صحافة دولية

NYT: خطة حكومة جونسون للهجرة "شريرة للغاية"

في تشرين الثاني تفاخر موقع الحكومة بأنه على الرغم من الوباء، كانت هناك أكثر من 20 رحلة ترحيل خلال العام- جيتي
في تشرين الثاني تفاخر موقع الحكومة بأنه على الرغم من الوباء، كانت هناك أكثر من 20 رحلة ترحيل خلال العام- جيتي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للباحثة الأكاديمية في جامعة "شيفيلد" البريطانية، مايا غودفالو، تحدثت فيه خطة لدى لندن في ملف الهجرة.

 

ووصفت "غودفالو"، في مقالها الذي ترجمته "عربي21"، الخطة التي قدمتها وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتيل، مؤخرا، بأنها "شريرة للغاية".

 

وبموجب الخطة، سيتم الترحيب فقط بالذين يأتون من خلال برامج إعادة التوطين، والذين يمثلون أقل من 1 بالمئة من اللاجئين على مستوى العالم.

 

وبحسبها، فإن أي مهاجر آخر إلى بريطانيا سيُجبر على القيام برحلات خطيرة تهدد حياته، سيتم وصفه بأنه "غير قانوني"، ويعاقب بشدة.

 

وسيتم منع المهاجرين "غير القانونيين" من الحصول على دعم الدولة الرئيسي، مع تناقص حقوق لم شمل الأسرة، كما سيكونون عرضة بشكل دائم للترحيل، حتى لو تم منحهم حق اللجوء.


واستغرق إعداد هذه المقترحات القاسية -التي يرى البعض أنها قد تتعارض مع اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951- عدة أشهر.

 

وأفادت الأنباء العام الماضي بأن باتيل أثارت إمكانية إرسال طالبي لجوء إلى جزر في جنوب المحيط الأطلسي، وفكرت في نشر القوات البحرية؛ لمنع المهاجرين من الوصول إلى شواطئ بريطانيا.

 

وتعكس خطتها، اللاإنسانية والخاطئة، وفق الكاتبة؛ صورة لكيفية تعامل الحكومة البريطانية مع المهاجرين واللاجئين.


لكن هذه القسوة تذهب إلى أبعد من عملية اللجوء، وفق "غودفالو"؛ فمنذ أن تولت حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون السلطة في كانون الأول/ ديسمبر 2019، ووعدت بـ "إنهاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي"، سعت إلى إقامة نظام أكثر صرامة وعقابا للهجرة ومراقبة الحدود.

 

وباسم السيادة البريطانية، فقد أغرقت حكمها بـ"السلطوية المناهضة للمهاجرين".


ومنذ انتخابها، أعلنت الحكومة عزمها على إعادة تشكيل نظام الهجرة. وفي 1 كانون الثاني/ يناير، دخل نظامها الجديد القائم على النقاط حيز التنفيذ.

 

وعلى الرغم من كل الحديث عن الإصلاح، فإن القواعد الجديدة توسع من نواح كثيرة من المعاملة الظالمة التي عانى منها المهاجرون من خارج الاتحاد الأوروبي، لتشمل أولئك القادمين منه، حيث يخضعون لرسوم الهجرة المرتفعة للغاية، ويحرمون من دعم الدولة الأساسي، ويجبرون على الدفع كل عام لاستخدام خدمات الصحة الوطنية.


لكن النظام يقدم ميزات جديدة، مثل منح "النقاط" التي يجب أن يحصل عليها المتقدمون الراغبون بالمجيء إلى بريطانيا، وبعضها إلزامي، مثل 20 نقطة لعرض عمل من راعي معتمد من الحكومة، فيما البعض الآخر اختياري، مثل 10 نقاط لدرجة الدكتوراه في مجال ذي صلة بالوظيفة.

 

وتجعل القواعد الجديدة الدخول إلى البلد مشروطا بدخل المهاجر (بحد أدنى 25600 جنيه إسترليني سنويا، حوالي 35000 دولار أمريكي، مع بعض الاستثناءات) ومهاراته. وبحسب هذه الخطة يتم استبعاد العمال ذوي الأجور المنخفضة بشكل فعال.

 

وإلى جانب زيادة صعوبة الهجرة بأمان إلى بريطانيا، يعامل النظام الجديد المهاجرين على أنهم مجرد سلع يمكن التخلص منها.

 

اقرأ أيضا: تعليق لجونسون حول اللقاح قد يهدد طرحه ببريطانيا.. تراجع عنه

 

وتشير الكاتبة إلى أن هذا "النهج اللاإنساني والقاسي" ظهر خلال العام الماضي، ففي بداية الجائحة، تقدمت مجموعة من المنظمات للحكومة بخريطة طريق واضحة لضمان حماية جميع المهاجرين، بغض النظر عن وضعهم، من الفيروس، بما في ذلك من خلال الوصول إلى الرعاية الصحية والخدمات العامة الأخرى.

 

ولكن، لم تستمع الحكومة، وقام الوزراء ببعض التغييرات، لكنهم أبقوا النظام على حاله إلى حد كبير.

 

وبالمثل، بعد ضغوط من النشطاء، أطلقت الحكومة سراح العديد من الأشخاص من مراكز احتجاز المهاجرين، لكنها أبقت البعض محتجزا، واستمرت في احتجاز آلاف آخرين، على الرغم من تفشي فيروس كوفيد-19 المبلغ عنه في عدد من المرافق.


وبينما حذرت الحكومة من السفر الدولي، استمرت في رحلات الترحيل، ما أدى إلى ابتعاد الناس عن عائلاتهم وأحبائهم.

 

أوسيم براون، البالغ من العمر 22 عاما، والذي يعاني من التوحد وصعوبات التعلم، يواجه الترحيل إلى جامايكا، وهي دولة بالكاد يعرفها، بعد أن انتقل إلى بريطانيا عندما كان في الرابعة من عمره، قالت والدته: "إذا تم ترحيله فسوف يموت".

 

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر، تفاخر موقع الحكومة على الإنترنت بأنه على الرغم من الوباء، كانت هناك أكثر من 20 رحلة ترحيل خلال العام.


كما رفضت حكومة  جونسون تعليق سياسات "البيئة المعادية"، التي تتألف من مجموعة كبيرة من ضوابط الهجرة يُحرم من خلالها الأشخاص الذين ليس لديهم وثائق من الحصول على الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والإسكان. وحتى الوباء القاتل، لم يتمكن من أن يفطم الحكومة عن مراكز الاحتجاز، ورحلات الترحيل، والقسوة البيروقراطية والعنصرية المؤسسية التي تشكل نظام الهجرة البريطاني.


لقد كانت التأثير على البشر مروعا. فدون شبكة أمان، كان على العديد من المهاجرين غير المسجلين الاختيار بين احتمالية الإصابة بالفيروس في العمل أو أن يصبحوا معدمين. قال 43 بالمئة من المهاجرين الذين شملهم استطلاع قام به المجلس المشترك لرعاية المهاجرين، بين كانون الأول/ ديسمبر وكانون الثاني/ يناير، إنهم سيخشون طلب الرعاية الصحية إذا أصيبوا بالمرض أثناء الوباء، ووصلت هذه النسبة إلى 56 بالمئة للمهاجرين من آسيا و60 بالمئة للمهاجرين من أفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي.


وبالنسبة لرجل فلبيني معروف فقط باسم إلفيس، وهو عامل نظافة عاش في بريطانيا لأكثر من عقد من الزمان، كانت هذه مسألة حياة أو موت. ومع عدم وجود وثائق، كان خائفا جدا من طلب المشورة الطبية عندما أصيب بحمى وسعال في نيسان/ أبريل 2020 خلال أول إغلاق في البلاد.

 

وبعد أن مرض لمدة أسبوعين، توفي في المنزل.


لقد تركت حكومة جونسون المهاجرين، وخاصة الملونين منهم، عرضة للمرض. لكن لا فائدة من إدانة النظام الحالي دون فهم أنه مبني على عقود من الوحشية.

 

والتاريخ البريطاني، بحسب الكاتبة، مليء بالتشريعات، مثل قانون الكومنولث للمهاجرين لعام 1968، والذي يهدف إلى زيادة صعوبة وصول الأشخاص الملونين إلى البلاد.


وعلى مدى عقود، ظل السياسيون البريطانيون من جميع المشارب يتسترون على أسباب تنقل الناس، بينما يلومون المهاجرين خطأ على أي شيء تقريبا يمكن أن يخطر ببالهم، من الأجور المنخفضة إلى الخدمات الصحية الوطنية التي تعاني من نقص التمويل.

 

وحتى الاقتراحات الأخيرة تعتمد على الرقم العنصري لـ"طالب اللجوء الزائف"، الذي انتشر خلال حكومة حزب العمال الجديد برئاسة رئيس الوزراء الأسبق توني بلير، حيث جعلت قواعد اللجوء أكثر صرامة وقسوة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.


إن حكومة جونسون، بحسب الكاتبة، هي وريثة عقود من الخطاب المناهض للمهاجرين.

 

ومع عقدها العزم على الوفاء بالوعد الوطني بالخروج من الاتحاد الأوروبي، فإن جونسون يأخذ الأمور إلى المستوى التالي، مع عواقب إنسانية مدمرة.


وتختم الكاتبة بالقول: صحيح أن لدى بريطانيا مشكلة هجرة، ولكن ليست المشكلة في الأشخاص الذين يأتون إلى البلاد، ولكن في الأشخاص الذين يحكمونها.

التعليقات (0)