صحافة دولية

أويل برايس: هذا ما تحتاجه الاقتصادات النفطية بالشرق الأوسط

دول الخليج تحتاج أسعارا أعلى لبراميل النفط حتى لا تستدين أو تذهب للتقشف- جيتي
دول الخليج تحتاج أسعارا أعلى لبراميل النفط حتى لا تستدين أو تذهب للتقشف- جيتي

نشر موقع "أويل برايس" تقريرا للصحفية إيرينا سلاف، قالت فيه؛ إن شركات النفط الكبرى أعلنت عن نتائج قوية في الربع الأول بفضل الأسعار المرتفعة، ما قد يجعل بعض المساهمين يفكرون مرتين في أمر تحول الطاقة بالكامل. لكن ليس الجميع سعداء.

 

وأوضحت أنه على الرغم من التحسن الملحوظ في الأسعار القياسية في الأشهر الأخيرة، من المتوقع أن يظل منتجو النفط في الشرق الأوسط في المنطقة الحمراء هذا العام.

وقالت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني في تقرير جديد هذا الأسبوع؛ إن أبو ظبي وقطر هما الاستثناءان الوحيدان اللذان قد يحققان فوائض في الميزانية. ومع ذلك، ستستمر اقتصادات النفط الأخرى في معاناتها من العجز؛ لأن الأسعار ليست مرتفعة بما يكفي بالنسبة لها حتى الآن.

وقالت وكالة التصنيف: "تظهر نقطة التعادل المرتفعة لأسعار النفط حجم تحدي إصلاح المالية العامة، وتظل في الغالب أعلى بكثير من أسعار النفط الحالية أو المتوقعة"، مشيرة إلى أنها تتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 58 دولارا للبرميل هذا العام، و53 دولارا فما فوق على المدى الطويل.

وهذه أخبار سيئة لجميع اقتصادات الخليج تقريبا. وقالت فيتش؛ إن البحرين بحاجة إلى أن يباع خام برنت بسعر 100 دولار لتحقق التعادل. وتحتاج الكويت إلى أكثر من 80 دولارا للبرميل. وتحتاج السعودية، أكبر منتج خليجي، لأن يصل سعر خام برنت لحوالي 70 دولارا لموازنة ميزانيتها 2021-2022.

ولا شيء من هذا ينبغي أن يكون مفاجئا، فقد أصبح مدى صعوبة التنويع الاقتصادي لدول الخليج المعتمدة على النفط واضحا خلال أزمة صناعة النفط السابقة. في ذلك الوقت، اضطرت حكومات هذه الدول إلى اتخاذ إجراءات تقشفية لمواجهة الأزمة، ومحاولة إجراء بعض الإصلاحات، التي قوبلت بمعارضة شعبية قوية.

الآن، بعد أقل من خمس سنوات، أصبحت اقتصادات الخليج مرة أخرى في الموقف ذاته: فهي بحاجة إلى إصلاح اقتصاداتها وجعلها أقل اعتمادا. لكنهم بحاجة إلى عائدات النفط للقيام بذلك. الخيار الآخر الوحيد هو التقشف الشديد، الذي لن تخاطر به أي حكومة في المنطقة.

ونتيجة لذلك، قامت اقتصادات الخليج بالاستدانة بشكل كبير عن طريق إصدار السندات المالية إلى جانب مبيعات الأصول. وفي تموز/ يوليو من العام الماضي، في ذروة الموجة الأولى من الوباء، قالت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيفات الائتمانية؛ إن دول الخليج العربي من المرجح أن تكدس ما يصل إلى 490 مليار دولار في عجز الميزانية بحلول عام 2023.

وجاءت التوقعات بعد أيام من إصدار صندوق النقد الدولي، توقعا بأن إيرادات منتجي النفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد تشهد تراجعا مقداره 270 مليار دولار بنهاية عام 2020.

 

وقال مسؤول بالصندوق في ذلك الوقت؛ إن اقتصاديات المنتجين الخليجيين وحدها يمكن أن تتقلص بنسبة 7.6% في عام 2020. وكان ذلك حينها. أما الآن، لدى صندوق النقد الدولي نظرة أكثر إشراقا لاقتصادات الخليج. هذا بفضل الآفاق المحسّنة للاقتصاد العالمي.

 

ومع ذلك، لا يوجد شيء ثابت؛ حيث إن الوضع مع الوباء لا يزال متغيرا تماما. ويتوقع الصندوق نموا بين 0.7% للكويت و 3.1% للإمارات. ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد السعودي، وفقا لصندوق النقد الدولي، بنسبة 2.9% هذا العام.

سيكون النمو تغييرا مرحبا به عن الانكماشات التي حدثت في العام الماضي، ومكافأة مستحقة على جميع الإجراءات التي اتخذتها الحكومات في الخليج لدعم مواردها المالية. كانت التخفيضات الضريبية وخفض الإنفاق من بين أقل التخفيضات شعبية، وكان هناك الكثير من الاستدانة الرسمية في الخليج. بحلول تشرين الثاني/ نوفمبر2020، استدانت الدول الست حوالي 100 مليار دولار، محطمة بذلك الرقم القياسي السابق الذي سجلته قبل عام واحد فقط.

إلى جانب الديون، لجأت الحكومات الخليجية، من خلال شركات النفط المملوكة للدولة، إلى إدراج بعض الشركات ومبيعات الأصول. وقالت أدنوك في أبوظبي في وقت سابق من هذا الشهر؛ إنها تعتزم إدراج أعمال الحفر الخاصة بها في البورصة المحلية، وأعلنت أرامكو السعودية عن صفقة لبيع 49% من أعمال خطوط الأنابيب الخاصة بها إلى تحالف شركات بقيادة "إي آي جي غلوبال إنيرجي بارتنرز".

في غضون ذلك، لم ترتفع الأسعار إلى أعلى، ما يجعل عمل اقتصادات الخليج أكثر صعوبة. من الواضح للجميع أنه من أجل التنويع بعيدا عن النفط، فإن هذه الاقتصادات بحاجة إلى عائدات نفطية أعلى. ما يمكن اعتباره حلقة مفرغة، هو السبب في أن جهودهم في التنويع حققت نجاحا متباينا حتى الآن. وما لم تنتعش الأسعار بقوة، ستستمر هذه الاقتصادات في الدوران في هذه الدائرة.

 

فرص حدوث ذلك ضئيلة. مع ارتفاع عدد الإصابات بكوفيد-19 في الهند -ثالث أكبر مستهلك في العالم ومستورد رئيسي للنفط-، ومع زيادة المعروض في السوق من أوبك، بما في ذلك المنتجون الخليجيون، فمن المرجح أن تظل المعايير مقيدة بالنطاق. لسوء الحظ بالنسبة لاقتصادات الخليج، فإن هذا النطاق أقل مما يحتاجه معظمهم لتغطية نفقات الميزانية.


قد يعني هذا المزيد من الديون والمزيد من مبيعات الأصول، وربما المزيد من الإجراءات التي تحظى بالشعبية بين السكان.

 

ومن المفترض أن يساعد ذلك على المدى القصير، ولكن على المدى الطويل، يظل التنويع هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق، لا سيما في سياق عالم يمر بمرحلة تحول الطاقة، الذي سيشهد تراجع الطلب على سلعتهم التصديرية الرئيسية. السؤال المطروح هو ما إذا كانت الحكومات الخليجية ستمتلك الإمكانيات الكافية للمضي قدما في خطط التنويع الناجمة عن الأزمات.

التعليقات (0)