صحافة دولية

من يحدد سياسة واشنطن الخارجية في إدارة الرئيس بايدن؟

يبدو أن الخلافات داخل إدارة بايدن أعمق من أن يتحكم بها الرئيس الذي يبدو أنه غير قادر جسديًا على إدارة جميع الملفات بنفسه- جيتي
يبدو أن الخلافات داخل إدارة بايدن أعمق من أن يتحكم بها الرئيس الذي يبدو أنه غير قادر جسديًا على إدارة جميع الملفات بنفسه- جيتي

نشر موقع "المركز الروسي الاستراتيجي للثقافات" تقريرا سلط فيه الضوء على توجهات السياسة الخارجية للولايات المتحدة في عهد الرئيس بايدن، في ظل الأزمة التي أُثيرت مؤخرا بشأن المزاعم عن تسريب وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري معلومات للإيرانيين عن الهجمات الإسرائيلية في سوريا.

وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه رغم نفي جون كيري صحة ما قاله وزير الخارجية الإيراني في التسريبات، فإن المسألة أثارت التساؤلات وكشفت حسب مراقبين عن وجود خلافات عميقة بين أعضاء الإدارة الأمريكية الحالية بشأن السياسات الخارجية.

بدأت بوادر تلك التناقضات بالظهور في أوائل نيسان/ أبريل الماضي، بعد لقاء كيري، الذي يشغل حاليا منصب المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون المناخ، مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الهند وإجراء محادثات ثنائية. ورغم إعلان الطرفين أن اللقاء لم يكن مخططا له مسبقا، غير أن الكثيرين شككوا في ذلك، لا سيما بعد دعوة بايدن نظيره الروسي لعقد قمة أمريكية روسية في دولة محايدة.

ومن غير المستبعد -حسب مراقبين- أن تكون المحادثة الهاتفية التي جمعت مؤخرا بين الرئيسين الأمريكي والروسي، قد تمت باقتراح من كيري الذي دعا في العديد من المناسبات إلى حوار بنّاء على صعيد العلاقات الدولية، ونجح في إيجاد أرضية مشتركة مع لافروف في العديد من القضايا، بما في ذلك النزاع في سوريا.

في المقابل، كان فرض الولايات المتحدة عقوبات على الديون الحكومية الروسية مباشرة بعد الدعوة التي وجهها بايدن لعقد قمة ثنائية مع بوتين، أمرا مثيرا للدهشة.

توجهات مختلفة

وحسب الموقع، فإن الزوبعة التي أثارها تقرير صحيفة نيويورك تايمز بشأن ما جاء في تسريبات وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، والتي أكد فيها أن جون كيري كشف له معلومات عن هجمات إسرائيلية ضد أهداف إيرانية في سوريا، تعكس رغبة أطراف في الإدارة الأمريكية لعرقلة مساعي كيري وجهوده على صعيد السياسة الخارجية.

ففي الوقت الذي يعمل فيه كيري وعدد من أعضاء الإدارة الأمريكية الحالية على تسوية الخلافات مع روسيا وتقريب وجهات النظر، يقف آخرون أمام هذا التوجه.


اقرأ أيضا : موقع أمريكي: بايدن يعتزم إرسال وفد لوقف التصعيد في غزة


ومن الأمثلة على وجود تلك التناقضات والخلافات داخل الإدارة الأمريكية، فقد نشر موقع "المجلس الأطلسي"، المقرب من الحزب الديمقراطي، أوائل شهر آذار/ مارس الماضي مقالًا بعنوان "مراجعة واقعية: فيما يتعلق بروسيا، يجب أن يكون التركيز على المصالح، لا على حقوق الإنسان"، وأكد مؤلفوه أنه من أجل تحقيق المصالح الأمريكية في الحوار مع موسكو، ينبغي اتباع نهج عقلاني. بعدها مباشرة، انتقد عدد من الباحثين في المجلس الأطلسي بشكل علني ما جاء في المقال.

وحسب الموقع الروسي، فإن كثيرين كانوا ينتظرون بعد انقضاء حقبة ترامب التي شهدت الكثير من الفوضى على صعيد السياسة الخارجية، أن تصبح الأمور أكثر وضوحا واتساقا في ظل إدارة بايدن، لكن يبدو أن الخلافات أعمق من أن يتحكم بها الرئيس الجديد الذي يبدو أنه غير قادر جسديًا على إدارة جميع الملفات بنفسه، ما يجعله يعتمد بشكل كبير على مستشاريه الذين يختلفون في التوجهات والأفكار.

من يرسم السياسة الخارجية في إدارة بايدن؟
ويُعتبر وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ومدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز، وبدرجة أقل جون كيري، الشخصيات الرئيسية في السياسة الخارجية ضمن الإدارة الحالية، ولا يُصنّف أي منهم في خانة الصقور.

على سبيل المثال، أكد كثير ممن عملوا مع بيرنز في وزارة الخارجية أنه يتميز بالقدرة على ضبط النفس والعمل ضمن الفريق. ويُعتبر بلينكن وسوليفان صديقين مقرّبين يتقاسمان الأفكار ذاتها تقريبا، ويختلفان عن هيلاري كلينتون وجون بولتون. 

في الحقيقة، يُعتبر هؤلاء، بما في ذلك جون كيري، من الدائرة المقربة للرئيس السابق باراك أوباما الذي عقد على سبيل المثال صفقة سرية لمنع توجيه ضربة عسكرية أمريكية ضد سوريا بعد استخدام النظام أسلحة كيميائية. وبما أن هؤلاء ليسوا من الصقور، من المسؤول إذا عن المواقف الأمريكية المتشددة خارجيا بعد رحيل ترامب؟

حسب تقارير إعلامية، فإن نائبة الرئيس كامالا هاريس هي المسؤولة عن ذلك التوجه، لا سيما أنها تتولى العديد من المهام بدلا من بايدن، ومنها إجراء مفاوضات مع عدد من القادة الأجانب. لكن الخبراء يرون أن ذلك مبالغ فيه، لأن العلاقات الخارجية ليست المجال الذي يمكن أن تُقحم فيه كامالا هاريس نفسها.

ويعتقد عدد من المراقبين أن إدارة بايدن مجرد واجهة يختفي وراءها صقور وزارة الخارجية الحقيقيين مثل فيكتوريا نولاند، التي يبدو أنها المسؤولة الأهم عن رسم السياسة الخارجية، وتلعب دورًا أهم بكثير من وزير الخارجية أنتوني بلينكن.

وحسب الموقع الروسي، فإن الإمبريالية الأمريكية التي حاول ترامب كبح جماحها، بدأت تعمل على استعادة نفوذها في ظل رئاسة جو بايدن، غير أن ظهورها يتجلى إلى حد الآن في بعض التصريحات، فيما لا تزال الإدارة الجديدة تنتهج سياسة ضبط النفس على صعيد العلاقات الدولية. 


التعليقات (0)