تقارير

يوسف القطب.. سيرة مصور وثّق للهوية والثورة في فلسطين

يوسف القطب.. حين تكون الصورة جزءا من هوية شعب تحت الاحتلال
يوسف القطب.. حين تكون الصورة جزءا من هوية شعب تحت الاحتلال
لكل فلسطيني وعربي ومناصر للقضية انضوى في صفوف الثورة الفلسطينية المعاصرة قصة كفاح خاصة؛ لتشكل مجمل القصص حكاية كفاح مستمرة ضد الاحتلال، تحولت مع تراكمها إلى جزء من هوية الشعب الفلسطيني.. 

ونورد هنا قصة المصور الفلسطيني يوسف القطب، الذي اختار مهمة التصوير والتوثيق لأهم المحطات التاريخية في نضال الشعب الفلسطيني طريقا، كنموذج لواحدة من التجارب المميزة التي عكست ليس فقط هوية الشعب الفلسطيني، وإنما أيضا أدواته الإبداعية في مواجهة الاحتلال في الداخل وفي مخيمات اللجوء..  

نفض غبار النكسة 

ولد يوسف القطب في القدس عام 1954، وإثر احتلالها من قبل الجيش الإسرائيلي، خرج منها عام 1967 للالتحاق بالعمل الفدائي؛ حيث أخبر والدته برغبته الانضمام إلى صفوف الثورة الفلسطينية في الأردن، وكان له ذلك؛ حيث قامت والدته بإيصاله إلى عمان، وبالتحديث إلى معسكر أشبال البقعة، ليشرف عليه بداية الشهيد صخر حبش. 

وقد خضع القطب لعدة دورات ليصبح بعد ذلك مدرباً؛ ومن أبرز العمليات التي شارك بها، عملية الحمة التي استمرت لمدة ست ساعات؛ حيث سيطر الفدائيون عليها، ورفعوا علم فلسطين فوق ثراها، قبل قدوم الطائرات والدبابات الإسرائيلية، لينتهي الهجوم بسقوط عدد كبير من الجنود الصهاينة. 

والحمة قرية فلسطينية تبعد 12 جنوب شرق مدينة طبريا. جنباً إلى جنب مع كونه فدائياً في الثورة الفلسطينية.

امتهن يوسف قطب التصوير دون الخضوع لدورة أو الحصول على شهادة أكاديمية، بل خاض التجربة التي كللت بالنجاح بعد إصابته بجروح من القنابل الفسفورية في شبعا؛ وهي نقطة تماس في الجنوب اللبناني مع فلسطين المحتلة، خلال حرب تشرين الأول/ أكتوبر من العام 1973؛ حيث زاره في المستشفى حينها مسؤول الإعلام الموحد الشهيد ماجد أبو شرار، وأثناء الحديث معه طلب منه تعلم التصوير؛ ليخضع لدورات تدريبية لثلاثة أشهر في بيروت وألمانيا خلال عامي 1979 و1980، وليؤرخ ويوثق بعد ذلك عبر الكاميرا وبالصورة رغم المخاطر أحداث تاريخية جمة مرّت خلالها الثورة والشعب الفلسطيني. 

ولم يفرط القطب بأية صورة صورها رغم إغراءات المال من قبل وكالات أنباء غربية، واعتاد على حمل أرشيفه وآثره على ملابسه حين كان يهاجر إلى بلد جديد خلال رحلة حياته التي تشبه حياة الكثير من مناضلي الثورة الفلسطينية.

مليون صورة ثوثق سيرة كفاح 

بعد امتلاكه ناصية القدرة على التصوير بالتجربة والتدريب والمثابرة، اشترى يوسف قطب دراجة نارية ليتنقل بين مواقع مقاتلي الثورة الفلسطينية لالتقاط صور المعارك مع العدو الصهيوني ونقلها إلى مركز الإعلام.. وباتت الكاميرا تلازمه كظله، لينطلق باتجاه الجنوب، حيث قواعد الفدائيين ونقاط الاشتباك مع قوات الاحتلال للعمل كمراسل عسكري، وكانت عودته للمقر الإعلامي لإيصال الصور بشكل دوري غير يومي. 

وقام يوسف قطب بتصوير كل أحداث الحرب الأهلية والاجتياح الإسرائيلي للجنوب في العام 1978، وأصيب خلاله بقذائف في ظهره مع رفيق دربه "أبو ظريف" وبالتحديد في الخامس عشر من آذار (مارس)، كما استشهد الفدائيان المصوران؛ عمر المختار وإبراهيم ناصر. كما قام القطب بتصوير الاجتياح الإسرائيلي للبنان في صيف العام 1982، ووثق بالصورة كافة الأحداث اليومية لمنظمة التحرير؛ من مهرجانات وعروض عسكرية ومخيمات وشهداء وجرحى حتى الحياة اليومية للاجئين الفلسطينيين. 

وكان يوسف قطب شغوفاً بتصوير عمليات الفدائيين خلف خطوط العدوالصهيوني ، وتصوير المعارك والقصف الإسرائيلي والدمار الناجم عنه، إضافة إلى صور المقاتلين الفلسطينيين إلى جانب صور المخيمات الفلسطينية في لبنان ومعاناة اللاجئين.

غادر القطب العاصمة اللبنانية بيروت ومعه عدته في الحياة، صوره التي يحمل فيها تاريخه وتاريخ حركة تحرر معه إلى تونس، وفيها عمل على تصوير فعاليات منظمة التحرير إلى جانب تنظيم معارض صور  لصالح السفارات. وظل في تونس حتى عاد في العام 1994 إلى غزة وغادرها في العام 1996 إلى رام الله ليكون قريبا من عائلته ووالدته في القدس. 

وكانت أولى صور القطب في الوطن صور البحر والمخيمات في غزة، ومعالم مدينة القدس. وفي مقابلات صحفية أشار الفدائي والمصور الفلسطيني يوسف القطب؛ إلى أنه وثقّ بالصورة لمرحلة ثورية فلسطينية منذ بداية الثمانينيات من القرن المنصرم، حيث وصل عدد الصور إلى نحو مليون صورة، لتصبح أرشيفاً زاخراً يؤرخ  للثورة الفلسطينية وهوية الشعب الفلسطيني الذي يستمر بكفاحه الوطني بصور مختلفة لطرد الاحتلال وعودة الوطن الفلسطيني إلى أصحابه الأصليين. 

*كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

التعليقات (0)