صحافة دولية

MEE: كيف أثّرت الإسلاموفوبيا الغربية على أنحاء أخرى من العالم؟

البدء بجملة "الأغلبية المسلمة"، خاصة عند وصف الأمور السلبية التي تنسب للمسلمين، أمر شائع في وسائل الإعلام- جيتي
البدء بجملة "الأغلبية المسلمة"، خاصة عند وصف الأمور السلبية التي تنسب للمسلمين، أمر شائع في وسائل الإعلام- جيتي

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني مقال رأي للكاتب عرفان أحمد تحدث فيه عن كيفية انتشار مفهوم الإسلاموفوبيا الغربية في دول الجنوب من العالم بشكل خاص.

وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن الإسلاموفوبيا في الغرب والجنوب العالمي تعمل بالترابط وليس بشكل منفصل. وفي هذا السياق، وقع تأطير التغطية الإعلامية لفيديو حديث انتشر على نطاق واسع يظهر فيه طالب في بنغلاديش وهو يتعرض للضرب بطريقة تستهدف المؤسسات الدينية والتعليمية للمسلمين.

وأشار الكاتب إلى أن الإسلام وُظّف كعامل توضيحي، مما أدى إلى ظهور خطاب يوصف فيه المسلمون بالبرابرة من قبل النخب الحاكمة في كل من دول الجنوب والغرب. حتى يسود هذا الخطاب، تمارس وسائل الإعلام التعتيم على ممارسات الضرب في المؤسسات الهندوسية أو المسيحية أو غيرها، وتمحي العوامل غير الدينية مثل بيداغوجيات التدريس التي عفا عليها الزمن.

وذكر الكاتب أن تقرير إذاعة "دويتشه فيله" بعنوان "طلاب المدارس في جنوب آسيا يواجهون عقابا جسديا واسع النطاق" نشر تعميمات كاسحة نموذجية لهذا النوع من التغطية. فلا يقدم التقرير أي بيانات لدعم حجته المركزية، واقتصر على استطلاع "لم يحدد نسبة العقوبات بين المدارس الحكومية والمدارس الدينية".

إذن ما هو الأساس المنطقي للتركيز على الضرب في المدارس الدينية وحدها؟ مع تقدم التقرير، يتضح أن هذا التعميم يهدف إلى شيطنة الإسلام والمدارس الدينية، وهي عملية بدأت مع صعود طالبان في أفغانستان وتسارعت بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر. يركز المقال على ربط ممارسة الضرب بالإسلام والمدارس الدينية، مؤكدا أن "الآباء المسلمين" هم من يذهب أطفالهم إلى المدارس الدينية.

ومن خلال تركيزه الأساسي على السبب الديني للعقوبة، أطلق التقرير مرارا وتكرارا على معلمي المدرسة الدينية لقب "رجال الدين". لكن هذا التأويل خاطئ، إذ يقوم معلمو المدرسة الدينية أيضا بتدريس اللغات، بما في ذلك اللغة الإنجليزية والمواد "الحديثة" مثل الرياضيات، وليسوا "رجال دين". في المقابل، تصوّر وسائل الإعلام الشخصيات الدينية الهندوسية رغم تطرفها على أنهم معلمون "روحيون". وعلى نفس المنوال، يصف تقرير "دويتشه فيله" بنغلاديش بأنها "دولة ذات أغلبية مسلمة"، بينما تغاضى عن وصف الهند بأنها "دولة ذات أغلبية هندوسية".

 

اقرأ أيضا: إندبندنت: المسلمات في سويسرا خائفات من زيادة الإسلاموفوبيا

اتجاه أوسع

أوضح الكاتب أن تصوير المسلمين بمصطلحات دينية خالصة هو جزء من اتجاه أوسع. في السنة الماضية، وصفت صحيفة "الغارديان" الجامعة الملية الإسلامية بأنها جامعة "دلهي ذات الأغلبية المسلمة". لكنها لم تصف جامعة باناراس الهندوسية بأنها ذات أغلبية هندوسية.

يمكن التسامح مع مثل هذا التأطير في بلد معروف على نطاق واسع بأنه ذو أغلبية هندوسية، لكن هذه الأمثلة تتضاعف. إن البدء بجملة "الأغلبية المسلمة"، خاصة عند وصف الأمور السلبية التي تنسب للمسلمين، أمر شائع في وسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية على حد سواء. لقد وصفت قصة لقناة الجزيرة عن ماليزي مسجون "لإهانة الإسلام" ماليزيا بأنها "دولة ذات أغلبية مسلمة". ووفقا لصحيفة الإندبندنت، فإن جزيرة لامو الكينية "ذات أغلبية مسلمة"، لكن كينيا نفسها لا توصف بأنها "ذات أغلبية مسيحية".

عندما يتعلق الأمر بالهندوس، تتعارض هذه الممارسة مع تجريد بعض القضايا من طبيعتها الدينية، وحتى الدينية منها على وجه التحديد. وخير مثال على ذلك تغطية الحظر المفروض على لحوم البقر، أو العنف الذي تم إطلاقه من أجل "حماية" الأبقار التي تعتبر مقدسة في الديانة الهندوسية. في وسائل الإعلام الغربية، يقع التغاضي عن عمليات القتل خارج نطاق القانون بدافع ديني بسبب ادعاءات بذبح الأبقار، أو يقع وصفها بأنها عمليات "علمانية".

سلاح المصادقة

لكسب المصداقية، يُوظف سلاح المصادقة من الداخل باستخدام اقتباسات من المسلمين أنفسهم لتبرير هذه التغطية الإعلامية غير المحايدة. لكن المتخصصين في الإعلام يجادلون بأن الاقتباسات المختارة تميل إلى تأكيد نظريات المراسلين السابقة. كما أن الكتابات التي تحط من قدر الإسلام بقلم مراسلين على غرار آيان هيرسي علي وإرشاد منجي وسلمان رشدي وتسليمة نسرين وآخرين تعمل إلى حد كبير كأصوات مصادقة من الداخل.

ويرى الكاتب أن إحدى طرق مكافحة السرد العالمي الموحد المتعلق بالإسلاموفوبيا تتمثل في التأكيد على العوامل المتعددة المسؤولة عن أفعال مثل ضرب الطالب في بنغلاديش، بما في ذلك الثقافة المحلية وعدم التناسق الاجتماعي والاقتصادي.

يجب التوضيح أن السبب الجذري للضرب ليس الدين، وإنما الفكرة فوق الدينية التي تقول إن التعلم يكون عن طريق الحفظ؛ وأن الفشل في الحفظ يؤدي إلى الضرب، وهي ممارسة منتشرة في المدارس الحكومية الهندوسية والمسيحية والحديثة و"العلمانية" في جميع أنحاء الهند، حيث يكون معظم المعلمين والطلاب من الهندوس.

وأضاف الكاتب أن الإساءة ضد الأطفال تحدث أيضا لأن معظم الآباء الفقراء والأميين وشبه المتعلمين الذين يرسلون أطفالهم للحصول على تعليم مجاني لا يمكنهم مساءلة إدارات المدرسة. لوقف الممارسة البربرية لضرب الأطفال، فإن مجرد وضع القوانين لن يكون كافيا. يجب أن تكون الإصلاحات داخلية وخارجية. يعد الوعي بحقوق الأطفال والتمكين الاجتماعي والاقتصادي للآباء والأمهات الذين يرتاد أطفالهم المدارس الدينية أمرا حيويا. دون ذلك، لن يتمكن الآباء من مساءلة سلطات المدرسة.
 

التعليقات (0)