ملفات وتقارير

ما مصير الفصائل الولائية بالعراق بعد "تخلي" إيران عنها؟

العراق  عصائب أهل الحق  (الأورومتوسطي)
العراق عصائب أهل الحق (الأورومتوسطي)

في ظل التقارير الغربية التي تحدثت مؤخرا عن "تخلي" إيران عن الفصائل القوية الموالية لها بالعراق، والذهاب إلى تشكيل مجاميع "نخبوية" صغيرة، برزت تساؤلات حول مصير تلك الفصائل خلال المرحلة المقبلة.


ولعل من أبرز التساؤلات المطروحة، هو من قبيل: هل يصيب التفكك الفصائل العراقية الموالية لإيران، أم إن الأمر لا يتعدى التسويق الإعلامي الذي تقوم به إيران في سياق ما يجري من تفاهمات مع السعودية والولايات المتحدة؟


تغيّر بالعلاقة

 
وتعليقا على الموضوع، قال الخبير الأمني والسياسي العراقي، مهند الجنابي، لـ"عربي21"؛ إنه "بعد مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، تغيّرت العلاقة بين إيران وبعض الفصائل العراقية، ولا سيما التي لديها تمثيل في البرلمان، مثل منظمة بدر وعصائب أهل الحق ومن على شاكلتهما".


وأضاف الجنابي، قائلا: "أما الفصائل الأخرى التي لا تمتلك تمثيلا سياسيا، فهي لا تزال لديها ارتباط كامل مع إيران ولا تخرج عن طوعها، ومن هذه الفصائل هي مليشيات كتائب حزب الله، والنجباء وغيرهما".

 

اقرأ أيضا: رويترز: إيران تشكل فصائل نخبوية بالعراق موالية لها بشدة

ورأى أن "إيران تسعى للسيطرة على قرارات البرلمان العراقي من خلال حلفائها الذين سيخوضون الانتخابات؛ لأن التشريعات والقرارات المهمة مثل إخراج القوات الأمريكية وتخصيص الأموال تخرج من المؤسسة التشريعية، وهذا يمثل تحديا لإيران خلال المرحلة المقبلة".


وأشار الجنابي إلى أن "الفصائل الكبيرة أصبحت في ظل التردي الاقتصادي الذي تعيشه إيران هي من تمول الأخيرة وليس العكس، عن طريق المنافذ والمعابر الحدودية والتهريب، وكذلك تأثيرها في القرارات الاقتصادية ومنح العقود للشركات الإيرانية".


وتابع: "على هذا الأساس، أعتقد أن إيران فقدت الكثير من تأثيرها على بعض الفصائل المسلحة الكبيرة التي أنشأتها في السابق، لكنها لم تصل إلى التخلي عنها؛ لأن طهران حريصة على وجود مثل هذه المجامع لديها في العراق".


ورجح الجنابي أن "يكون تخلي إيران عن الفصائل الهامشية التي ليس لها تأثير في الساحة العراقية، كما حصل مع مليشيا سرايا الخراساني التي جرى تفكيكها بعدما حصلت خلافات مع فصائل كبيرة".
وخلص إلى أن "ما تسرب لوسائل الإعلام الغريبة بخصوص تخلي إيران عن فصائل كبيرة في العراق، ربما يكون للتسويق الإعلامي، في ظل المحادثات التي تجريها مع السعودية والولايات المتحدة".


إعادة هيكلة


وفي المقابل، قال الخبير الأمني والإستراتيجي العراقي، فاضل أبو رغيف، لـ"عربي21"؛ إن "الفصائل في العراق نوعان، أحدهما يقاتل خارج البلد للدفاع عن المراقد الدينية هناك، وهذه لا تعود إداريا وتنظيميا إلى هيئة الحشد الشعبي، وأخرى فصائل قانونية منضوية في الحشد".


وأوضح أبو رغيف أن "إيران دولة جارة وساعدت العراق ودعمته، ومن بين من قدمت لهم الدعم هي تلك الفصائل الكبيرة، لكن لا أعتقد أن إيران تخلت عنهم، وإنما هناك عملية إعادة هيكلة وتنظيم تجري حاليا".


وأضاف الخبير الإستراتيجي، أن "التقارير التي أوردتها وكالات ومواقع غربية، لم يجر التأكد مما ورد فيها حتى الآن، كونه لم يعلق عليها أي طرف سواء من المسؤولين الإيرانيين أو العراقيين".


من جهته، قال الباحث العراقي المختص بالشأن الإيراني، فراس إلياس، في سلسلة تغريدات على "تويتر"، السبت؛ إنه "سواء فقدت إيران الثقة بالفصائل الكبيرة أم لم تفقد، هي فصائل قائمة بذاتها وبنفوذها وقوتها".

 

اقرأ أيضا: "حوارات سرية" بين قوى سياسية لإعلان حكومة طوارئ في العراق

وأضاف أن الفصائل هذه "هي من يسيطر على هيئة الحشد الشعبي، وهي من يتحكم بمفاصل العملية السياسية، وهي من تسند النفوذ الإقليمي الإيراني، إيران تدرك هذه الحقيقة جيدا ولا تتجاوزها، وما دونه تسويق إعلامي لا أكثر".


وأضاف إلياس أن "هناك ثلاث جهات إيرانية متحكمة بالملف العراقي، الخارجية والاستخبارات والحرس الثوري، كل منها لها فصائل وجماعات مسلحة مرتبطة بها، ما يقوم به الحرس الثوري من تغيرات على مستوى هيكلية الفصائل والقيادات، لا يسري على الجهات الأخرى. تقرير رويترز سلط الضوء على جزء من الحقيقة وليس كلها".

 

 


تراجع السيطرة


وخلال الأسبوع الجاري، توالت التقارير الصحفية عن تراجع سيطرة إيران على المليشيات الولائية، فقد كشف تقرير لوكالة "رويترز" عن تشكيل إيران مجموعة مقاتلة سرية تضم مئات المقاتلين الموثوق بهم من بين كوادر أقوى المليشيات بالعراق، بعد تراجع شعبية المليشيات الولائية في الشارع العراقي.


ونقلت "رويترز" عن مسؤولين أمنيين عراقيين وقادة مليشيات ومصادر دبلوماسية وعسكرية غربية، الجمعة، أن " المجموعات السرية الجديدة تم تدريبها منذ العام الماضي على حرب الطائرات المسيرة والمراقبة والدعاية عبر الإنترنت، والتواصل بشكل مباشر على يد ضباط فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني".


كما أشار التقرير  إلى أن اعتماد إيران على هذه المجموعات، جاء عقب "الانتكاسات" التي تعرضت لها، إلى جانب تراجع سيطرتها على الفصائل الولائية إثر اغتيال قاسم سليماني مطلع العام المنصرم، إضافة إلى أن رؤيتها الجديدة تفضل الاعتماد على مجموعات أصغر، "فيها مزايا تكتيكية أكثر نجاعة، لأنهم أقل عرضة للاختراق، ويمكنهم استخدام أحدث التقنيات التي طورتها إيران لضرب خصومها، مثل الطائرات من دون طيار".


وعلى الوتيرة ذاتها، نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا، الجمعة، كشف فيه أن الجنرال، حيدر الأفغاني، مسؤول الفصائل العراقية في الحرس الثوري، قدم طلبا الأسبوع الماضي لنقل خدماته خارج العراق.


وذكر الموقع، أن المسؤولين الإيرانيين أصبحوا أكثر استياء إزاء تعنت حلفائهم في الفصائل العراقية المسلحة، وأن طلب الجنرال حيدر الأفغاني، يأتي في هذا السياق، موضحا أنه منذ اغتيال الجنرال قاسم سليماني، ومع بدء المفاوضات النووية الإيرانية، خفت قبضة إيران على حلفائها العراقيين.


وأشار الموقع إلى أن محادثات فيينا النووية أثارت فزع الفصائل العراقية، التي تخشى أن يجري التضحية بها من جانب طهران، مقابل رفع العقوبات الأمريكية عنها، حيث بدأت إيران بمحادثات مع السعودية لتخفيف التوترات الإقليمية، خاصة في اليمن ولبنان.


ولهذا، يقول الموقع البريطاني؛ إن الفصائل المسلحة تسعى إلى المزيد من الاستقلالية، وصعّدت من هجماتها على القوات الأمريكية في العراق، في تعارض مع الأوامر الإيرانية.


ونقل الموقع عن مسؤول في إحدى الفصائل العراقية، أن الجنرال حيدر الأفغاني طلب نقله من العراق، وأنه "فعل ذلك لفشله في مهمته ورفض قادة عدد من الفصائل العراقية المسلحة تنفيذ أوامره". وأضاف أن "قادة الفصائل غاضبون جدا ويشعرون أنهم مجرد دمى (إيرانية)، في البداية يطلبون منهم الهجوم، ثم يطلبون منهم التزام التهدئة".

التعليقات (0)