت على خطى فرنسا المهزومة بالجزائر

كما هو الحال في الجزائر، تركت هزيمة الولايات المتحدة في أفغانستان في أعقابها اندفاعا مجنونا لخروج المتعاونين- جيتي
كما هو الحال في الجزائر، تركت هزيمة الولايات المتحدة في أفغانستان في أعقابها اندفاعا مجنونا لخروج المتعاونين- جيتي

نشر موقع "ميدل إيست مونيتور" مقالا لمديره، داود عبد الله، أشار فيه إلى تشابه كبير بين صورة الهزيمة والانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وتلك التي يتذكرها الأفارقة عموما والجزائريون بشكل خاص عن اندحار المستعمر الفرنسي.

 

ويستحضر الكاتب، في مشاهدته لخروج آخر جندي أمريكي من أرض أفغانستان "تلك الصورة من ذكريات صيف عام 1962 عندما ركع الجيش الفرنسي - الذي كان آنذاك رابع أكبر جيش في العالم - على ركبتيه وطرد من الجزائر".

ويستدرك عبد الله بالقول: "كانت هناك صور أخرى من مطار كابول لها نفس الأهمية. لكنها، مع ذلك، لم تصل إلى الصفحات الأولى للصحف أو شاشات التلفزيون. وباستثناء قناة الجزيرة، لم يبلغ أي من وسائل الإعلام تلك عن نهب القوات الأمريكية للمطار المدني. وقدر مسؤولو طالبان الأضرار بنحو 23 مليون دولار".

وحتى بعد تدميرها غير المبرر للمطار المدني، حافظت الولايات المتحدة على تجميد ما يقدر بنحو 9.5 مليارات دولار تخص البنك المركزي الأفغاني. ومع ذلك، كانت لديها الجرأة للدعوة إلى ممر سريع وآمن من أفغانستان لمواطنيها المتبقين ولأولئك الحلفاء الأفغان الذين عملوا معهم.

بدا أن الأمريكيين قد أخذوا صفحة من كتاب قواعد اللعب للمستعمرين الاستيطانيين المهزومين في أفريقيا، بحسب الكاتب. فعندما هُزم النظام الاستعماري الاستيطاني البرتغالي أخيرا في موزمبيق عام 1975 أخذوا معهم كل ما في وسعهم من سلع ورؤوس أموال. أما الممتلكات التي لم يستطيعوا حملها مثل الأبنية والجرارات فقد هدموها.

وبحسب الكاتب، فقد ظهرت صورة مماثلة في الجزائر، حيث أخذ الفرنسيون أثناء مغادرتهم مئات الآلاف من الخرائط والوثائق التاريخية من الفترة الاستعمارية (1830-1962) وأخرى تعود إلى العهد العثماني (1518-1830).

 

اقرأ أيضا: إنترسبت: مليون قتيل و8 ترليونات دولار في "الحرب على الإرهاب" 

 

واليوم تخوض السلطات الجزائرية معركة دبلوماسية مريرة لاستعادة الوثائق من فرنسا التي ترفض إعادتها بحجة أنها سرية وخاضعة لأسرار الدفاع الوطني.

وبعيدا عن الوثائق التاريخية، ترفض فرنسا أيضا إعادة جماجم مقاتلي المقاومة الذين قتلوا ثم قطعت رؤوسهم خلال حرب الاستقلال. وتلك الجوائز الاستعمارية الواضحة معروضة الآن في متحف Homme في باريس.

وكما هو الحال في الجزائر، تركت هزيمة الولايات المتحدة في أفغانستان في أعقابها اندفاعا مجنونا لخروج المتعاونين الأفغان والمهنيين والأشخاص ذوي المهارات التقنية والإدارية.

 

يبقى أن نرى إلى متى سيستمر الترحيب بهم في الغرب، بحسب الكاتب، موضحا أنه على الرغم من تعهداتهم الأولية باستقبال جميع طالبي اللجوء، فقد بدأت عدة دول أوروبية في الإعراب عن قلقها بشأن تلك الأعداد.

يجب أن نتذكر أن حكومة شارل ديغول لم توافق على إعادة توطين 40 ألف جزائري قاتلوا إلى جانب الفرنسيين في حرب الاستقلال إلا بعد ضغوط دولية مكثفة.

أما بالنسبة لطالبان، الذين ورثوا جهاز دولة معطلا ومختلا، فلديهم الآن فرصة لإثبات خطأ منتقديهم. يمكنهم، بالقيادة والعزم المناسبين، بحسب الكاتب؛ أن ينتشلوا أفغانستان من رماد الحرب والحرب الأهلية.

في ذروة أزمة ديون منطقة اليورو في عام 2008، كانت اقتصادات البرتغال وأيرلندا واليونان وإسبانيا (التي يطلق عليها بشكل ساخر PIGS) الأكثر تضررا. والمثير للدهشة أن آلاف المواطنين البرتغاليين لجأوا إلى مستعمراتهم السابقة، موزمبيق وأنغولا، بحثا عن مستقبل أكثر إشراقا.

 

وفي انعكاس مذهل للأدوار، كانت أنغولا، بعد 400 عام من الاستعمار، تشتري كل شيء من البنوك إلى العقارات والاتصالات السلكية واللاسلكية في البرتغال.

يمكن لأفغانستان، بحسب "عبد الله"، بما لديها من وفرة من الموارد الطبيعية والبشرية، أن ترسم مسارا جديدا في تاريخها.

 

وبنفس الطريقة التي أدت بها هزيمة فرنسا في الجزائر إلى تقليص مكانتها كقوة عالمية، كذلك قوضت هزيمة الولايات المتحدة في أفغانستان مكانتها على المسرح العالمي وفق تقدير الكاتب.

 

ويختم بالقول: "لقد انتهى عصر محاولة إعادة تشكيل دول أخرى من خلال التدخل العسكري. لقد أثبتت أفغانستان أن ذلك كان على الدوام مجرد وهم".

التعليقات (0)