ملفات وتقارير

خبراء: المنطقة اللوجستية المصرية بجيبوتي خطوة متأخرة

الحل العسكري فات أوانه وتأخر كثيرا، وكان يجب الإعداد له منذ فترة طويلة وليس في "الوقت الضائع" بحسب خبراء- فيسبوك
الحل العسكري فات أوانه وتأخر كثيرا، وكان يجب الإعداد له منذ فترة طويلة وليس في "الوقت الضائع" بحسب خبراء- فيسبوك

طرح الإعلان عن إنشاء منطقة لوجيستية مصرية في جيبوتي، مؤخرا، العديد من التساؤلات عن أهمية الخطوة، خاصة في الجانب العسكري، حال تأزم الموقف مع إثيوبيا في ملف "سد النهضة".


واعتبر عدد من الخبراء تحدثت معهم "عربي21"، أن مصر تأخرت كثيرا في اتخاذ مثل هذه الخطوات، التي كان من شأن اتخاذها مبكرا دفع إثيوبيا إلى التراجع عن الملء الثاني والوصول إلى اتفاق مرض لأطراف الأزمة كافة.

 

وخلال زيارة رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى جيبوتي، أعلنت القاهرة عن مشروع إقامة منطقة حرة لوجستية في البلد المجاور لإثيوبيا.

 

وقال المتحدث الرسمي باسم وزرة الخارجية المصرية أحمد حافظ في بيان للوزارة؛ إن "مشروع إقامة منطقة حرة لوجيستية مصرية في جيبوتي، تهدف إلى إنعاش اقتصاديات دول منطقة القرن الأفريقي، وجذب الاستثمارات المصرية لجيبوتي، فضلا عن زيادة التبادل التجاري بين دول المنطقة".

وتأكيدا لما تم الاتفاق عليه وتفعيله، أرسلت مصر، الجمعة، طائرتي شحن عسكريتين، تحملان على متنهما كميات كبيرة من المساعدات الطبية إلى جيبوتي.

هل يمكن توظيف المنطقة اللوجستية عسكريا؟


وفي حديث لـ"عربي21"، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، جهاد عودة؛ إن المنطقة اللوجستية قد تبدو من مسماها منطقة تجارية واقتصادية لدعم العلاقات التجارية بين البلدين، ولكن ليس بالضرورة أن يقتصر دورها على هذه الوظيفة فقط.

 

وأضاف عودة: "يمكن توظيفها في أكثر من غرض سواء العسكري أو غيره"، والضغط من خلالها على إثيوبيا باعتبار أن جيبوتي هي نافذتها البحرية الأساسية.

وتابع بأن أي عملية عسكرية تتطلب إعداد مسرح وتوفير دعم لوجستي؛ "ومن ثم بصرف النظر عن مسمى المنطقة؛ فإنه يمكن توظيفها في أكثر من غرض، وهذا تحرك جيد، وإن كان قد تأخر بعض الشيء، لكن ما يدرك جله لا يترك كله" حسب قوله.

وحول إمكانية توجيه ضربة عسكرية، قال عودة؛ إنه من الممكن إجراء تحرك محدود وخاطف، "وهنا على مصر أن تمارس دورا مهما فيما يتعلق بتهيئة الرأي العام العالمي لمثل هذا العمل".

 

"الحل العسكري فات أوانه"

 

أما الخبير العسكري، العميد محمد بدر، فيرى أن الحل العسكري فات أوانه وتأخر كثيرا، وكان يجب الإعداد له منذ فترة طويلة وليس في "الوقت الضائع".

 

وقال "بدر" في حديث لـ"عربي21"؛ إن التحركات الأخيرة تبدو أنها جيدة، سواء فيما يتعلق بالمنطقة اللوجستية بجيبوتي أو مناورات السودان أو الاتفاقيات العسكرية الأخرى؛ "لكن المشكلة في التوقيت، حيث استهلك الكثير من الوقت، خاصة أن نوايا إثيوبيا كانت واضحة منذ البداية، فضلا عن كون هذه القضية قضية وجود لا يمكن التعامل معها بطريقة سياسية طويلة النفس، مما يُطمع الخصم أكثر فأكثر".

 

اقرأ أيضا: انطلاق مناورات "حماة النيل" العسكرية بين مصر والسودان


وطرح الخبير العسكري عدة تساؤلات، من قبيل: "ماذا عن اتفاق الخرطوم عام 2015 (بشأن سد النهضة)، هل تم عرضه على الشعب والاستفتاء عليه؟ هل تم عرضه على البرلمان لمناقشته وإبداء الرأي حوله؟ هل تم التهديد بالانسحاب منه عبر تصويت برلماني عليه؟".

 

وأوضح أن الإجابة على تلك الأسئلة أمر مهم قبل الحديث عن أي عمل عسكري، مؤكدا أن الموضوع أخطر من سد النهضة، حيث هنالك سد آخر تنوي إثيوبيا بناءه لتحويل النيل الأزرق إلى بحيرة إثيوبية، وهذا هو الخطر الأعمق، على حد تعبيره، معتبرا أن كل ذلك يأتي "في إطار خطة ممنهجة لتركيع مصر، وربما تهديد وجودها".

 

هل يمكن استدراك "التأخر"؟

أما الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية سامح راشد، فقد أكد أهمية هذه الخطوة، ولكنها جاءت متأخرة خمس سنوات على الأقل، وفق تقديره.

 

لكن راشد أعرب في حديث لـ"عربي21" عن اعتقاده بإمكانية استدراك ذلك، معتبرا أن الأهم هو استثمار الخطوة بأوسع الطرق، خاصة أن الاتفاق بين مصر وجيبوتي شمل التعاون اقتصاديا وسياسيا وأمنيا وعسكريا.

وأضاف: "رغم تشاؤم البعض في إمكانية اتخاذ إجراء ما، يمكن القول؛ إن أي إجراء رادع يمكن اتخاذه في وقت قصير، إذا توفرت الإرادة، خاصة أنه قد تم توفير ما يمكن أن نسميه تهيئة وإعداد مسرح لمثل هذه الخطوة، سواء من خلال المناورات العسكرية مع السودان، أو الاتفاقيات العسكرية مع بعض الدول الأفريقية الأخرى.

وتابع: "هنالك مدخلان مهمان للغاية يمكن اللعب عليهما بشكل أساسي ويسببان ألما وضررا مباشرين لأديس أبابا، ويجعلها تستجيب للتفاوض الجاد؛ النقطة الأولى تتمثل في الشأن الداخلي واللعب على الأزمات الداخلية في إثيوبيا، خاصة أنها دولة هشة وبها العديد من العرقيات. وثانيا جبهة الأزمة الحدودية مع السودان والاشتباكات العسكرية، وهنا يمكن استغلال هذا الأمر بشكل جيد من خلال دعم مصري قوي للسودان".

التعليقات (0)