سياسة تركية

تركيا تواجه تحديات بأفغانستان.. هل تطلب دعم باكستان ؟

تركيا تريد تأمين مطار كابل بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان- جيتي
تركيا تريد تأمين مطار كابل بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان- جيتي

تواجه القوات التركية مخاطر عدة، في حال قيامها تأمين مطار كابل في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي، فيما طالبت أنقرة بدعم من المجر وباكستان في مهمتها القادمة.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال إن تركيا تسعى إلى مشاركة باكستان والمجر في المهمة الجديدة بأفغانستان، بعد مغادرة قوات الحلف والولايات المتحدة.

يقول الكاتب أتشيتين أتشتينار، في تقرير على صحيفة "خبر ترك"، إن "تأمين" مطار كابل يعني استمرار العلاقات الدبلوماسية، والمشاركة في السياسات الأمنية في أفغانستان التي يعادل فيها مصطلح "ضمان الأمن"كلمة "السيطرة".

ورأى أن تركيا إن لم تتمكن من أن تكون فاعلة في تنظيم التوازنات الداخلية في أفغانستان، والتي تعد صعبة للغاية في ظل الظروف الحالية، فقد تواجه مخاطر كبيرة.

ومن أجل تأمين مطار كابل، فإنه سيتبقى 500 من القوات التركية في العاصمة الأفغانية، وستعزز أنقرة موقعها ودورها هناك بعد الانسحاب الأمريكي، ومن وجهة نظر استراتيجية، يمكن أن تتحول هذه العملية إلى تحد يتطلب أيضا احتواء الطموحات الإقليمية للجماعات المتطرفة المسلحة، ووكالات الاستخبارات في أفغانستان.

وتابع الكاتب التركي، بأن الحديث يجري عن حركة طالبان المحظورة من روسيا، والتي تستمد قوتها من الحدود الباكستانية، مشيرا إلى أنه من الصعب الاعتقاد بأن أنقرة قد تعمل على منع حليفتها إسلام أباد من دعم الحركة الأفغانية.

 

اقرأ أيضا: ما مطالب أنقرة من واشنطن لإبقاء قواتها في مطار كابل؟

وكانت طالبان قد قالت في وقت سابق، إنها لن تسمح بوجود قوات عسكرية أجنبية بعد انسحاب القوات الأمريكية، وإن تأمين مطار كابل يقع على عاتق الشعب الأفغاني.

وتصاعدت الاشتباكات بين القوات الحكومية وطالبان بعد أن أعلنت الولايات المتحدة قرارها النهائي بالانسحاب، ومؤخرا سيطرت طالبان على أربع مقاطعات في ولايتي بغلان وبلح، وبذلك وسعت سيطرتها على مناطق واسعة في الشهرين الماضيين.

وذكر الكاتب أن طالبان سيطرت الثلاثاء الماضي على أهم معبر حدودي في شمال أفغانستان على الحدود مع طاجيكستان، وتعد البوابة الحدودية المذكورة محورا حيويا في العلاقات الاقتصادية مع آسيا الوسطى.

ومع رحيل القوات الأمريكية، تزداد الجهات الفاعلة حول أفغانستان نشاطاتها كما كان متوقعا، وهي روسيا والصين والهند وإيران بالإضافة إلى تركيا التي تسعى لتعزيز موقعها في أفغانستان ما بعد الانسحاب الأمريكي.

ورأى أن تركيا لن يقتصر وجودها في داخل حدود أفغانستان، لأنها تدرك جيدا أن علاقاتها المباشرة مع دول آسيا الوسطى تمر أيضا عبر كابل، كما أن روسيا وغيرها من اللاعبين الرئيسيين في المنطقة لا تريد تعزيز الدور التركي.

واستدرك بأنه بالنطر إلى العلاقة الوثيقة بين روسيا وتركيا إلى حد ما في هذه المرحلة، فإن سيطرة أنقرة على مطار كابل لا يشكل مشكلة خطيرة، لكن ذلك يحتوي على مخاطر كبيرة بالمنظور الاستراتيجي.

وأشار إلى أن أفغانستان هي قلب آسيا، وبلدان آسيا الوسطى لديها موارد طاقة ضخمة، ويمثل الغاز الطبيعي 34 بالمئة من احتياطيات العالم، بينما يمثل النفط 27 بالمئة، كما أنها غنية بالمياه العذبة والمياه الجوفية والمناجم المختلفة والحديد، ويتم فيها زراعة كمية كبيرة من القطن، وكل هذا يجعل آسيا الوسطى بالتأكيد واحدة من أغنى مناطق العالم.

وتساءل الكاتب: "هل يمكن لأمريكا أن تتخلى عن أهدافها في أفغانستان، الجسر البري في آسيا الوسطى الذي يطوق روسيا من الجنوب، وتقع في منتصف مشروع طريق الحزام الصيني؟"، كيف سيتم إعداد "اللعبة الكبيرة" الجديدة هنا؟".

 

البروفيسور والأكاديمي التركي كورشات زورلو، قال إن وفدا أمريكيا وصل إلى أنقرة لمناقشة التفاصيل الفنية حول مطار كابل، في الوقت الذي وصل فيه الرئيس الأفغاني أشرف غني يرافقه رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية عبدالله عبدالله إلى الولايات المتحدة.

 

وأضاف زورلو في مقال على صحيفة "خبر ترك"، أن إشكالية بقاء القوات التركية لا تتعلق بالعدد، بل بالأسباب والغرض من تواجدها في أفغانستان، لافتا إلى أن أنقرة تسعى لإشراك دول أخرى معها هناك، لاسيما المجر وباكستان.

 

وحول المساعي التركية لإشراك المجر في مهمتها، أوضح أن السبب يعود على تطور العلاقات بين البلدين، فبعد انضمامها إلى المجلس التركي عام 2018 أصبحت العلاقات الثنائية أعمق، كما أن لديها رغبة زيادة تأثيرها داخل حلف شمال الأطلسي في الوقت الذي تسعى فيه لزيادة ميزانيتها العسكرية والدفاعية.

 

وأشار الأكاديمي التركي، إلى أن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان يسعى لإعطاء بلاده دورا فاعلا في الوقت الذي تعرض فيه لانتقادات "الاستبداد" لاسيما من أوروبا.

 

أما بالنسبة لباكستان، فالوضع يعد مختلفا لاسيما أنها على علاقة مباشرة مع الاشكالات الأفغانية، ومن المعروف أنها دعمت طالبان في التسعينيات ومازالت، كما يقول الكاتب التركي، كما أن هناك أحزابا من داخل البرلمان الباكستاني تبدي دعمها العلني للحركة الأفغانية.

 

اقرأ أيضا: هل تبقى تركيا في أفغانستان دون موافقة طالبان؟
 

وأضاف أن ما يقارب الثلاثة ملايين لاجئ أفغاني يتواجدون الآن على حدود باكستان، فيما لقي أكثر من 70 ألف باكستاني مصرعهم بسبب الحرب الأفغانية.

 

وتطرق الكاتب التركي إلى تصريحات رئبس وزراء باكستان عمران خان، والذي تحدث في مقال على "واشنطن بوست"، أن بلاده أخطأت في الماضي بالاختيار بين الأطراف الأفغانية المتحاربة، لكنها تعلمت من تلك التجربة وليس لديها مفضلات، مضيفا أن التاريخ أثبت أن أفغانستان لا يمكن السيطرة عليها من الخارج.

 

وتابع عمران خان: "نريد سلاما عن طريق التفاوض، وليس حربا أهلية"، و"إذا وافقت باكستان على استضافة قواعد أمريكية لقصف أفغانستان، واندلعت حرب أهلية أفغانية، فستكون باكستان مرة أخرى هدفا لانتقام الإرهابيين".

 

وتساءل الكاتب: "هل كل هذه المقاربات في حديث عمران خان، كافية لاقناع طالبان؟.. الوقت سيظهر ذلك".

 

وأكد الكاتب التركي، أن الوضع في أفغانستان يزداد سوءا ساعة بعد ساعة، فعمليات القتل بازدياد منذ أيار/ مايو الماضي، كما أن طالبان سيطرت تقريبا على 50 منطقة من أصل 370 منطقة في البلاد، جزء كبير منها على الجوانب الغربية والشرقية والمركزية، وعليه فإنه مع الانسحاب الأمريكي ليس من المستغرب أن تكون الأطراف الشمالية للعاصمة كابل تحت سيطرة الحركة.

 

ورأى أنه إذا سارت العملية على هذا النحو، فستسيطر طالبان على معظم البلاد باستثناء كابل ومناطق محيطة بها عندما تبدأ تركيا في أداء مهمتها المحتملة في المطار.

 

وبحسب البنك الدولي، فقد تجاوز معدل الفقر في البلاد أكثر من 50 بالمئة، ومن المتوقع الآن أن يقفز إلى 70 بالمئة، كما أن الدول الحدودية بدأت تدق ناقوس الخطر

ولفت إلى أن روسيا تشعر بعدم الرضا من الوضع الذي قد يؤثر على استقرار طاجيكستان.

 

وأشار إلى أن أحد أعباء تركيا في أفغانستان، وجود "الأتراك الأفغان"، والمواطنين الناطقين باللغة التركية من التركمان والأوزبك والقيرقيز، في الجزء الشمالي من البلاد، والذين يمرون بحالة صراع وجودي في هذه الأيام.

 

وشدد على أنه بعد انسحاب القوات الأجنبية، فإن على تركيا أن تفتح مسارا دبلوماسيا ومفاوضات من شأنها أن تضع حدا للمأساة الإنسانية، وخاصة في شمال البلاد.

التعليقات (2)
غرباء
السبت، 26-06-2021 04:28 م
إلى صاحب التعليق " أرجو النشر " ........ الإجابة عن كافة أسئلتك ، و سردك الموثق للتراجعات السياسية التركية على مدى السنوات الـ 3 الماضية على الأقل يكمن فى الضغوط السياسية ، و العقوبات الاقتصادية التى تفرضها واشنطن على أنقرة سواءا كان ذلك بشكل مباشر ، أو عبر أطراف إقليمية أخرى ! و هذا أمر متوقع فى عالم تسيطر عليه منظومة مصالح سياسية و اقتصادية دولية معقدة تصب بمصلحة واشنطن فى نهاية المطاف ، و لا مجال فيه لصعود (الإسلام السياسى) ، أو لنهضة إسلامية ترفض " الانصياع " و " الانبطاح " للهيمنة الأمريكية ؛ و لو ســــلــــمــــيــــا !!! لكن الصدمة الحقيقية فى تلك التطورات كانت من نصيب البسطاء الذين راهنوا رهانا كبيرا على تركيا ، و عقدوا آمالا كبرى على صمودها فى وجه قوى الشر العالمى ، و تأسيسها لخلافة إسلامية تحمى مصالح المسلمين ، و تجاهلوا كافة معطيات الواقع السياسى المعاصر فى غمرة نشوى حالمة ، و عواطف جياشة فرضتها تجاربهم المريرة مع أنظمة الانبطاح و العمالة فى بلادهم ، و رجاؤهم الكبير فى انتشال الدولة التركية للمنطقة من واقعهم السياسى المزرى ! لكن الأدهى أن كافة من راهنوا على صعود تركيا كان يناصبون العداء كل من يذكرهم بأنها (دولة علمانية) ، تلتزم بقواعد لعبة السياسة الدولية غير النزيهة ، و بتحقيق أهدافها التى لا تخدم مصالح الإسلام و المسلمين بالضرورة ! إقرأوا خبرا نشره موقع عربى 21 بعنوان : ( الظواهري يفتح النار على "النصرة".. ماذا قال عن تركيا؟ ) .
أرجو النشر
السبت، 26-06-2021 10:38 ص
لا أدري ما السبب في هذا الانبطاح التركي أمام التغوّل الأمريكي في حقها. فقد منعوها من المشاركة في برنامج الطائرة إف-35 رغم دفعها أكثر من مليار دولار، وأجبروها على عدم استخدام منظومة الدفاع الجوي الروسية إس-400 بعد أن دفعت فيها تركيا المليارات، وأرغموها على وقف عملية درع الفرات فسمحوا بذلك للميليشيات الكردية بشن أعمال إرهابية شبه يومية تقتل وتصيب العشرات وتدمير العشرات من المباني، وأجبروها على وقف تحرير باقي ليبيا ولم تفعل تركيا شيئاً بل إنهم رتبوا لسحب السلطة الليبية الموالية لتركيا وتنصيب سلطة بديلة دون أن تقدر تركيا على فعل شيء، وأجبروها على وقف البحث عن الغاز في شرقي المتوسط وأجبروها على بدء الحوار مع اليونان. وها هم الآن يريدونها أن تواصل احتلالهم هم لأفغانستان بقوات تركية مسلمة تحت مسمَّى تأمين مطار كابول في حين أن أهل أفغانستان أولى بحماية بلدهم بكل مقدراته، وإن بقيت تركيا فلن ستكون سوى استعمار واحتلال أجنبي من أجل عيون أمريكا. وأيا كانت الحكومة التي سترى النور في خاتمة الأمر في أفغانستان فإنها أولى بحماية بلدها وأي قوات أجنبية ستكون استعماراً واحتلالاً أجنبيين يوجبان مقاومتهما والتصدي لهما. بل إن باكستان النووية والمجاورة لأفغانستان لم تقدم مثل هذا الطرح وهي أقدر على القيام بذلك لو أرادت. على تركيا أن توقف مسلسل الاستسلام هذا أمام أمريكا وفرنسا واليونان والخسيسي الإنقلابي الذي أجبرها على وقف برامج أحرار قنوات المعارضة المصرية بل وأجبره حالياً على وقف أي نشاط إعلامي لهم ولو على قنوات يوتيوب وغيرها. ستفقد تركيا رصيدها لدى أحرار المسلمين والعرب والعالم إن هي واصلت هذا الاستسلام.