حقوق وحريات

قلق على صحة صحفيين محتجزين مضربين عن الطعام في المغرب

سليمان الريسوني وعمر الراضي في إضراب جوع داخل السجن للمطالبة بالإفراج عنهما  (الأورومتوسطي)
سليمان الريسوني وعمر الراضي في إضراب جوع داخل السجن للمطالبة بالإفراج عنهما (الأورومتوسطي)

أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ إزاء استمرار السلطات المغربية في احتجاز الصحفيين عمر الراضي وسليمان الريسوني في سجن عكاشة بالدار البيضاء، وإعلانهما أخيرًا إضرابًا عن الطعام حتى إطلاق سراحهما. 

وذكر المرصد الحقوقي الأوروبي ومقرّه جنيف في بيانٍ صحفيٍ اليوم، أرسل نسخة منه لـ "عربي21"، أن "المدعي العام للمحكمة الابتدائية في الدار البيضاء كان قد أوقف عمر الراضي، رئيس مجلة "لوديسك" بتاريخ 29 يوليو/تموز 2020، بعد أن استُدعي لأكثر من ثماني مرات خلال 5 أسابيع استُجوب فيها لما يقارب 100 ساعة، بسبب تهم تتعلق بالاشتباه بتمويل أجنبي له صلة بمجموعات استخباراتية خارجية، والاعتداء الجنسي على زميلة له تعمل في المجلة، بعد أن ادعت أنه اعتدى عليها ليلة 12 يوليو/تموز 2020.

أما سليمان الريسوني، وهو رئيس تحرير صحيفة أخبار اليوم، فكان اعتُقل بتاريخ 22 أيار (مايو) 2020، عندما أوقفته عناصر أمنية بزي مدني أمام بيته بالدار البيضاء بتهمة الاعتداء الجنسي، بعد أن ادعى رجل أنه اعتدى عليه قبل عامين عبر "حساب وهمي" على موقع فيسبوك، ودون أن يوجه المدعي أية شكاية رسمية بحق الريسوني.

وأشار الأورومتوسطي إلى أنّ الصحفيين ما يزالان قيد الاعتقال الاحتياطي منذ تلك اللحظة، ما دفعهما إلى الإضراب عن الطعام منذ يوم الخميس الماضي 8 نيسان (أبريل) الجاري، خاصةً بعد أن رفضت المحكمة الالتماسات العديدة التي تقدم بها دفاعهما من أجل إطلاق سراحهما بشكلٍ مؤقت، كونهما يمتلكان جميع ضمانات وشروط الحضور للمحاكمة.  

وذكر المرصد الأورومتوسطي أنه تلقى معلومات تفيد بانقطاع التواصل المباشر بين المحتجزين وعائلاتهما منذ عدة أيام، إذ أصبحت الطريقة الوحيدة للتواصل معهم هي عبر هيئة دفاعهم.

ووفق ذات المعلومات، فقد عزلت إدارة السجن الصحفيين انفراديًا، وأبقت زنزانتيهما مغلقتين طوال النهار، في محاولة على ما يبدو للضغط النفسي عليهما، وإجبارهما على التراجع عن الإضراب عن الطعام.

والصحفيان المحتجزان معروفان بانتقادهما لسجل حقوق الإنسان في المغرب، إذ حُكم على "راضي" سابقًا في آذار (مارس) 2020 بالسجن لمدة أربعة أشهر، بسبب تغريدة له كان قد انتقد فيها إجراءات المحاكمة الجائرة لنشطاء حراك الريف وسجنهم، في حين أن "الريسوني" يُعرف عنه كتابة مقالات وآراء ناقدة للسلطات المغربية. 

ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ السنوات الأخيرة شهدت تصاعدًا في القضايا المتعلقة بالجرائم الجنسية المرفوعة على منتقدي السلطات المغربية من صحفيين ونشطاء مستقلين، إذ حاكمت السلطات في 2015 الصحفي الاستقصائي "هشام المنصوري" بتهمة الزنا، ووجهت للصحفي "توفيق بوعشرين" في عام 2019 تهمة الاعتداء الجنسي على العديد من النساء، وأصدرت حكماً في عام 2019 على الصحفية "هاجر الريسوني" بالسجن لمدة عام بتهمة ممارسة الجنس خارج إطار الزواج.

بدوره، قال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي "عمر العجلوني": "إن كانت التهم الموجهة للصحفيين بالاعتداء الجنسي صحيحة، فإن على السلطات المغربية التحقيق فيها بشكلٍ عاجلٍ وضمان المحاكمة العادلة عوضًا عن إبقاء الصحفيين في الحبس الاحتياطي لمدة غير محددة الأجل".

وأضاف "العجلوني" أنّ إبقاء الصحفيين في الحبس الاحتياطي بهذا الشكل يشكك في صحة الادعاءات الموجهة إليهم، مؤكدًا على أن المغرب مطالب بالعمل على احترام المبادئ الدستورية التي كفلت للصحفيين أداء واجبهم المهني دون أية مضايقات.

وأشار العجلوني إلى أنّ الاعتقال الاحتياطي في القضايا الجنحية لا يجوز أن يتجاوز مدة الشهر، فيما لا يمكن تمديده سوى لمرتين ولنفس المدة بمقتضى أمر قضائي بناءً على طلب النيابة العامة المدعم بالأسباب، وفقًا للمادة (176) من قانون المسطرة الجنائية المغربي. أما في حالة القضايا الجنائية، فإنه لا يمكن أن تتجاوز مدة الاعتقال الاحتياطي الشهرين، وتُجدد في حدود خمس مرات حال عدم اتخاذ قاضي التحقيق أمرًا بانتهاء التحقيق خلال تلك المدة، وفقًا للمادة (177) من قانون المسطرة الجنائية. وفي حال عدم اتخاذ قاضي التحقيق أمرًا خلال تلك المدد، فإنه يطلق سراح المتهمين في القضايا الجنحية أو الجنائية بقوة القانون مع استمرار التحقيق.

ودعا المرصد الحقوقي الأوروبي السلطات المغربية إلى التحقيق في صحة التهم الموجهة إلى الصحفيين بشكلٍ محايد ومستقل، وتجنب احتجازهم لفترات طويلة غير محددة الأجل.

وحث المرصد الأورومتوسطي السلطات على اتخاذ إجراءات جادة وعاجلة لوقف تدهور وضع الحريات الصحفية في البلاد وحرية التعبير بشكلٍ عام، وضرورة تأمين مناخ آمن ومريح لممارسة الحق في التعبير المكفول محلياً ودولياً.

 

إقرأ أيضا: مخاوف في المغرب على حياة إعلامي معتقل مضرب عن الطعام


التعليقات (0)